الشيخ علي بن علي الشحيفي: نهم ومعجزة “البنيان المرصوص” وعلاقة المظلومية بعوامل النصر والزوال
الشيخ علي بن علي الشحيفي في حوار شامل مع صحيفة المسيرة يتحدث عن:
بعدَ تحرير مديرية نهم خلال الأيّام الأولى من عملية البنيان المرصوص، وبعد مرورِ ما يزيد على أربع سنوات كاملة، جثمت فيها قواتُ الاحتلال وأدواتها المحلية على الأجزاء الشرقية من مديرية نهم، وبعد مئات الزحوفات الفاشلة وآلاف الغارات الجوية ومئات آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ والقذائف، وغيرها مما تفجّر مراراً على امتداد كُـلّ بقعة من بقاع هذه المديرية الشامخة، التي دخلت أتونَ المعركة من باب الطيش والغباء العدواني الواسع، لكنها في نهايةِ المطاف وبجهود وصبر أبنائها، وعزيمة واستبسال المخلصين من اليمانيين الأحرار، من مجاهدي الجيش واللجان، ردّت الصاعَ صاعين، وعبرت مجدّداً إلى آفاق المجد والصمود التليد من بوابة الانتصار التاريخي الجديد.
وعادةً ما يقال بأن الحديثَ ذو شجون، ووُصولاً إلى ما في شجون الحديث من تفاصيلَ مهمة وعبر كثيرة تصوغها الذكريات بلسان إنسان الزمان والمكان، فضلاً عن إشارات لا بُدَّ من الوقوف على دلالاتها؛ بهدَفِ إبراز ما خفي من الأحداث الميدانية والانتهاكات الإجرامية بحقِّ أبناء هذه المديرية الباسلة؛ ومن أجل هذا وأكثر، توجب علينا في صحيفة المسيرة أن نلتقيَ بالوالد المجاهد، الشيخ علي بن علي الشحيفي، أحد مشايخ قبيلة نهم الصادقين قولاً وفعلاً، وَأحد أهم الشخصيات الفاعلة والمؤثرة، فضلاً عن كونه من القلائل الذين يجمعون -دون تكلف- بين العفوية والصرامة وبين الألفة والمهابة، وفيما يلي حصيلة ذلك الحوار، ومجمل الحديث الذي دار.
حاوره: وهاب علي
– في البدء يا حبذا لو حدثتنا عن أثر المسيرة القرآنية وَبداياتها في بلاد نهم؟
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، أولاً وقبل كُـلّ شيء، نهنئ ونبارك لقائد مسيرتنا القرآنية السيد المجاهد عبدالملك بن بدر الحوثي، وللقيادة السياسية وحكومة الإنقاذ، ولشعبنا الصامد الصابر، ولكل الأحزاب والمكونات المناهضة للعدوان، هذه الانتصارات العظيمة المتتالية، ونشكر كُـلَّ من شارك ونهض بالمسؤولية وأعد ولو بالكلمة، ولا يخفى على أحد أن المسيرةَ القرآنية انتشلت المجتمع اليمني من ركام الأفكار المغلوطة والأوهام، ومثّلت صحوةً أعادت للناس عقولهم، المجتمعُ كان في غيبوبة، ولا أحد، لا علماء، ولا شخصيات، أيقظت الناسَ وحافظت عليهم من الانحراف في دروب مغلوطة حتى يستقيم على الدرب الصحيح، باستثناء السيد حسين -رضوانُ الله عليه-، وهو من بدأ بكلِّ ذلك الوعي وجاهد وناضل حتى لقي ربَّه وهو راضٍ عنه، رحمةُ الله عليه، بعدَ ما أَدَّى واجبَه على أكمل وجه، ومن يرى ويتأمل في المسيرة ومراحلها، يدرك أنها من عجائبِ الدهر، فمن يتق الله يجعل له مخرجاً، وترى كيف توالت مراحلُ المسيرة القرآنية وتطورت، وأراد أعداؤها في كُـلّ مرحلة، كانت النتائجُ تصبُّ في مصلحة المسيرة نفسها، ولنا في الحرب الأولى أكبرُ شاهد، حيثُ كانوا يعتقدون أنها قد زالت باستشهاد السيد القائد، ويأبى اللهُ إلّا أن يتمَّ نوره، وها هي المسيرة المباركة بفضل الله قد أصبحت قوة إقليمية يخشاها كُـلُّ الأعداء، وهذه نعمة كبيرة والحمد لله.
– في ضوء عملية البنيان المرصوص.. ماذا عن أربع سنوات من الاحتلال للأجزاء الشرقية من مديرية نهم؟
عملية البنيان المرصوص هي معجزة بذاتها، تثبت أن بالإمْكَان اجتياز وعبور كُـلّ المستحيلات بسلاح الإِيْمَان، فهو السلاحُ الذي لا تقفُ أمامه الموانعُ أَو الصعوباتُ، وحين نتحدّث عن نهم -وإن كانت مؤطرة ضمن مديرية، إلّا أنها شاسعة قبلياً بحيث تساوي محافظةً-، حدودها مترامية الأطراف تمتدُّ إلى براقش وسفيان وأرحب وبني الحارث وبني حشيش، وجنوباً بني جبر، ومن الشرق دهم، وجزء من الشرق والجنوب الشرقي عبيدة (قد لا يعلم الكثيرُ بأن قبيلةَ الجدعان التي تقطن مديرية رغوان هي أحد فروع نهم) ونهم فيها السهل، وفيها الجبل، بدءاً من خانق خبش في الجهة القبلية وحام والجبل الأحمر، ضمن سلسلة تمتد جنوباً إلى جبل صلب، أما بالنسبة للسلسلة العليا من نهم، فهي حدود التماس القتالية المعروفة، حيثُ صعد العدوّ إلى مرتفعات وجبال لم يسبق لأحد من أهل المديرية أن وصلَ إليها؛ كونها أراضي خالية تماماً، حيث كان هناك شبه هدنة ولم يتوقع أحد أن يصعدوا إلى تلك الجبال، وأن يتمركزوا فيها ليحاربوا الناسَ منها، كان التركيزُ على الخط الرئيسي وما يجاوره، جهة الفرضة، وهم طلعوا الجبالَ على حين غرة، وسيطروا عليها، وهي بطبيعتها جبال محصنة ومن اعتلى قممها حتى وإن كان عددهم لا يتجاوز فردين أَو ثلاثة أفراد نظراً؛ لأَنَّ بعضَ تلك الجبال ليس لها إلّا طريق واحد، ولا يمكن الصعودُ عبره إلّا بصعوبة شديدة على رؤوس الأقدام، ويكفي مقاتل متمرس أَو اثنين لحمايتها، ولكنها قدرة الله الغالب على أمره، لا يمكن أن يصدق أحد أن بالإمْكَان إخراجهم منها بهذه السهولة؛ لأَنَّها في معظمها -بخلاف التحصينات- عبارةٌ عن قمم ضمن سلسلة جبلية متصلة، جبل في بطن جبل وهكذا، تضاريس وعرة ومحصورة، وكلُّ جبل له مدخل وحيد، وكان في الاعتقاد أنه لا يمكن إخراج سبعة أشخاص من هذه الجبال [يضحك]، ما بالك بإخراج 17 لواءً و20 كتيبةً، مسنودين بأفتك الأسلحة وغطاء جوي مكثّـف، لا ينقصهم إمداد ولا أسلحة ولا ذخائر ولا شيء، هم بدأوا وكما يقال “جنت على نفسها براقش”، حلفاؤهم في مأرب هم من يضربهم وهم يعلمون ذلك، لكنهم قالوا إنهم سيطلعون لأخذ الثأر في نهم والناس ضجّوا بهذا، خَاصَّةً وَالسيد القائد كان يحُثُّ على الحفاظ على السلم الاجتماعي بعيداً عن إراقة الدماء والناس إخوة، ويؤكّـد على ضرورة صون دماء اليمنيين، لكن “جنت على نفسها براقش” كما أسلفنا، “سرحت تستقضي في أبوها.. ضوت حبلى!!”، وعلى كُـلِّ حال، نحنُ نقول إن ما حدث -عملية البنيان المرصوص- بحدِّ ذاته معجزة، معجزة أنجزها سلاحُ الإِيْمَان بالتوكل على الله والاعتماد عليه، هو السلاح الغالب الذي لا يوازيه سلاح، 17 دولة معززة بأفتك الأسلحة، قامت بالعدوان دولٌ من أكثر الدول تسليحاً وأغناها اقتصادياً ونفوذاً، لكن اليمني الحافي صنع من الضعف قوة، وجعل من صموده وصبره قوة كبرى، والملاحظ في الداخل أن أدواتِ العدوان على اليمن لا يعقلون ولا يتعقلون، فقط لو يفتح التلفاز ويشاهد القنوات ويرى أن اليمن محاصر براً وبحراً وجواً، لكنه صنع الصواريخ والطائرات، والآن بدأت الدفاعات الجوية تجني ثمارها وتفتك بأحدث الطائرات، هذه من معجزات الدهر؛ لأَنَّه متى ما توفرت قيادة كهذه وشعب كهذا فيمكن صنعُ المستحيل، وقد اتضحت الرؤيةُ الآن وخَاصَّة لمن كان من الشعب ما تزال تعشعش في رأسه بعضُ الأوهام، فقد اتضحت الرؤيةُ الآن، لا عبدربه منصور ولا شرعية، الهدف هو احتلال سافر، ومن لا يعتقد بهذا عليه أن ينظرَ إلى الأحداث والوقائع، ويرى ما حوله، ويرى ماذا يقول العالمُ حتى يصلَ إلى الحقيقة وإلى الحق.
– ماذا عن ما فعله العدوّ الذي عمل على عسكرة مديرية نهم وتحويلها إلى معسكر شاسع؟
17 لواء، وعشرون كتيبة، وإمدادٌ إلى كُـلِّ مترس، وشبكةُ طرقات شاملة، ما قصّروا تركوا لنا بُنيةً تحتيةً، كان لديهم خنادق ملتوية على محيط كُـلّ جبل من الجبال، طبعاً الجبال في الأصل هي تضاريس محصنة بطبيعتها، وهم أضافوا تحصيناً فوق التحصين، ولا يمكن استيعابُ هذه الإمْكَانات إلّا لمن رأى وشاهد الحدثَ والانتصارَ عن قُربٍ، هذه فعلاً معجزة العصر، فقط؛ لأَنَّك تقاتل من أجل قضيةٍ عادلة متوكلاً على الله.
– هل لكم أن تحدثونا عن بدايات توغل العدوّ وكيفية حدوث ذلك؟
بالنسبة لمنطقة نهم العليا، بدأ التوغلُ لاحتلال المديرية من جبال خالية، كالمنارة والقتب والقرن وما جاورها، وهي أماكنُ لم تكن توجد بها طرق ولا تمثّل وجهة للحرب أَسَاساً، وكان ذلك، فجرَ يوم الاثنين، الموافق 20/ رمضان/ 1437، والناسُ كانوا مركزين على الخط الأسفلتي، وهم صعدوا حيث لا يوجد أحد أمامهم، ولم يتوقع أحد أن تمتدَّ الحرب إلى تلك الجهات؛ كونهم كانوا قد صعدوا من جهة حيد الذهب والقصة والجبال المحيطة، وُصولاً إلى الفرضة وتوقفوا هناك، ولم يستطيعوا التحَرّكَ؛ ولذلك وسعوا الجبهة وطبعاً سيطروا بمساندة الطيران وأكثر الأسلحة فتكاً، وكان التمشيط مكثّـفا إلى حد أن تكون بين كُـلّ ضربة جوية وأُخرى متر واحد فقط، وضرب بقنابلَ عنقوديةٍ تغطي مساحةً واسعةً، حتى وصولوا بعد تمهيد ناري لم يسبق له مثيل، لم تنقطع الضرباتُ والقذائف إطلاقاً، ورغم كُـلّ ذلك صمد رجال لا يهابون الموت؛ بسبَبِ أنهم مؤمنون بعدالة القضية، قضية ومظلومية لا شبيه لها على مدى التاريخ، هذا الحصارُ وهذا الصلفُ ثم انظر كيف هي معنويات هذه الأمة على مدى خمس سنوات من الحصار وضرب كُـلّ مقومات الحياة، وكلُّ ما ينفع المواطن أَو يدر عليه الدخل تم تدميرُه، باختصار هم يستهدفون تدميرَ الحرث والنسل، وأعدوا إعداداً كاملاً وجربوا كُـلَّ التكتيكات العسكرية، ولكنهم أرادوا، والله أراد، والله يفعل ما يريد، أراد اللهُ أن يصل كُـلُّ هذا العتاد وكلُّ هذه القوة المكدسة في نهم لمن يستحقها، وهم بالتأكيد أنصار الله.
– هل كان هناك تواطؤ وخياناتٌ سهّلت دخول العدو؟
كان هناك تواطؤٌ من البعضِ الذين لا يعقلون، وَما زالوا كذلك حتى اللحظة، حتى وَالطيران يضربهم تجدهم ما يزالون يقولون: “شكراً سلمان”، ضربوهم في كُـلِّ مكان، وبعضهم مخدوعون “يقفزوهم” للمحارق، وقادتهم فقط هم المستفيدون، قد بنوا مدناً سكنية واستثمارات، أما هؤلاءِ المخدوعون فيتركونهم ثمانية أَو تسعة أشهر بدون مرتبات، ثم يأخذونهم إلى المحرقة، وكم ناديناهم للعودة، فاليمن يتسع للجميع، والقيادة فتحت البابَ لمن يريد العودة، خَاصَّة أن الجميع -نحن وهم- مستهدَفون من قبل العدوّ، وقد سقطت الشعاراتُ الوهمية وقد تواصلنا سابقاً مع عدد منهم دون جدوى، وحالياً أصبحوا خائفين من أن يقوموا بتصفيتهم إذَا علموا أنهم يريدون الرجوعَ، والمفارقة أن حزبَ الإصلاح -في الوقت الراهن- مستهدَفٌ بشكل كبير، فمن ناحية يسعَون لطحن اليمنيين ببعضهم، ومن ناحية أُخرى للانتقام من الجميع.
– ماذا عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في نهم؟
الجرائمُ والانتهاكاتُ التي ارتكبت في اليمن بكلها وفي نهم، تحوّلت إلى عامل نصرٍ للمجاهدين، هذا النصرُ العظيمُ هو نتيجة الظلم الذي وقع فيه الأعداء، فالله يمهل ولا يهمل، وبالنسبة للبعض فالله سبحانه يعجّل بالانتقام، نهم بأكملها تم استهدافُها، تم استهدافُ أسواق نهم ووقعت مجازرُ، سوق المديد وسوق خلقة وسوق مسورة وسوق البطنة وغيره، وكذلك المدارس أحالوها رماداً، وسيارات المارة كأسرة بيت أبو علهام، وغيرهم الكثير، وسيارات أعراس و… و…، وحالها في هذا حال بعض مناطق اليمن كصعدة، حيثُ تم إبادةُ أسر كاملة أَو قتل غالبية أفرادها كأسرة بيت عاصم الرجل الخيّر الذي كان يطعم الرائحَ والغادي، وكذلك في قطبين والمجاوحة وبني فرج والعقران وغيرها، أطفال ونساء وشيوخ، وكذلك أموال الناس ومزارعهم، كان لدينا ثلاثة وديان مزروعة قات، وتم ضربُها بالقنابل الفسفورية المحرمة، والآن التربة ملوثة، وغيري الكثير ممن تم استهدافُ أهاليهم وَأموالهم، نهم كانت من أقوى القبائل من ناحية الدخل، وعوائد القات وكانوا لا يلجئون إلى وظائف الدولة؛ بسبَبِ اكتفائهم من دخل القات وغيره من صادرات المديرية، وطبعاً الوضع اختلف؛ بسبَبِ استهداف الآبار والمزارع والبيوت والنهب الذي مارسه العدوُّ، سواءً سيارات أَو أدوات وما شابه ذلك، وبهذا الخصوص -وللأمانة- واللهِ إن المجاهدين من أنصار الله كانوا أحياناً يجلسون تحت ظِلال أشجار مزارع القات الخَاصَّة بنا على الخط الرئيسي، ولا يمس غصن من أغصان القات، كما لا يمكن أن يستبيح أي منزل أَو يدخل أي بيت من بيوت الناس، لكن بعد ذلك تمَّ استباحةُ نهم من قبل العدوّ وَعانى الناسُ واستوجعوا كثيراً وحُرموا من ديارهم ومزارعهم، قبيلة كاملة تم استباحةُ أملاكها، كانوا يطلقون النارَ على كُـلّ ما يرون، سواءٌ أكان طفلاً أَو امرأة أَو حيواناً، الحروب لها قيم وحرمات وأخلاقيات، وخَاصَّة بالنسبة للشعب اليمني المعروف بهُويته المتميزة، أين النخوة؟ أين المروءة والشهامة والغيرة؟، وبالنسبة للعدو فإن كُـلَّ هذه المظالم هي كانت من عوامل الزوال، وهذه المظلوميات وحدت القبائل والمجتمع بأكمله، والناس تحوّلوا إلى صواريخ هم بأنفسهم، يقاتلون على شرفهم ودينهم وأعراضهم ومعيشتهم وكل شيء، ماذا تبقى للناس المحاصرين من كُـلِّ الجهات؟ هذا ما شد عزائم الجميع؛ لأن اليمنيين هم أهلُ الإِيْمَان وَالغيرة والمروءة والشرف، وهم كذلك أهل الحرب، حقيقة، هم أهل الحرب، القبائل اليمنية كلُّها جيش مسلح بأعتى الأسلحة، لا تخلو قبيلة من مستودعات السلاح الثقيل والخفيف، الطفلُ يشب على تعلّم كيفية استخدام السلاح وأنواعه وما إلى ذلك، درست علوماً عسكرية، وتقريباً لم أجد سوى التسميات فارقاً بين ما أعرفه من خبرتي القبلية المتعلقة بالسلاح، وبين المناهج العسكرية.
– هل ترون بأن امتلاك مديرية نهم لمخزون وافر من الثروات الطبيعية كمنجم “صلب” كان سبباً أسهم في تشجيع الخونة على الهجوم عليها؟
الخيرُ لليمن كله، ومنجم “صلب” هو رافد اقتصادي هام، وهو أَيْـضاً موقع استراتيجي وحماية ليس فقط لنهم بأكملها، بل ولحريب القراميش أَيْـضاً والجدعان وغيرها، ولم يكن في “صلب” أحد يتوقع الهجومَ، حيث كان التفاهمُ والاتّفاق على تحييد المنجم؛ لكونه في المقام الأول مصلحة عامة، ثم نكثوا الاتّفاقَ وتم الهجومُ على “صلب”، ولم يكن على الجبل إلّا بعض المقاتلين من شبابنا وصمدوا هناك واستشهد بعضُهم وأصيب البعضُ الآخر إصابات بالغة والحمد لله رب العالمين، ونترحم على الشهداء وعزاؤنا أنهم بذلوا أرواحَهم على طريق الحق، وعلى كُـلّ حال جبل “صلب” يعتبر مفتاح “الدبور” على المنطقة كلها، “صلب مفتاح المصائب ومغلاقها” فإذا سلم “صلب” سلمت المنطقةُ كلها، ويبقى الجميعُ مصاناً ويسلم الجميعُ من الدخول في مسألة إراقة الدماء من كُـلّ الأطراف، وَإذَا سقط سقطت المنطقة كلها، والناس خلال عملية البنيان، تعاونوا بشكل كبير -بحسب التوصيات- وتركوا المجالَ لمن أراد الهروبَ وتركَ القتال والنجاةَ بنفسه من المرتزِقة، ونأمل أن يرد الله عليهم عقولَهم ويعودوا إلى الصواب ويعودَ الجميعُ إخوةً، فاليمن تتسع للجميع وليس لنا مهربٌ من بعضنا البعض، ولا داعيَ للمكابرة أمام كُـلّ هذه البراهين والوقائع التي يرونها بأمِّ أعينهم، والناسُ في الجانب الوطني مرحبون ويمدون أيديهم للمصالحة، وهم يعلمون بهذا وما لليمن إلّا أهلُها، ولن ينفعَهم لا الأمريكي ولا السعودي، ونتمنى من الله أن يهديهم ويكفيهم فقط أن ينظروا للوقائع التي أصابتهم وحاقت بهم من تحت العباءة الأجنبية التي يتسترون بها.
– تقصد السعوديين تحديداً؟
هل اليمنيون قد أساءوا للسعودية؟!، نتحدّى أن تكون قد أُطلقت عليهم رصاصة واحدة من قبل اليمنيين سابقاً قبل أن يعتدوا، ماذا يريدون منا؟ هم أخطأوا في حساباتهم ودمروا اليمنَ وزرعوا خصومة أبدية، لم نشكل عليهم خطرا في أي يوم، بل صبرنا أربعين يوماً لعلهم يعودون إلى صوابهم، هم يخدمون أعداءَهم الذين ورطوهم ويسجلون عليهم الصغيرة والكبيرة ليبتزوهم، يخدمون أعداءَهم وأعداء الأمة من الأمريكيين والإسرائيليين، أما إيران فهي دولة تقاتل دفاعاً عن العرب والمقدسات، وتدعم المقاومة في لبنان وفلسطين بالسلاح؛ ولذلك مرغوا أنفَ إسرائيل بالتراب، ويتشرف بذلك كُـلّ مسلم، أما المعتدون فلم يعد لديهم أيُّ ورقة أُخرى، ونحن لم يعد لدينا من خيار سوى تنمية القوة والدفع بعوامل النصر نحو العزة والمجد بإذن الله، هو حسبنا ونعم الوكيل.
– برأيكم إلى أي شيء تحتاج المديرية في الوقت الراهن؟
بخصوص منطقة نهم في الوقت الحالي تحتاجُ إلى اليقظة الأمنية والانتباه والإعداد الجيد مع ضرورة تأمين المنطقة المحيطة بـ “صلب” بشكل كامل، ضمن حزام أمني مناسب؛ تفادياً لحدوث أي اختراق له كبوابة استراتيجية هامة لنهم والمناطق الأُخرى، إضافةً إلى أهميّةِ التعاون بتوفير بعض المستلزمات الأَسَاسية للعائدين من أهالي المنطقة المناطق الأُخرى، وأن تكون الأولويةُ في الدعم الإنساني للمواطنين وبحسب المستطاع؛ كونهم الحاضنة في المناطق المحرّرة، وينبغي أن يلمس الناس الفارق ما بين تعامل الأحرار وتعامل المرتزِقة.
– هل من أُمنية في نهاية هذا الحوار؟
نتمنى من الله تعالى أن يحفَظَ السيدَ القائد لليمن وللأمة الإسلامية، ونسألُ اللهَ أن يكتُبَ أجرَه وأن يشدَّ مِن أزره، وأن يمنحَه المزيدَ من الرفعة والعلو والحكمة، وَأن يجزيَه عنا وعن الأمة خيرَ الجزاء.
– هل لديكم رسالة أخيرة تحبون إرسالها إلى الجهات الرسمية؟
أخيراً رسالتي للقيادة السياسية: أن يكونوا على مستوىً عالٍ من اليقظة، وأثقُ بأنهم يدركون كُـلَّ ما أعني، ورسالة شكر وعرفان لكل من جاهد ووقف وشارك وصمد برجاله وماله وكلمته، وكل من شارك من القبائل اليمنية التي قامت بواجبها ساعة الشدة.