بقميص ما يسمى “الشرعية”.. الرياض تحاولُ جعلَ المهرة ممراً لبراميل نفطها
المسيرة| فاروق مقبل:
بترسانة ضخمة من السلاح الثقيل قوامه 180 دبابة و33 معسكراً غير المليشيا التي جندتها من أصحاب الأرض وآخرين تم دفعُهم إلى المهرة بالأجر اليومي، يحاول الاحتلالُ السعوديُّ ابتلاعَ بوابة اليمن الشرقية (المهرة)، وتحويلها إلى مجرد ممر لبراميل نفطه، نحو بحر العرب مباشرة هرباً من هرمز ودون المرور بالمؤسّسات الدستورية اليمنية.
محاولات مستميتة يبذلها الاحتلالُ السعوديُّ المتخفي بدثار بقايا ما يسمى الشرعية اليمنية؛ من أجلِ الحيلولة دون إنهاء الحرب أَو قيام مؤسّسات دستورية يمنية قادرة على كبح جماح المطامع غير الشرعية، وبكل الوسائل والسبل يجرم أهل الأرض ويسعى لمد أنبوبه الخبيث، بعد أن سيطر على المطار والميناء والقصر الجمهوري والمنافذ وزرع مِليشياته فيما تبقّى من طرقات وصحاري المحافظة، التي لم تعرف العنفَ يوماً ولا الحروب.
يختصرُ مسؤولُ دائرة التواصل الخارجية، في لجنة اعتصام قبائل وأبناء المهرة، أحمد بلحاف، الوجودَ العسكري السعودي في المحافظة بالتأكيد أن السعوديةَ حوّلت المهرةَ التي لم تعانِ حروباً أَو اضطرابات أمنية، إلى معسكر مفتوح، من دون أن يكون هناك أيُّ مبرّر على الأرض يستدعي وجود 33 معسكراً وأكثر من 180 دبابة وعشرات الآليات العسكرية الحديثة، وأكثر من 2000 جندي سعودي محتل داخل قواعدها في المحافظة، والتي تحتل مطار الغيضة وميناء نشطون والمنافذ عوضاً عن المرتزِقة المستأجرين الذين استقدمهم من كُـلِّ مكان.
بكل ثقل تتحَرّك المملكةُ السعوديةُ؛ من أجلِ مد مشروع الأنبوب النفطي إلى ميناء نشطون، تمهيداً لتصدير براميل نفطها بعيداً عن مضيق هرمز وقد كان ميناء نشطون هو أول منشأة يمنية تحتلها القواتُ السعودية في المحافظة، بالتزامن مع محاولات جادة لإغلاق كافة المنافذ البرية مع سلطنة عمان، تشديداً للحصار الذي تفرضه على اليمنيين بشكل عام.
وبعيداً عن الشق العسكري والاحتلال المباشر، تستخدم المملكةُ السعودية بالتوازي، الذراعَ الناعمة في شق الصف المهري ومحاولة تأليب القبائل المهرية ضد بعضها عوضاً عن التجنيس الانتقائي لبعض أبناء المهرة، وقد بدأت عملية التجنيس في ثمانينيات القرن الماضي، وِفْــقاً لما كشف بلحاف في حواره مع جريدة الأخبار اللبنانية الجمعة 21 فبراير.
يقول بلحاف: عملت السعوديةُ على شقّ الصف المهري، لكنها لم تستطع الوصولَ إلى هدفها على الرغم من قيامها عبر ضبّاطها في القاعدة العسكرية (مطار الغيضة) وفي الرياض، بتوزيع الأموال على أشخاص موالين لها؛ بهدَفِ دفعهم إلى قتال إخوانهم من قبائل المهرة المعارضين للوجود السعودي، إلا أن هذه السياسةَ فشلت في جرِّ أبناء المحافظة إلى مربّع التناحر والاقتتال.
وبخصوصِ التجنيس الانتقائي لأبناء المهرة، يوضح بلحاف للمرة الأولى، أن هناك مناطقَ وقرىً وصحاريَ من أراضي المهرة مأهولة بالسكان، وقد عملت السعوديةُ على تجنيس أبنائها في ثمانينيات القرن الماضي، وهو تجنيس بمهنة راعي إبل فقط، عبر لجنة تسمى «لجنة قبائل الربع الخالي».
ويكشف بلحاف أن هذه اللجنة تقوم بإعداد استمارات تفيد أن الشخصَ المتقدِّم للجنسية هو سعودي الأصل والمنشأ، مع تحديد اسم الوادي الذي أتى منه على الرغم من أن أغلب تلك الأودية هي داخل المهرة ومطلّة على البحر العربي، ما يعده بلحاف دليلاً قاطعاً على النوايا القديمة للملكة السعودية في التوغل بالمحافظة.
وعلى الرغم من وضوح مطامع وأهداف الاحتلال في السيطرة على المهرة البوابة الشرقية لليمن، إلا أن ما تسمي نفسها الشرعية اليمنية لم تكلف نفسها حتى عناء حفظ هيبتها في مساحة القصر الجمهوري أَو مطار الغيضة أَو على الأقل ميناء نشطون على صغر حجمه، ويؤكّـد بلحاف أن هذه الشرعيةَ تخذلهم دوماً وتنبطح للرياض، ولا يستبعد أن تكون هناك صفقاتٌ تُعقد في فنادق الرياض.
تتجلى طبيعةُ الاستغلال السعودي للأوضاع في اليمن بأبشع صورة، فليس في قاموسها وقت كافٍ للانتظار حتى تعود المؤسّسات الدستورية اليمنية إلى العمل، بل إنها ومنذُ الوهلة الأولى لهذه الحرب قامت بالبدء بشق طريق مد الأنبوب بالقرب من الخراخير باتّجاه ميناء نشطون، وهو ما يؤكّـده بلحاف بالقول: لقد رصدنا أعمالاً لشركة سعودية تحاول البدء بشقّ طريق في المكان الذي سيعبر منه الأنبوب، بالقرب من الخراخير السعودية التي سينطلق منها خطُّ النفط باتّجاه ميناء نشطون، وقامت قبائل المهرة بطرد تلك الشركة والفرق العسكرية السعودية المرافقة لها، وإزالة العلامات التي أنشأتها، لافتاً إلى أن موقفَ أبناء المحافظة كان صريحاً برفض مثل هذه المشاريع التي تمسّ السيادةَ في وقتٍ يمرُّ فيه البلدُ بحالة حرب، إذ يحتاج هذا الأمر إلى أن يَعبُر في قنوات رسمية وقانونية، وهي معطلة؛ نتيجةَ الحرب، وفي ذلك نجد أن الاحتلال السعودي يستغلّ غيابَ الدولة، بل هي من عَملت على إضعاف المؤسّسات وتعطيلها سعياً لإمرار أجندتها.
بين ما يدور في الفنادق وما يدور على أرض المهرة، فإنه من المؤكّـد أن الأرضَ والشعبَ ليسا ملكاً من أملاك الفارّ هادي أَو نائبه المرتزِق علي محسن الأحمر أَو غيرهما.