الرؤية الوطنية نتاج الموجهات والمحدّدات التي أطلقها قائد الثورة في عدد من خطاباته ومحاضراته
الأستاذ محمود الجنيد -نائب رئيس الوزراء، رئيس المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية- في حوار مع صحيفة “المسيرة”:
تواصِلُ حكومةُ الإنقاذ الوطني ممثلةً بالمكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية وكل وزارات ومؤسّسات وأجهزَة الدولة المُضِيَّ قُدُماً بخطٍّ ثابتة، متوكلة على الله لتحقيق أهداف وغايات الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي أطلقها الرئيس مهدي المشَّـاط –رئيس المجلس السياسيّ الأعلى-، العام الماضي، والتي يتضح من خلال مرتكزاتها وأهدافها بأنها تحمل شعار “المواطن أولاً وأخيراً” والشعار العظيم الذي أطلقه الرئيس الشهيد صالح علي الصمَّـاد “يدٌ تحمي ويدٌ تبني”.
ويؤكّـد الأستاذُ محمود عبدالقادر الجنيد -نائب رئيس الوزراء لشؤون الرؤية الوطنية، رئيس المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية-، في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” أن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة هي نتاج موجهات ومحدّدات قائد الثورة السيد العلَم عبدالملك بدرالدين الحوثي، سواءً من خلال النقاط الـ12 التي أطلقها في وقت سابق ومثلت حلاً ومخرجاً اقتصادياً للبلد، أَو من خلال خطابات القائد ومحاضراته في أكثرَ من مناسبة.
ويضيف نائبُ رئيس الوزراء لشؤون الرؤية الوطنية “أن الخطة المرحلية الأولى 2019-2020م خطة الصمود والإنعاش الاقتصادي اعتمدت على عدد من الموجهات التي أطلقها قائدُ الثورة في خطاباته، خصوصاً المحاضرات الرمضانية التي أشارت إلى موجهاتٍ اقتصادية وموجهات أمنية وموجهات إدارية وموجهات صمَّـادّة، بالإضافة إلى التركيزِ على الجانب الخدمي؛ لأَنَّه يلامسُ احتياجاتِ المجتمع ومعاناته؛ بسَببِ استمرار العدوان والحصار لخمس سنوات”.
وتطرق الجنيد إلى عدد من الجوانب ذات الصلة نستعرضها في نص الحوار التالي:
حاوره: هاني أحمد علي:
– هل لكم أن تحدثونا عن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة والمرتكزات التي انطلق منها هذا المشروع الوطني التاريخي والهام؟
الرؤيةُ الوطنية تضمَّنت 12 محوراً، شملت المصالحةَ الوطنية ونظامَ الحكم والتنمية والاقتصاد والتعليم والصحة والأمن والدفاع، وَأَيْـضاً مجال التنمية الإدارية، وهذه هي المحاور التي تضمنتها الرؤية الوطنية، وبعد إقرار الرؤية الوطنية من المجلس السياسيّ الأعلى، تم تشكيل المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية، وبدأ المكتب التنفيذي باستكمال بُنيته الأَسَاسية، من تشكيل الوحدات الفنية، واستكمال كادر العمل في المكتب، وكذلك التنسيق مع وزارة التخطيط؛ باعتبَارِها الوزارةَ المعنيةَ بإعداد الخطط الاستراتيجية، وكذلك وزارة الإدارة المحلية، على اعتبار أن الآليةَ التنفيذيةَ نَصَّت على إنشاء وحدةِ تنسيقٍ في وزارة الإدارة المحلية، للمتابعة والتنسيق مع المحافظات.
بعدها تم تشكيلُ لجنة فنية برئاسة وزير التخطيط والمعنيين في المكتب التنفيذي، وتم إعدادُ الموجهات الإرشادية كمعاييرَ لإعداد خطة المرحلة الأولى التي نصت عليها الرؤية الوطنية، مرحلة “الصمود والتعافي الاقتصادي”، وتم أَيْـضاً التعميم على كافة وحدات الخدمة العامة في مختلف سلطات الدولة، لإعداد خططها، وبالفعل تم إعداد خطط الجهات خلال شهر 8 و9 من العام المنصرم 2019م وموافاة المكتب التنفيذي بها.. وقُمنا في المكتب التنفيذي بمراجعة كافة الخطط ومطابقتها للمعايير وموائمتها للأهداف التي تضمنتها الرؤيةُ الوطنية في كُـلِّ محاورها، والخروج بخطة وطنية هي الخطة المرحلية الأولى.
– قبل فترة أطلق قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله النقاطَ الـ12 للإصلاحات الاقتصادية، وأنتم تحدثتم قبل قليل عن 12 مرتكزاً ً للرؤية الوطنية.. هل لها علاقةٌ بتلك النقاط التي طرحها قائد الثورة؟
في الحقيقة، الرؤيةُ الوطنية هي نتاجُ موجِّهات ومحدّدات قائد الثورة السيد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي، ليس فقط على مستوى النقاط الـ12 التي أطلقها في أحد خطاباته، وإنما تمت الاستفادةُ من كافة المحاضرات والخطابات التي وجّهها قائدُ الثورة، والتي بموجبها أطلق الشهيدُ الرئيس صالح الصمَّـاد -رحمة الله تغشاه- مشروعَه الوطني تحت شعار “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”، وبالفعل استخرجنا من خطاباتِ السيد القائد الموجِّهاتِ التي تضمَّنتها بشكل مباشر وغير مباشر الرؤية الوطنية وكذلك خطة المرحلة الأولى.
ولو عُدنا إلى خطابات السيد القائد فسنجد أنها أشارت إلى مجموعة من المحدّدات التي تَـصُــبُّ في بناء الدولة بشكل مباشر ورئيسي؛ ولذلك حتى خطة مرحلة 2019-2020م، تلاحظون أنها اعتمدت على عدد من الموجهات التي أطلقها قائد الثورة في مجموعة من خطاباته، خصوصاً في المحاضرات الرمضانية التي أشار فيها إلى موجهات اقتصادية وموجهات أمنية وموجهات إدارية وموجهات صمَّـادّة، ومع التركيز بشكل كبير على الجانب الخدمي، بوصفه يلامسُ احتياجاتِ الناس ومعاناتهم؛ نتيجةَ استمرار العدوان والحصار لخمس سنوات مضت، فكانت هذه التحديات هي البوابة التي دخلت منها الرؤية الوطنية.
– رغم اعتمادِ الرؤية الوطنية على الإصلاحات الإدارية والاقتصادية إلا أنها أفردت محوراً خاصاً للمصالحة الوطنية.. كيف يمكن تحقيقُ ذلك في المرحلة الأولى من تنفيذ الرؤية الوطنية؟
لجنةُ المصالحة التي شُكِّلت بقرار من الرئيس مهدي المشَّـاط -رئيس المجلس السياسيّ الأعلى-، قدمت رؤيتَها أَيْـضاً ضمن خطط المرحلة الأولى للرؤية الوطنية، وتضمنت مجموعةً من الأهداف التي تَـصُــبُّ في الحفاظ على النسيج الاجتماعي، وبالفعل عقدت اللجنة عدةَ اجتماعات وحدّدت برنامجاً معيناً وانبثقت من هذه اللجنة لجانٌ صمَّـادّة ومجتمعية، وبدأت تعملُ في كُـلّ الاتّجاهات، ووفقاً لبرنامج عمل وخطة مرسومة.
– ونحن على مشارف الشهر الثالث من العام 2020م وهو عامُ تنفيذ الخطة المرحلية الأولى، كيف تقيِّمون في المكتب التنفيذي التزامَ الوزارات والمؤسّسات والجهات الحكومية بتنفيذ هذه الخطة؟
في الحقيقة، الإشكاليةُ الكبيرةُ التي واجهناها ناتجةٌ عما كان سائداً في المراحل الماضية من عدم الجدية لدى البعض في تنفيذ الخطط والبرامج؛ لذلك فقد وضعنا في المكتب التنفيذي آليةً خَاصَّةً لمتابعة ورصد تنفيذ الخطة المرحلية الأولى، على اعتبار أنها إلزاميةٌ لكل مؤسّسات وقطاعات الدولة وليست اختياريةً.
ولضمان تنفيذ هذه الخطة، وضعنا موجهاتٍ تمثلت بدليل التقييم والمتابعة، وتم توزيعُ نماذج الدليل إلى كافة الوزارات والمؤسّسات والأجهزَة وكافة وحدات الخدمة العامة، على أَسَاس أن تتم موافاةُ المكتب التنفيذي بتقارير التنفيذ والإنجَاز بشكل شهري ابتداءً من تنفيذ المبادرات والأنشطة والإجراءات التي تتعلقُ بتحقيق الأهداف التي رسمتها الرؤية الوطنية.
كما سيتم عملُ نظام آلي يربط كافة الجهات التي لديها ربطٌ شبكي بالمكتب التنفيذي لتتم عملية المتابعة بشكل آلي وسريع، بالإضافة إلى النزول الميداني لفرق العمل.
أيضاً هناك متابعةٌ وتقييمٌ من قبل الوحدة الفنية بمكتب الرئاسة، ومتابعةٌ على مستوى اللجان القطاعية التي يرأسُها نوابُ رئيس الوزراء، إلى جانب المتابعة من قبَل الجهات ذات العلاقة، مثل وزارة المالية التي ستتابع مستوى الأداء المالي، وزارة الخدمة المدنية التي ستتابع مستوى الأداء الإداري، الجهاز المركزي للإحصاء الذي يتابعُ مستوى تحقيق المؤشرات، فكل منظومات العمل سيكون لها دورٌ أَسَاسيٌّ واستراتيجي في متابعة تنفيذ هذه الخطة وتقييمها وتقييم الأثر المترتب على تنفيذ ما تضمنته من أهدافٍ ومبادراتٍ وأنشطةٍ وإجراءات.
– لاحظنا أن هناك أكثرَ من وحدة عُيِّنت لمتابعة تنفيذ الرؤية الوطنية.. برأيكم ألا يشكل ذلك نوعاً من الإرباك والتداخل خصوصاً في تقييم عمل التنفيذ؟
لا يوجدُ أيُّ تداخل؛ لأَنَّ مهامَّ كُـلّ جهة محدّدة بموجب الآلية التنفيذية للرؤية الوطنية، وهناك تكامل وتنسيق مستمر بين المكتب التنفيذي والوحدة الفنية في مكتب رئاسة الجمهورية والجهات ذات العلاقة لضمان الوصول إلى أفضل النتائج في تنفيذ الرؤية والخطط المنبثقة عنها وإحداث التحول المنشود في أداء مؤسّسات الدولة المختلفة.
– ماذا عن البدء بإعداد الخطة الثانية 2021 – 2025م، والتي أعلنتم البدء فيها مطلع هذا العام، وما الذي أنجزه المكتب التنفيذي في هذا الجانب؟
بدأنا في هذا الموضوع من تاريخ 1/1/2020م، حيث تم تحديد المعايير والمحدّدات والموجهات التي سيُبنى عليها دليلُ التخطيط الاستراتيجي القومي، وهذا النوعُ من التخطيط جديدٌ ولأول مرة تخوضُه بلادُنا في إعداد خططها.
وأيضاً قمنا بعقدِ دورات تدريبية في المعهد الوطني للعلوم الإدارية على هذه المفاهيم وعلى هذه الموجهات، كما تم إنزالُ إعلان لمناقصة إعداد الدليل الاستراتيجي، وبدأنا نستقبل بعض العروض من المكاتب الاستشارية.
– البعض يرى بأنه لا فرق بين الرؤية الوطنية والمشاريع التي كانت تُطلَقُ خلال الفترات الماضية، فكيف ترَون ذلك لا سيما وأننا اليوم نعيش مرحلة حسّاسة وسط شحة اقتصادية؛ بسَببِ الحصار؟
نحن اليوم نعيشُ مرحلةً غيرَ المراحل السابقة تماماً، فنحن نخوضُ تحدياتٍ كبيرةً، وبدأنا نشعُرُ بالثقة بالنفس، وبدأنا نسيرُ في صياغة رؤانا دونَ أية وصاية أَو تدخلات خارجية.. بينما كُـلُّ الاستراتيجيات التي كانت تفرَضُ في المراحل الماضية كانت عبارةً عن توجّـهات دولية وتوجّـُهات للبنك الدولي والدول المانحة، بينما نحن الآن نخططُ وفقاً لرؤية وطنية خالصة ولا يوجد أية تدخلات خارجية؛ ولذلك مثلما تحقّقت الكثير من الإنجَازات في تطوير منظومة السلاح الجوي والقوة الصاروخية والطيران المسيَّر بأيادٍ يمنية نحن قادرون خوض معركة البناء والتنمية بنفس العزيمة والإرادة وبقدرات وأيادٍ يمنية.
– كيف تنظرون إلى التطورات المتسارعة في الجانب العسكري بصفتكم نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الرؤية الوطنية؟
الانتصارات التي تتحقّق على أيدي الشرفاء من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة هي أولاً بسَببِ الإيمان المطلَق بقضيتنا المحقة التي نتحَرّك فيها، وهي حقنا في الاستقلال وحقنا في الاستقرار وحقنا في استعادة إرادتنا وقرارنا السياسيّ، وهذه الانتصارات هي أَيْـضاً نتاجٌ لإدارة حكيمة من قيادة الثورة للمسار العسكري، على اعتبار أننا اليوم نواجه أقوى دول العالم، نواجه ترسانة عالمية ونواجه مؤامرات دولية، ونواجه أَيْـضاً حصاراً جائراً، وتوجّـهات دولية لإسقاط اليمن وإعادته إلى الوصاية الإقليمية والدولية.
فهذه الانتصارات اليوم تمنحنا أملاً كبيراً وتفتح لنا آفاقاً كبيرة بأننا كشعبٍ يمني نستطيعُ أن نبنيَ واقعَنا بأيدينا، ونستطيع أن نحقّق الإنجَازاتِ الكثيرة والكبيرة بما نمتلكُه من مواردَ بشريةٍ وموارد طبيعية وإرادة مستقلة، والتوجّـهات التي نمتلكها استناداً إلى انتمائنا الديني وهُــوِيَّتنا الإيمانية التي تمنحنا القوةَ والثقة بأننا قادرون على بناء واقعنا وبناءِ مستقبلنا وتطوير ما لدينا من إمْكَانات وما لدينا من مقدرات.
– ما هي رسالتُكم للجهات الرسمية المعنية في جانبِ تنفيذ الرؤية الوطنية، وما هي رسالتُكم للمواطن اليمني؟
نقولُ لكل العاملين قياداتٍ وكوادرَ إداريةً في كُـلّ مؤسّسات الدولة: إننا اليومَ أكثرَ من أي وقت مضى معنيون بالوفاء لهذا الشعب الأبي الصابر الصامد، الذي قدّم فلذاتِ أكباده؛ للدفاع عن هذا الوطن ومواجهة العدوان، وأمامنا مسؤولياتٌ كبيرة يجب أن نقوم بها، وأن نتحملَ مسؤولياتنا بالشكل المطلوب، فشعبُنا يتطلعُ اليومَ إلى بناء واقعه، وسيكون المواطن إلى جانب كافة مؤسّسات الدولة إذَا ما شعر بأن الجميعَ يعملُ لمصلحة الوطن ويعملُ لمصلحة هذا الشعب.
ورسالتُنا للمواطن اليمني الذي أضحى اليوم أكثرَ وعياً بالواقع وأكثر وعياً بالمعركة التي يخوضُها في استعادة الاستقلال والكرامة والسيادة والمصير؛ لذا نتطلعُ إلى المزيدِ من الوعي والتفاعل الشعبي، وأن يكونَ المجتمعُ بمنظماته ومؤسّساته وأفراده هم الرقابةَ على أداءِ أجهزَة الدولة، والتفاعل مع مشروع بناء الدولة، فالشعبُ هو صاحبُ الحق في الحصول على الخدمات، وهو الساحة التي تَـصُــبُّ في مصلحته المشاريع والخطط المقدمة من كُـلّ وزارات ومؤسّسات الدولة.