الأسواقُ المركزية تعودُ إلى حضن الدولة بعد عقود طويلة من نهب إيراداتها وحرمان الخزينة العامة منها
وكيل أمانة العاصمة لقطاع الاستثمار في حوار مع صحيفة “المسيرة”:
كشف الأستاذُ نجيب يحيى شرف الدين -وكيلُ أمانة العاصمة لقطاع الاستثمار- عن حجمِ الفساد والعبث المالي والأخلاقي الذي كانت تتعامَلُ به قياداتُ أمانة العاصمة في السابق خلال تعاملها مع الأسواق المركزية وممتلكات الدولة والمشاريع الاستثمارية التي كانت تذهب إيراداتها لجيوبِ مجموعةٍ من اللصوص والنافذين مَن يقف أغلبُهم اليومَ في صفوف مرتزِقة العدوان والاحتلال بعد أن أمعنوا في نهبِ وسرقة ثروة وخيرات هذا البلد وتحويل أغلب أبنائه إلى مصافِّ الشعوب الأكثر فقراً على مستوى العالم.
ويؤكّـدُ شرفُ الدين في حوار مع صحيفة “المسيرة”، أن قطاعَ الاستثمار في طريقة لإنشاء قاعدة بيانات تتضمن كُـلّ المعلومات حول الممتلكات التابعة لأمانة العاصمة كالمُتَنَزَّهات والحدائق والأسواق المركزي وغيرها من المرافق الأُخرى، وتنظيم العمل من خلال عقود رسمية بين المستثمر والأمانة، بما يحقّقُ عائداً مالياً يرفدُ خزينةَ الدولة العامة بعد أن كانت أموالاً مهدورةً ومنهوبة، وكان العملُ يُدارُ بعشوائية، ما جعل القطاعَ في السابق يفتقرُ لأية عقود أَو أصول أَو وثائقَ رسمية يحفظ الحق العام.
ويشير وكيلُ أمانة العاصمة في مقابلته إلى الخسائرِ الكبيرةِ التي تعرضت لها الممتلكاتُ والمشاريعُ الاستثمارية بأمانة العاصمة جرَّاء العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على مدار خمس سنوات وتوقف العديد من تلك المشاريع حتى اللحظة وحرمان الآلاف من الشباب من وظائفهم وفرص أعمالهم.. الكثير والكثير من المعلومات والحقائق التي تخُصُّ هذا القطاع يتحدث عنها الوكيلُ شرف الدين لصحيفة “المسيرة” فإلى نص المقابلة:
حاوره| هاني أحمد علي:
– بداية هل لكم أن تطلعونا على أهم الإنجازات التي تحقّقت خلال الفترة الماضية فيما يخص أهم قطاع بأمانة العاصمة وهو قطاع الاستثمار؟
بداية نرحبُّ بكم وبصحيفة “المسيرة” صدق الكلمة التي تعبِّرُ عن نبض الشارع، وثانياً بالنسبة لما تم إنجازه في قطاع الاستثمار بتوفيق الله وبحمده تم تحقيقُ العديد من الأشياء، سواء على الجانب الإداري أَو جانب رفد الخزينة العامة للدولة في الجانب المالي أَو جانب الخدمات والحد من البطالة.
فيما يتعلقُ بالجانب الإداري تم إنجاز اللائحة التنظيمية الخَاصَّة بالقطاع، إضَافَةً إلى استكمال الهيكل التنظيمي؛ لأَنَّه اتضح أن القطاع كان يعملُ طيلةَ السنين الماضية، بدون لائحة وهيكل مهام واختصاصات محدّدة؛ ولهذا تم تقديم المقترح وبحمد لله تم إصدارُ اللائحة التنظيمية بقرار أمين عام العاصمة وتعميد الهيئة الإدارية للمجلس المحلي بالأمانة، كما تم استكمالُ الهيكل الوظيفي والتعيينات واستكمال أعمال القطاع.
وفيما يتعلق بالجانب الاستثماري تم حلحلةُ العديد من القضايا فيما يتعلق بالمشاريع المتعثرة أَو وجود بعض الإشكاليات والاختلالات، بالإضَافَة إلى الترويج عن المشاريع الاستثمارية المتاحة كفُرِصٍ استثمارية في الممتلكات التابعة لأمانة العاصمة كالمتنزَّهات والحدائق والأسواق وغيرها من المرافق الأُخرى المملوكة للأمانة، حيث وصل إلينا حتى الآن 18 طلباً تقدم به مستثمرون لتنفيذ مشاريعَ استثمارية، وقد تمت دراستها والرفع بها للهيئة الإدارية في المجلس المحلي بأمانة العاصمة للبت فيها؛ لأَنَّها المخولة المحولة الوحيدة وفقاً لقانون السلطة المحلية، وبلغ إجمالي هذه المشاريع المقدمة تقريباً 160 مليون دولار، وهي في جوانبَ متعددة، منها ما هو مشاريعُ صغيرة للحد من البطالة وتقديم خدمات مثل إنشاء نقاط بيع مباشر تتبع المؤسّسة الاقتصادية عدد 80 نقطة بيع للخبر بالوزن والسعر الرسمي، ومنها ما هو في جانبِ الحدائق والمُتَنَزَّهات وكذلك الأسواق.
طبعاً أضف إلى الإنجازات التي حقّقناها خلال فترة وجيزة بأنه تم إعداد خطط من قبل قطاع الاستثمار والقطاع المالي وآليات عمل لتحصيل كافة موارد أمانة العاصمة الإيجارية والاستثمارية؛ لأَنَّه يوجد لدينا مبانٍ وأراضٍ مؤجرة، كما تم إعداد رؤية وخطة لتحصيل إيراد إيجارات الأرصفة والأسواق، وتوحيدها في نافذة واحدة، بما يمكّن من دعم موارد الاستثمار ويمكّن أمانة العاصمة من إقامة مشاريعَ استثمارية خَاصَّة بها من دون الرجوع إلى مستثمرين.
– أين وصلتم فيما يخُصُّ وضع الخطط الخَاصَّة ببناء الدولة المدنية الحديثة؟
نسير -بحمد والله وتوفيقه- وفق البرنامج الزمني المعد للخطة الوطنية ووفق رؤية واقعية تلامسُ همومَ تطلعات أبناء شعبنا اليمني الصامد، وقد تمكّنا خلال العام المنصرم 2019م من استكمال البناء التشريعي والهيكل التنظيمي للقطاع والحد من الازدواجية في الاختصاصات من قبَل الجهات الأُخرى؛ لأَنَّها كانت من الأشياء الأَسَاسية التي كانت تعيقُ العمل، إضَافَةً إلى هذه المرحلة مرحلة 2019/2020م، والتي تضمنت خُطَّتَنا فيها تحصيل المديونيات المتأخرة، وإعادة تقييم القيم الإيجارية السابقة التي كان فيها إجحاف على الدولة، والعمل على استكمال حصر الممتلكات والمرافق المملوكة لأمانة العاصمة، إضَافَةً إلى السير في إجراءات تمديد المشاريع الكبيرة ضمن المرحلة اللاحقة من 20 – 25.
– ما هي المعالجات التي وضعتموها في سبيل إنهاء العشوائية وتنظيم الأسواق المركزية التي كانت تذهب إيراداتها لجيوب المنتفعين والنافذين سابقاً قبل ثورة 21 سبتمبر؟
من ناحيتنا كقطاع نسير في وضع المعالجات وتنظيم عمل الأسواق المركزية بالتنسيق مع القطاع المالي في أمانة العاصمة وفقاً لمصفوفات المعالجات المتفق عليها مع قيادة الجهاز المركزية للرقابة والمحاسبة، إلا أنه وفي الحقيقة تواجهنا عوائقُ وهي ازدواجية التوجيهات بين قطاع الاستثمار وصندوق النظافة فيما يتعلّقُ بالأسواق المركزية رغم أنها إيرادٌ محلي وفقاً لنص المادة 134 من قانون السلطة المحلية ولائحتها التنفيذية والمواد من 103- 109 من اللائحة المالية.
وللأسف ينتج على هذه الازدواجية أن يتمَّ التحصيلُ لدى صندوق النظافة، وبالتالي لا نعلم نحن في قطاع الاستثمار ما يتم تحصيلُه وما لم يتم تحصيله.
– هل هذا يعني بأنكم مغيَّبون بشأن تحصيل إيرادات المشاريع الاستثمارية في أمانة العاصمة؟
نعم، وبالتالي فَإنَّ ذلك يسبّب لنا مشكلةً، وهي افتقار القطاع لأية نفقات يتمكّن من خلالها القيامَ بمهامه، كما أننا لا نستطيعُ أن نكلفَ أي موظف بالنزول إلى حصر الممتلكات والمباني التابعة للأمانة؛ لعدم وجود نفقات تشغيلية، ويعود السبب في ذلك إلى أن صندوق النظافة هو من يتحصل الإيرادات وحده، نحن عملنا قرار لجنة حصر أول ما تم تعييني في شهر 10/2018م، وعملت مقترحاً بتشكيل لجنة تقوم بحصر ممتلكات أمانة العاصمة بالكامل، ووجّه الأخ أمين العاصمة بصرف نفقاتها، وكانت اللجانُ مشتركةً من قطاع الاستثمار والقطاع المالي القطاع القانوني وقطاع الأشغال وأراضي وعقارات الدولة ومباحث الأموال العامة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وكانت كلفةُ الحصر في خلال الشهرين عشرة ملايين ريال وجّه الأمين صندوق النظافة بصرفها في شهر (10/2018م)، وإلى الآن لم تصرف شيئاً.
– ما هي آليات العمل المتبّعة لديكم في قطاع الاستثمار؟
نسعى الآن بجهود ذاتية لقطاع الاستثمار أن نعملَ وفقَ آليات وأنظمة حديثة، وبالتالي بدأنا نؤسِّسُ قاعدةَ بيانات؛ كَوننا عند وصولنا للعمل في هذا القطاع لم نجد داخله أية عقود أصول، يعني لم نجد وثائقَ وعقود وأصول الأسواق والحدائق والمُتنَزَّهات، وكانت صدمة كبيرة لنا عندما رأينا حجم العشوائية التي كان يدارُ بها العمل في السابق.
– بالنسبة للأسواق المركزية التي كان يتحكم بها النافذون سابقاً ويجنون إيراداتها لحسابهم الخاص.. هل نستطيع القول إنها عادت إلى حضن الدولة؟
بالنسبة لسوق أمانة العاصمة حالياً “المهيوب سابقاً” أَو ما كان يسمى سوق “علي محسن”، تم إبرامُ عقدٍ مع مؤسّسة الشهداء لاستثمار السوق، بإيراد شراكة ما بين أمانة العاصمة ومؤسّسة الشهداء؛ دعماً من قيادة الأمانة للمؤسّسة وتقديراً للتضحيات التي قدمها الشهداء وأُسَرُهم.
وبالنسبة لسوق مذبح فقد تم إحالة المستثمر الذي قام بهدِّ السوق، وعدم إنشائه إلى مباحث الأموال العامة؛ لأَنَّه للأسف قامت قيادة أمانة العاصمة خلال فترة النظام السابق بإبرام عقد مع أحد المستثمرين على أَسَاس إنشاء ميناء بري في سوق مذبح أي فرزة لجميع وسائل النقل، وبالتالي قام بهدم جميع المنشآت التي فيه من دكاكين وهناجر، وكان مشروعه غير مُجْدٍ، الأمر الذي يجعله يتعثر سريعاً، بالإضَافَة إلى قيامه بهدم المباني داخل السوق وعدم التزامه ببنود العقد المبرم مع قيادة أمانة العاصمة في السابق وعدم تنفيذ ما التزم به وتنفيذ مشروعه في المدة لزمنية المحدّدة وتسببه بتوقف سوق مذبح منذ ما يقارب 8 سنوات، ما دفعنا إلى إحالته لنيابة الأموال العامة.
وبالنسبة لسوق نقم المركزي تم إعدادُ خطة لتشغيله على مراحلَ، وعرض هذه المراحل للمستثمرين، ولدينا طلبات مستثمرين تم دراستها، وطرحت على الإدارة العامة للبت فيها، إضَافَةً إلى السوق المركزي للأسماك في نقم تم إبرام عقد مع مستثمر لإعادة تشغيله وقدتم ترميمه كما تم التأمين من قبل قيادة الأمانة، بأن يكون سوقا مركزيا لبيع الأسماك بالجملة وتبقى الأسواق الأُخرى للتجزئة، والموضوع تم عرضُه على الهيئة الإدارية في أمانة العاصمة منذ خمسة وهي للآن لم تبت فيه.
هناك الكثير من القضايا والمشاكل العالقة التي تحتاجُ إلى حل، ولكن تتم عرقلة حلها؛ بسَببِ عدم اجتماع الهيئة الإدارية لمناقشة تلك المواضيع، إضَافَةً إلى أنه يوجد لدينا مشكلة أُخرى، وهي ادّعاءُ بعض الجهات الحكومية الآن الملكية لبعض الأراضي وممتلكات أمانة العاصمة، مما يسبب إشكالية لنا في قطاع الاستثمار.
أضرب لك مثلاً، وزارة السياحة بدأت تنسّقُ مع المستثمرين لاستثمار موقعَي عطان وفرح لاند، رغم أنهما ملكٌ خاصٌّ للمجلس المحلي منذ عام 1978، وقد صرفت من أراضي وعقارات الدولة حينها بتوجيهات من الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، ولدينا وثائقُ ملكية بها.
ومثال آخر، يوجد لدينا عقودٌ مع وزارة الأوقاف بمنحها جزءاً من مساحات الأسواق، يعني مثلاً في سوق مذبح المركزي معنا 58 لبنةً استأجرناها من الأوقاف، بالإضَافَة إلى سوق نقم وغيرها من الأسواق المركزية، للأسف الآن وزارة الأوقاف تقوم بالتنسيق مع مستثمرين؛ مِن أجلِ أن تسلّم لهم الأسواق بكاملها، رغم أن المساحة المملوكة للأوقاف هي جزء بسيط من مساحات الأسواق، هذا من جانب ومن جانب آخر فَإنَّ هذا مخالف لقانون الوقف؛ كون أمانة العاصمة هي المستأجرة وواضعة اليد والمالكة لتلك الأراضي التي عليها هذه المنشآت والأسواق في أمانة العاصمة، أضف إلى ذلك أن الأسواق هذه تقدم خدمةً عامة للمواطن، ولا يحق لوزارة الأوقاف التصرف بها من جانب واحد.
– هل لديكم خُطَّةٌ لإعادة إنعاش سوق مذبح المركزي؟
نحن الآن بصدد التسويق له لدى المستثمرين لإعادة إنعاشه وتشغيله بما يخدُمُ مدخلَ أمانة العاصمة الشمالي الغربي وسيخدُمُ شريحةً كبيرة من المواطنين الذين حُرِموا من خدمات السوق؛ بسَببِ العشوائية والتخبط الذي كان يدارُ في السابق.
– هل لك أن تحدثنا عن الخسائر التي تعرضت لها ممتلكات أمانة العاصمة جراء العدوان والحصار؟
لحق أمانة العاصمة خسائر كبيرة جداً، جراء العدوان والحصار السعودي الأمريكي الإماراتي، ما أَدَّى إلى توقُّف العديد من المنشآت الاستثمارية، وتضررها بشكل كبير، يعني ما جعلها خارجةً عن الخدمة، مثل (موقع ومُتنَزَّه فراح لاند، مُتَنَزَّه عطان، مطعم البيتزا هت بحديقة السبعين)، أضف إلى ذلك أن مخاطرَ العدوان الصهيوأمريكي أدَّت إلى عزوف العديد من المستثمرين عن الإقدام للاستثمار في أمانة العاصمة عموماً وممتلكات الأمانة خصوصاً بحكم أنها جانب رسمي، أَيْـضاً الأيادي العاملة التي كانت تعمل في هذا القطاع كلها تضررت وأصبحت تضافُ إلى حالات البطالة، كما فقد المئات إنْ لم يكن الآلاف من الأيادي العاملة وظائفهم وفرص أعمالهم.
ولهذا نحن نسعى الآن بقدر المستطاع إلى إعداد برامج لدعم المنشآت الصغيرة وتسهيل إيجاد فرص عمل لذوي الدخل المحدود، ولدينا حالياً مشروع عمل بالتنسيق مع مركَز دار الخِبرة للدراسات الاستراتيجية لتنفيذ ورشة عمل لدراسة فرص العمل المتاحة في المديريات بالإمْكَانات الممكنة للحد من البطالة، إضَافَةً إلى دعمنا لأية فرص عمل بسيطة مثل الأكشاك، حيث تم تبنِّي قطاع الاستثمار وقيادة الأمانة إصدارَ التراخيص اللازمة لعدد كبير من الأكشاك.
– كلمةٌ أخيرة توجّـهونها عبر صحيفة المسيرة؟
ندعو إلى تظافر كُـلّ الجهودِعلى مستوى كافة الصُّعُـد الرسمية والشعبيّة؛ مِن أجلِ تعزيز عوامل الصمود في مواجهة العدوان الصهيوأمريكي، ونؤكّـد للجميع ونحن على مشارف العام السادس من العدوان والحصار الظالم بأننا سائرون في تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي أطلقها الرئيس مهدي المشّاط رئيس المجلس السياسيّ الأعلى العام الماضي، وتحقيق رؤية الرئيس الشهيد صالح الصمّاد رحمه الله تحت شعار “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”.