أفاعي أدعياء الهُدنة وعصا أهل الحل الشامل
سند الصيادي
بات معروفاً حتى لدى العامة في الشعب اليمني أنهم كلما سمعوا في وسائلِ الإعلام عن هدنة يعلنها تحالف العدوان أَو الأمم المتحدة، فإنهم يتوقعون فشلها، بل وحدوث تصعيد عسكري خلالها أكبر مما كانت تشهده الأيّام التي قبلها أَو بعدها، وَفي هذا تحليل نفسي وسلوكي يمكن أن نستقرأ منه الأسباب والدوافع.
معروف وَمسلم به أن تحالف العدوان في حربه على اليمن منذُ 5 أعوام يعتمد أولاً على الموقف الدولي الموجه أَو المساند له عسكريًّا وَسياسيًّا وَإعلامياً وَحتى حقوقياً، وَحين فشلت الورقة العسكرية في تحقيق أيِّ انتصار له على طريق كسر إرادَة الشعب اليمني بفضل عزيمة الرجال في الميدان، لجأ العدوان إلى أوراق أُخرى كثيرة وَمتشعبة، البعض منها يهدف إلى تحقيق اختراق مجتمعي وَأمني وَإداري، والبعض الآخر يسعى إلى تحقيق انتصار قانوني وإعلامي وَخلق حالة من الجدل وتبادل الاتّهامات بشكل يبعد التركيز عن فشله أَو جرائمه.
يمكن لنا أن نصنف سلوكه التصعيدي خلال مراحل الهُدنة بأنه يندرج تحت البعض الأخير، حيثُ يستغل حالة التماهي في الخطاب الأممي والدولي معه، وعدم جرأة هذا الخطاب في إدانته بوضوح للأسباب السابقة، فيعتقد أنه سيتحَرّك بحرية في الميدان العسكري، فيما الطرف الوطني سيكون مقيداً بضغوط الهدنة أممياً وَإعلامياً، وَإن حدث تحَرّك دفاعي مقابل فإن ألسنة المحللين وَالخبراء التابعين له ستلهب القنوات بالحديث من أن ما يسمونهم الحوثيين لا يلتزمون بالتهدئات ولا يحترمون مواثيق وَقرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وبأنهم من يريد استمرار الحرب وَما إلى ذلك من التوصيفات، في سياق تهيئة لبيانات وخطابات أممية ركيكة وَغير فاعلة.
وفي هذه الأجندة والسيناريوهات المكرّرة حمق وغباء لا يسمن ولا يغني، فاليمنيون أفشلوا عدواناً عسكرياً حدث بدعم وَرضا وصمت العالم، ولم يلقوا من يناصرهم أَو يعترف بمشروعية قضيتهم من الدول الكبرى، بل تسابق المجتمع الدولي كلُّه ليوقع صفقات السلاح وَالاستئثار بالمال الخليجي ولو على حساب دماء اليمنيين، وفوق هذا لم يسلم اليمنيون من توجيه الاتّهامات ضدهم وَنعتهم بكل مفردات الشيطنة والخروج عن الشرعية الدولية.
فإذا كانت كُـلّ هذه المفاعيل لم تُجدِ، فهل سيحقّق التغاضي الدولي عن خروقات العدوّ في زمن هُدنة زائفة أي نصرٍ لهم أَو انكسار لنا؟!
بقي أن نقول: إن اليمنيين ليسوا رجال معارك ميدان وحسب، بل وَيفلحون في قلب المعادلة أَيْـضاً على الطاولات بحنكة وحكمة تتكامل مع ما يفعلونه في الجبهات، وما مقترحُ وثيقة الحل الشامل التي تقدّمت بها القيادة إلى الأمم المتحدة وعبرها إلى تحالف العدوان، إلَّا إبطال لكل تلك المكائد والأسحار، وتفنيد لكل المزاعم وَالادِّعاءات، إنها تضع تحالف العدوان وَالمجتمع الدولي والعالم أجمع أمام الحقيقة التي يجب أن تقرأ من مواقفنا ومقترحاتنا، التي طالما تختلق الحلول وتضع مساراً للنجاة لكل الأطراف، بعيدًا عن أي تسطيح أَو فزاعات زائفة..
يقيناً بأن العالم يفقه، وليس بتلك الدرجة من الحمق الذي يبدو عليها أنظمة تحالف العدوان، لكنها المصالح وأنفلونزا النفط العابرة يا سادة، تفقد المصاب بها رائحةَ المنطق إلى حين.