التطبيع السعودي من الوهابية إلى “التهويد”: قرار إسرائيلي رسمي يسمح للصهاينة بـ “الحج والعمرة”
بعد أيام قليلة من قيام وفد سعودي بإحياء ذكرى “الهولوكوست” اليهودي المزعوم
المسيرة | خاص
استمرارا في تصاعد نشاط تطبيع العلاقات بين النظام السعودي والكيان الصهيوني، وبعد أيام قليلة من قيام وفد سعودي رسمي بإحياء ذكرى “الهولوكست” اليهودي المزعوم، أعلنت “تل أبيب”، أمس الأحد، عن إصدار قرار رسمي غير مسبوق، يسمح للصهاينة بزيارة الأراضي السعودية وعلى رأسها مكة والمدينة، في خطوة تم اعتبارُها “قفزة” في مسار التطبيع بين الكيانين، مع أنه قد سبق وسمحت المملكة لناشطين صهاينة بدخول الأماكن المقدسة، لكن هذه المرة يحمل الموضوعُ صفةً رسمية في إطار الخطوات الممهدة للإعلان الرسمي عن التطبيع الشامل.
وقالت وسائل إعلام صهيونية رسمية، أمس: إن وزيرَ داخلية الكيان الصهيوني، أرييه درعي، وقّع على قرار يسمح للإسرائيليين بزيارة السعودية، في سابقة هي الأولى على المستوى الرسمي، تأتي في سياق تسارع كبير للخطوات التطبيعية المعلنة.
وبحسب الإعلام الصهيوني، فإن القرارَ “سيسمح أيضاً للإسرائيليين بالسفر إلى السعودية لتأدية الشعائر الدينية في أثناء الحج والعمرة”، وهو ما جاء بمثابة مغالطة مفضوحة بالكامل، حاولت إيجاد بديل لجملة “السماح لليهود بدخول مكة والمدينة”، علما بأن ذلك محرم عليهم في الدين الإسلامي، الأمر الذي لا يعتبر فقط إعلانا رسميا عن التطبيع، بل هو تجاوز صارخ ووقح من قبل النظام السعودي لكل ثوابت الدين الإسلامي، وبشكل متعمد لإلغاء كل ما يحرم هذه العلاقة الفاضحة، ولتغييب الهُوية الإسلامية للأماكن المقدسة.
الموافقة السعودية المعلنة على القرار الإسرائيلي جاءت في الواقع قبل أيام، وتحديدا الخميسَ الفائت، عندما قام أمين عام ما يُسمّى رابطة العالم الإسلامي، ووزير العدل السعودي السابق، بتأدية “صلاة جماعة” على أرواح ما أسموهم “ضحايا” الهولوكوست السعودي المزعوم، في أحد المعسكرات النازية في بولندا، وهي خطوة قابلها الكيانُ الصهيوني بترحيب واسع.
“صلاة” الوفد السعودي في ذلك المحراب الصهيوني، كانت بمثابة إعلان عن دخول مرحلة جديدة من إعلانِ التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وهو ما صادق عليه قرار الكيان الأخير بشكل سريع، ليبدو الأمر وكأنه تبادل أدوار فقط لإعلان التطبيع الرسمي الشامل.
وكان ناطقُ أنصار الله، محمد عبد السلام، قد أدان ما قام به الوفد السعودي، ووصفه بأنه خطوة للتطبيع باسم الإسلام، وهو ما أكده أيضاً قرارُ الكيان الصهيوني الذي تعمد ذكر “الحج والعمرة”، بعد أن استخدمت الخطوة التي سبقتها بأيام قليلة “الصلاة”، في ما يبدو بوضوح أنه توجه ليس فقط لإعلان التطبيع السياسي وتكريسه، بل أيضاً لإضفاء “شرعية” إسلامية عليه، الأمر الذي يعتبر “تهويدا” واضحا لهُوية المنطقة والأماكن المقدسة.
هذه الخطوات الجديدة والمتسارعة تأتي في سياق متصل من الخطوات التطبيعية التي تزداد “رسميتها” يوما بعد يوم، وبحرص شديد على إعلانها من قبل الطرفين، السعودي والإسرائيلي، وتنضم إليهما أيضاً الإمارات التي ما فتئ وزير خارجيتها، عبد الله بن زايد، يطلق التصريحات تلو التصريحات، مؤكدا “ضرورة” التعايش مع “إسرائيل” بل والتحالف معها.
وكان رئيسُ وزار كيان العدو، بنيامين نتنياهو، قد جدّد، قبل أسبوع، الحديث عن توقيع “اتفاقيات سلام” مع عدد من الدول العربية؛ من أجل تنفيذ مشروع “صفقة ترامب” التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية تماما.
والحقيقة أن هذه ليست المرة الأولى التي “يسمح” فيها للصهاينة بدخول الأراضي السعودية والأماكن المقدسة فيها، إذ سبق ونشر ناشطون إسرائيليون صورا لهم في مكة والمدينة، وأمس الأول، بثت القناة 12 العبرية، تقريرا متلفزا ظهر فيه مراسلُها وهو يتجول داخل أراضي السعودية.
ويأتي كلُّ هذا في ظل نشاط خليجي تسارع بشكل ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة، شهد زيارات مكثفة للصهاينة إلى دول الخليج، وزيارات أخرى للمسؤولين الخليجيين إلى الأراضي المحتلّة، في الوقت الذي ظلت فيه القياداتُ الخليجية الرسمية تطلق تصريحاتٍ مؤيدة للتطبيع وداعية إلى ضرورة تحقيقه، بل وذهبت تلك التصريحات إلى مستوى أعلى على لسان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تحدّث أكثر من مرة عمَّا أسماه “حق اليهود في أرض فلسطين”، بينما تنشر وسائلُ الإعلام السعودية الرسمية بشكل متكرر دعوات لـ “التحالف” مع إسرائيل تحت مبرر “مواجهة إيران”.
هذه العلاقة التي باتت فضيحةً مستمرة للنظام السعودي ومعه بقية الأنظمة التابعة له في المنطقة، تؤكد بشكل مستمر أيضاً، صوابيةَ الموقف اليمني المبدأي في مواجهة العدوان الذي تجتمع فيه “إسرائيل” مع الدول المطبعة جنبا إلى جنب، ويؤكد ذلك سقوط كل الشعارات والدعايات التي تم الترويجُ لها طيلةَ خمس سنوات لتبرير العدوان، إذ لم يعد هناك ما يحول دون رؤية الهدف الحقيقي منه وهو خدمة “إسرائيل”.