الشيخ محمد للمسيرة: قدمتُ ثلاثة شهداء في سبيل الله ولا يزالُ اثنان من أبنائي مرابطَين في الجبهات
الشيخ المجاهد محمد العذري لصحيفة “المسيرة”:
يُعتبَرُ الشيخُ محمد حمود زايد العذري واحداً من أبرز المجاهدين في محافظة عمران، وهو أبٌ لثلاثة شهداء، كما أن اثنين من أبنائه لا يزالان في الجبهات يدافعان عن الوطن بكل بسالة وإخلاص.
والتحق الشيخ العذري بالمسيرة القرآنية في عام 2014، بعد أن عرف حقيقتها، واتضح له زيف المعلومات التي كان يروجها النظام السابق عن المجاهدين، وقد عرف بأن مشروع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي صادقٌ وواضحٌ؛ لذا اندفع بإيمان كبير نحو المسيرة مع أبنائه وعدد كبير من أفراد أسرته.
حاوره/ منصور البكالي
- بداية نرحِّبُ بكم في صحيفة المسيرة، وأنتم أبٌ لثلاثة شهداء.. حدثونا عن جزء من حياتكم؟
حيَّاكم الله، أنا محمد حمود محمد زايد العذري، من أبناء مديرية صوير العجيرات بمحافظة عمران، والحمدُ لله أن رزقني 7 من الأبناء الذكور، وقد استشهد منهم 3 وبَقِيَ معي 4 أولاد، منهم 2 لا يزالان في الجبهات، وأؤكّـد هنا أنني كنت أولَ مَن انطلق إلى الجبهات قبل أبنائي، ونحن منطلقون في العمل الجهادي، ونسأل الله أن يمُنَّ علينا بفضله والفوز بالشهادة في سبيله.
- ذكرتم أنكم قدمتم ثلاثةً من الشهداء في سبيل الله.. في أي الجبهات استشهدوا؟
أولُ شهيد من أبنائي هو طلال محمد حمود زايد استشهد وعمره 17 سنةً في جبهة قانية بمديرية الزاهر بمحافظة البيضاء عام 2016م، ثم لحقه أخوه الشهيد سفيان “18” عاماً، وقد استشهد في جبهة الساحل الغربي عام 2019م، ثم استشهد أخوهما الكبير ردفان وعمره “25” عاماً، بعد مرور ثلاثة أشهر من استشهاد أخيه سُفيان عام 2019 في نفس الجبهة.
أمَّا المرابطون من أبنائي الذين لا يزالون في الجبهات فهما حمود محمد زايد في جبهة نهم وعبدالله محمد زايد في جبهة الساحل الغربي.
- استشهادُ ثلاثة من أبنائك ليس بالأمر الهيِّن.. كيف تلقَّيت نبأَ استشهادهم وهل دفعك ذلك إلى سحب بقية أبنائك من الجبهات؟
لا، بالعكس كنت أفتخر وازداد إيماناً بأن أبنائي على الطريق المستقيم، وأحمد الله أن فازوا بفضل الشهادة، فكان بقيةُ إخوانهم يتحَرّكون ويزدادون تحَرّكاً بعد كُـلّ شهيد من إخوانهم، فكانت انطلاقتنا انطلاقةً كاملةً على مستوى الأسرة، حيث يوجد من أبناء إخواني في الجبهات أكثر من 37 مجاهداً، وقد استشهد منهم اثنان، والحمدُ لله إخواني عندهم عيال كثير، أقل واحد فيهم عنده 12، فأخي الأكبر الشيخ حمود زايد عنده 25 فرداً وأكثرهم انطلقوا الجبهات.
ولهذا نقول للجميع: “الشهادة في سبيل الله تجارة رابحة سلكها الأنبياء والرسل، وكانت درب أَعلام الهدى من الإمام علي والحسين والحسن وزيد وزين العابدين، وصولاً إلى الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه وكل أَعلام آل البيت سلام الله عليهم في الماضي والحاضر، فيجب علينا جميعاً اغتنام الفرصة اليوم، ونحن في زمن يتيح لنا الجهاد في سبيل الله، ونبادر للاستثمار في هذه التجارة المربحة في الدنيا والآخرة إن أردنا الفلاح والفوز”.
- كيف كانت الانطلاقة وبداية التحَرّك مع المسيرة القرآنية؟
في البداية، تعرفت على فريق أنصار الله المشارك في الحوار الوطني بموفمبيك بصفتي رئيس فريق الحماية للمبعوث الأممي جمال بن عمر حينها، فكانت تعجبني أطروحاتهم ورؤاهم في مختلف المِلفات، وما زاد ارتباطي بهم واهتمامي للتعرف عليهم أكثرَ جريمتا الاغتيال لاثنين من أعضاء فريقهم المشارك في الحوار، هما الشهيد عبدالكريم جدبان في أول يوم للحوار الوطني، وبعد فترة الشهيد أحمد شرف الدين سلام الله عليهما وعلى كُـلّ الشهداء العظماء، فأحسست أنهم أصدق فريق ومن أخلص الناس وأصدقهم في التعبير على هموم وتطلعات هذا الوطن، فزاد إعجابي بهم أكثرَ وأكثرَ، وبدأت الصورةَ المشوَّهةَ التي تعمَّد النظام السابق تقديمَها عنهم تتبخَّرُ من عقلي، فقرّرت بدايةَ مشواري في قراءة الملازم التي غيرت مجرى حياتي من الألف إلى الياء، وهذا كان من فضل الله عليَّ أن هداني إلى الالتحاق بهذه المسيرة، ودفعت أبنائي نحوها.
- وماذا بعد انضمامك للمسيرة القرآنية؟
هذا جانب بسيط، والأهم من ذلك أن الله هو مَن مَنَّ عليَّ وعليهم بأن هدانا جميعاً إلى الإيمان وإلى الطريق الحق وأهله واتباع أَعلام الهدى لهذه الأُمَّــة الصادقين في أقوالهم وأفعالهم، فكانوا هم النموذج الذي نحتذي بهم ونسير على نهجهم وطريقتهم، وخير ما يعبر عن ذلك أقوال وأفعال الشهيد القائد سيدي ومولاي حسين بدر الدين الحوثي وقائد المسيرة القرآنية سيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذين جسدت أفعالهم أقوالهم، وهذا شرف لنا في الدنيا والآخرة.
- ممكن تذكر لنا بعضاً من بطولات ومواقف أبنائك الشهداء أثناء حياتهم الجهادية؟
أغلبية أصدقائهم في الحارة حزنوا عليهم وتأثروا بمعاملتهم وأخلاقهم وإحسانهم، عندما كانوا يزورون قادمين من الجبهات كان الشباب يتفاعلون معهم ويتحَرّكون صوب الجبهات والحمد لله كلما استشهد واحد منهم تحَرّك أصدقائه إلى الجبهات، وحول المواقف البطولية حدثني زملاؤهم المجاهدون بعد استشهادهم أنهم كانوا ينكلوا بأعداء الله أشد تنكيل.
- عرفنا أنه كان تربطكم بالشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي معرفة سابقة.. ممكن توضيحها أكثر للقارئ؟
التقيت بالشهيد القائد رضوان الله عليه عام 1990م، في بيت الشيخ مجاهد الكُهالي بصنعاء، وقال لي: “هذا السيد حسين بدر الدين الحوثي أحد العناصر الجيدة والشخصيات الاجتماعية في الجبهة الوطنية فسلمت عليه، ومن ثم جمعنا اللقاء الثاني في العام 1992م وتعرفنا أكثر ومن ثم في عام 93 اجتمعنا في بيت الشيخ القطواني أحد مشايخ أرحب وتناقشنا مع السيِّد على أَسَاسِ أني أترشحُ باسم الحزب الاشتراكي في منطقتي، ومن أبرز ما لمسته في شخصيته أنه كان شخصاً جاداً وصادقاً ونشطاً.
أقول لكل أبناء هذه الأُمَّــة: إن الشهيد القائد رضوان الله عليه قدّم لنا مشروعاً معبراً عن الإسلام الحقيقي المناهض للفكر الوهّابي المصنوع بأيادي المخابرات الصهيونية عبر المستعمر البريطاني، وما علينا اليوم غير التحَرّك لمناصرة مشروع الثقافة القرآنية التي أعادنا إليها الشهيد القائد، ونواصل مشواره والسير على دربه ودرب كُـلّ الشهداء لنعيد لهذه الأُمَّــة دينها ومجدها ومكانتها وعزها، بل إن المشروع القرآني يمثل مصدر نجاة لكل أبناء الأُمَّــة الإسلامية وشعوبها المحتلّة.
كما نؤكّـد للجميع أن تحرير المقدسات واستعادة الكرامة والحرية قادم على أيادي المهتدين بثقافة القرآن والمتولين لأولياء الله وليس المتولين لأمريكا وإسرائيل مِن الذين يسارعون فيهم من الأعراب المنافقين.
- وشعبنا اليمني يحتفي باليوم الوطني للصمود في عامه الخامس.. ما هي رسالتكم لقوى العدوان ومرتزِقتهم؟
نقول لهم: إلى هنا وكفى، ولكن إذَا استمروا فعندنا قناعةٌ تامةٌ منذ بدء العدوان بأنَّا بعنا أنفسنا وأولادنا وأموالنا وكل ما نملك لله وسنستمر في رفد الجبهات بقوافل الرجال والمال إلى آخر قطرة من دمائنا، وندعوهم إلى تجنيبِ شعوبهم ويلاتِ الحرب والدمار، فحربنا ليست معهم، وعدونا هو الأمريكي والإسرائيلي.. ونصيحتي لهم بأن يلتحقوا بالمسيرة القرآنية مباشرةً أن أرادوا الشرفَ والفوزَ في الدنيا والآخرة، ونقول لهم: نحن مستعدون أن نقدم لكم مدرِّسين وثقافيين يوجهونكم ويطلعونكم على المشروع القرآني وحقيقة الثقافة القرآنية ونحن مجتمعٌ عربي وديننا واحد، ونحن شعب الإيمان والحكمة مستعدون للتسامح معهم حال توقفهم للعدوان، كما نحن شعب أصيل خُلقنا أحراراً ونعيش أحراراً وسنموت أحراراً ولن تستطيع أيةُ قوة على هذه الأرض إخضاعنا أَو النيل منا.
– ما هي رسالتك لبقية الآباء الذين يخافون على أبنائهم؟
رسالتي لكل الآباء والأمهات ولكل القبائل اليمنية الأصيلة بأن يدفعوا بالشباب إلى ميادين الشرف والبطولة اليوم قبل غد؛ لأَنَّ التخاذل عن رفد الجبهات خَاصَّةً في هذه المرحلة جُبنٌ وذل لا يتناسب مع هُويتنا الإيمانية، وسببٌ آخر لتأخير النصر، وأقول لهم: “انظروا إلى ما فعله الجيش الأمريكي عندما احتل العراقَ، كيف اغتصب النساء والأطفال وقتل الرجال وانتهك العرض والشرف ونهب الحقوق، ولكم في ما يعانيه أبناءُ شعبكم في المناطق المحتلّة خيرُ مَثَلٍ، فكم عرض انتهك وكم حق تصادر وكم نسمع عن جرائم الاغتصابات الجماعية والفردية واختطاف النساء، فتحَرّكوا إلى رفد الجبهات لنصون الأعراضَ ونحفظَ الحقوق ونستعيدَ الكرامة والحرية والاستقلال لشعبنا ووطننا العظيم”.
– كلمةٌ أخيرةٌ تودُّ قولَها؟
فلذاتُ كبدي سبقوني بالشهادة في سبيل الله، وأسألُ اللهَ أن يَمُنَّ عليَّ بفضل الفوز بها واللحاق بركبهم، ونحمدُ الله على الانتصارات العظيمة التي يسطّرُها أبطال جيشنا ولجاننا الشعبيّة، ونحمدُه على نعمة القيادة الحكيمة المؤمنة التي على يدها بعدَ الله استطعنا رسمَ معادلة جديدة في هذا العالم أعادت إلى الأُمَّــةِ ثقتها بالدين وبما وعد اللهُ به عبادَه المجاهدين الصابرين وتكفّل بنصره للمستضعفين.