غريفيث والأجندات المشبوهة
دينا الرميمة
تزامناً مع تحريرِ مديرية الحزم مركز مدينة الجوف المدينة الاستراتيجية والاقتصادية، وثاني أكبرِ المدن اليمنية بعد حضرموت، والتي ظلّت تحت الارتهانِ السعودي لأكثرَ من خمسين عاماً، وحرمان أهلها من الاستفادةِ من خيراتها وثرواتها النفطية، ومع عودتها إلى حضنِ الوطن باتت مدينةُ مأرب قاب قوسين أَو أدنى من التحرير على غرار جارتها الجوف.
ومع هذا الانتصار العظيم الذي سطّره أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة، أُصيب مرتزِقةُ العدوان وقاداتهم بنوبةٍ من الجنون جعلتهم يتنكرون للسعودية ودعمها الغزير لهم، ويتهمونها بخذلانهم وتركهم بمفردهم بعدم توفير الدعم اللازم لهم، على الرغمِ من أنها لم تقصر معهم في شيء، وما غاراتها الهيسترية على الجوف إلّا خيرُ دليل..
وبات أغلبُهم يصف “هادي” بالرئيس الخطيئة والكارثة، وأنه متآمرٌ ضدهم مع حليفتهم السعودية، مهددين أن سقوط مأرب سيكون خسارةً كبيرةً عليهم، حيثُ وهي المدينة النفطية والغازية التي أصبحت عائداتها تصبُّ في جيوبهم.
ومن هنا وكما عودهم مارتن غريفيث بإنقاذهم في حال مُني المرتزِقة بهزيمة وخسارة، توجّـه سريعاً إلى مأرب لإنقاذهم من هذا المأزق الخطير، وبوصوله إلى مأرب التقى قيادات من مرتزِقة العدوان، وهناك قام يطلق التصريحات والحلول والرؤى، والتي ما هي إلّا التفافٌ على انتصارات الجيش واللجان الشعبيّة، محاولاً إيقافَ استكمال تحرير ما تبقّى من محافظة مأرب، داعياً إلى الوقفِ الفوري للعمليات العسكرية، معتبراً استمرارَها انزلاقاً خطيراً في هوة الصراع، وكأن هذا الصراع وليد اللحظة وليس عدوان خمس سنوات!!، متعللاً بأن مدينةَ مأرب هي ملاذٌ للكثير من اليمنيين ولا يريدها أن تتحوّلَ إلى بؤرةٍ من النزاع.
مشهدٌ يقرأه الكثيرُ بأنه نفاق محض ومنع لدخولِ رجال الجيش اليمني إلى مأرب، في وقتٍ كان من استقبله فور وصوله هم جنود سعوديون، متناسياً أن تواجدَهم في مأرب هو انتهاكٌ لسيادة الأرض واستغلال خيراتها لصالح السعودية التي تدير هذا العدوان.
فلماذا مأرب بالذات؟!
وأين هو غريفيث من كُـلِّ ما يحصل في اليمن طيلة خمس سنوات من الحرب، ومن كُـلِّ تلك الجرائم بحق الأبرياء وانتهاك السيادة اليمنية؟!
أين هو من قصف صنعاء بمنازلها ومدارسها وبنيتها التحتية وهي المدينةُ الأكثرُ احتضاناً للنازحين من كُـلِّ محافظات الجمهورية؟!
أين هو مما يحدثُ من خرقٍ لاتّفاق السويد من قبل المرتزِقة على مرأى ومسمع من لجان المراقبة، وتلك الغارات المتواصلة حتى الأمس على مدينة الصليف ورأس عيسى، في وقتٍ هو يدعو إلى الالتزام بالحل السياسي وتنفيذ بنود اتّفاقية السويد، ودائماً ما يقفُ عاجزاً أمام كُـلِّ ما يفعله المرتزِقةُ في الحديدة بشكل عام ومدينة الدريهمي المحاصرة بشكل خاص، وباتت مدينةً تتلقف كُـلَّ أسباب الموت من قبل المرتزِقة، ويرفض أن يسمي الطرف المخل بالاتّفاق؟!
أين هو من كُـلِّ تلك المناشدات بفتح مطار صنعاء ومعاناة المرضى اليمنيين والعالقين في الخارج؟!
وكلُّ ما يستطيع فعلَه هو إصدار وعود مزيفة لا تغادر شفتيه، وربما تزيد من معاناة اليمنيين الذين دائماً ما تصدمهم وعودُه، مع كُـلِّ جريمة نراه يلتزم الصمت وإن تحدث فلا تتعدّى كلماتُه حدودَ القلق!!
لماذا لا يكون الصراعُ صراعاً وخطيراً إلّا مع تقدم الجيش واللجان الشعبيّة؟!
وهذا ما بات يدركه الجميعُ من خلالِ تحَرّكات مارتن غريفيث المشبوهة، والتي برغم كثرتها لم تحقّق أيَّ شيء من المهمة المنوطة به، وأصبحت فقط ورقةً يستخدمها لصالح من يرسلوه إلى اليمن التي أصبح قرارُها الوحيدُ للسلام والدخول في عملية حوار سياسي وتهدئة، هو إيقاف فوري وشامل للعدوان وفك الحصار البري والجوي والبحري عن كُـلِّ اليمن، وإلا فسيلُ انتصارات الجيش لن يتوقفَ إلّا بتحريرِ اليمن كُـلّ اليمن، وهذا ما ردَّ به عليه رئيسُ الوفد الوطني، ناصحاً غريفيث بالابتعادِ عن الأجندات المشبوهة، ونحنُ بدورنا نوجّه سؤالاً لغريفيث، ونتمنى منه الإجابةَ عليه:
لماذا لا يكون الحلُّ السياسيُّ والتهدئةُ إلّا في حالِ وجود هزيمةٍ لمرتزِقة العدوان وتقدّمٍ للجيش اليمني؟!