فؤاد السودي: انتظارُ الجسر الطبي أصابني بالفشل الكلوي
المسرة| تقرير| يحيى قاسم المدار
بانتظارِ الإنسانية المزعومة للأمم المتحدة التي توزِّعُ الوهمَ للشعوب المستضعَفة، هنا في اليمن مَن لا يزالُ يراقبُ عن كَثَبٍ المكرمةَ الإنسانيةَ، بل الخديعة أَو قل فضيحة الجسر الطبي الذي وعدت به الأممُ المتحدة عشراتِ المرضى الذين اعتبروا ذلك بمثابةِ حبل النجاة الوحيد للعلاج والخلاص من أمراض متعدّدة تفتكُ بأجسامهم، وقد يعتبرُها بعضُهم بمثابة رصاصة الرحمة من قوى العدوان التي مارست القتلَ والإبادةَ بحق أبناء الشعب اليمني طيلة الخمس سنوات، لكن ذلك لم يحدث ولن يحدث؛ بسَببِ تعنت وصلف وعنجهية ذلك العدوّ الذي يتلذذُ بأشلاء الأطفال وهي بين الشجر والحجر فكيف له أن يكون في يوم من الأيّام منقذاً لحياة إنسان يمني طلب العيش بعزة وكرامة وهو ما لم يرق لقوى الشر والاستبداد التي صَبَّت على رؤوس اليمنيين صنوف العذاب من مختلف أنواع الأسلحة حتى المحرّمة منها..
تقفُ تلك المنظمة وهيئاتُها عاجزةً أمام ما يمارَسُ بحق أبناء اليمن قتلاً وحصاراً من البر والبحر والجو، وهي غيرُ قادرة على فعل شيء إلا تسويق الوهم..
آلافُ المرضى يموتون في اليمن، كما تؤكّـدُ الأممُ المتحدةُ نفسُها بأن شخصاً أَو طفلاً يموت كُـلّ عشر دقائق في اليمن؛ بسَببِ العدوان والحصار ونقص العلاجات والغذاء لليمنيين، لكن ذلك فقط لجباية المانحين وتخمة المنظمات التي تدّعي إنسانيتها كذباً وزوراً، ومن بين أولئك الأمراض الذين هم بالآلاف اختارت الأمم المتحدة عبرَ منظمة الصحة العالمية خمسين مريضاً للسفر خارج البلاد، هم الأشد سوءاً في البلاد وفي أية لحظة قد يواجهون الموت المحقّق؛ بسَببِ تأخّرهم عن العلاج السريع، لكن ذلك لم يتم، وهنا وقعت المأساة وتفاقمت الحالات وازادت سوءاً..
في كُـلّ يوم يقفُ المريض فؤاد محمد السودي -من أبناء محافظة عمران-؛ للنظر من أمام نافذة غرفته، ليراقبَ طيرانَ الأمم المتحدة الذي يجوبُ الأجواءَ اليمنية ويفترشُ مطار صنعاء هبوطاً وصعوداً، منتظراً ومتوجساً لوصول بشارة خير تنقذه مما يعاني على فراش الموت الحقيقي، على سرير المرض الذي زاد من ألمه وأرهق جسمه، لكن لا مجيب ولا خبر من قريب أَو من بعيد، يحدثنا بحزن ووجع عن ذلك الشعور والوحشة التي يعيشهُا في غرفته بأحد مستشفيات العاصمة بعد وصوله من محافظة عمران إلى صنعاءَ بعد أن تم الاتصال به للسفر إلى الخارج قبل شهرين.
المريض فؤاد السودي مصابٌ بورم في الغُدة الدرقية وفي الرأس وفي البطن، ومع ذلك كله بدأت المعاناة المصاعب، يقول: بدأت بأخذ العلاجات باستمرار؛ للتخفيف من تلك الآلام وكلها مهدئات ومسكنات، وبعدها تزايد الألم والوجع وزادت الأورام وانتفختُ أكثرَ، فقرّر الأطباء ضرورةَ الخروج للعلاج خارجَ البلاد؛ لأَنَّه لا توجد في اليمن الأدويةُ والأجهزة اللازمة لعلاج تلك الأورام؛ وبسَببِ منع العدوان وحصاره الظالم على مطار صنعاء والمنافذ كلها مغلقةٌ خلال هذه الفترة ومع بقائنا في صنعاء في الفندق حصلت لي حالةُ إغماء وتعب شديد ودوّخت بعده ما حسيت بنفسي إلا في المستشفى، أجريت لي فحوصاتٌ وكشافاتٌ، اكتشفت أنني مصاب بالفشل الكلوي، ما زاد المعاناة والتعب الشديد وهو مرضٌ فوق مرض، كُـلّ ذلك بسَببِ انتظارنا هنا في صنعاء للخروج..
وبابتسامة ممزوجة بالحياء يقول فؤاد: جيت من البلاد وما فيني إلا ورم ممكن نتعالج منها والآن فشل كلوي وتعب وعلاجات وغسيل كُـلّ ثاني يوم وفاتورة كبيرة والحالة كما يعلم الله صعبة وما بش قيمة هذه التكاليف، لو كان خرّجونا يوم ما طلعنا ما حصل لي هذا بكله، لكن خيرة الله أحسن من كُـلّ خيرة..
يضيفُ فؤاد: أنا أناشدُ العالَــمَ وكُــلَّ حيٍّ في العالم أن يساعدَنا في الخروج للعلاج؛ لأَنَّنا بحاجة ماسّة للعلاج أنا وغيري من الأمراض سوف نموت في أية لحظة ونحمل المسئولية الذين وعدونا بالخروج وطلعونا من البلاد؛ مِن أجل نسافر إلى الخارج.
الطبيبُ المعالجُ للمريض فؤاد يؤكّـد أن فؤاد قد جاء قبل سنوات للعلاج من الكلى؛ بسَببِ ورم فوق المثانة، والحمد لله فعلنا له العمليةَ، وأعطيناه دعاماتٍ وكل شيء تمام، حتى جاء فؤاد قبل أسبوع وهو مغمى عليه لا يعرف أحداً فقمنا باللازم وعرفنا بأن عنده فشلاً كلوياً وهو بحاجة ماسة لزراعة كلى، بعد أن كان في المرة السابقة ليس بحاجة لزراعة كلى، وكل ذلك بسَببِ تأخر سفر فؤاد للعلاج،وهو الأمر سبّب له الفشل الكلوي، وهو الآن بحاجة ماسة لزراعة كلى، وستتضاعف حالته أكثرَ وأكثر؛ بسَببِ التأخير عن السفر وبوجود أَيْـضاً مرض السرطان الذي ينهَشُ بقية جسمه.
ويناشِدُ الطبيبُ كُـلَّ أحرار العالم بلفتة إنسانية والنظر بعين الرحمة لهَؤلاء المرضى الذين تتضاعف أمراضُهم في اليمن، وممكن أن نشاهدُ ما هو أسوأ إذَا ما استمر بقاءُ هذه الحالات على ما هي عليه الآن، نؤكّـد للجميع أن ليس في اليمن ما ينقذ الحياة أَو حتى يخفّفَ من الآلام التي تلحق بهؤلاء المرضى، وندعو الأممَ المتحدةَ أن تفيَ بوعدها؛ مِن أَجلِ الجسر الطبي في أسرع وقت ممكن..
فؤادي السودي واحدٌ من بين خمسين مريضاً ينتظرون رحمةَ الخروج للعلاج بعد وعود منظمة الصحة العالمية التي وقّعت مع اليمن فتحَ جسر طبي إنساني من مطار صنعاء الدولي قبل أكثرَ من عام، لكنها إلى هذه اللحظة لم تفِ بذلك الوعد لهؤلاء المرضى الذين تتفاقم حالاتهم وتزداد سوءاً، وسنسمع ما هو أسوأ بحق هؤلاء المرضى، ونؤكّـد للعالم وكل من يملك ضميرا حياً بأن المريضَ اليمنيَّ هو الوحيد الذي لا يعالَجُ بهذا العالم، فهو لا يملك العلاجَ اللازمَ في الوطن، ولا يستطيعُ السفرَ للخارج، وكُلُّ ذلك بسَببِ الحصارِ الغاشم من قِبَلِ قوى العدوان ومرتزِقتهم مَن أجرموا بحق الشعب اليمني وقتلوه بل وتفننوا في قتله وتعذيبه..