المشروعُ القرآني وأثرُه في مستقبل الصراع بالمنطقة

 

منير الشامي

ظهر محورُ المقاومة في يوم القدس العالمي هذا العام ولأول مرة كمحور مقاومة واحد وككيان موحد القيادة والإرادَة والهدف، وهذا الظهور بلا شك أرعب أعداء الأُمَّــة وفي مقدمتهم العدوّ الصهيوني، ومثّل رسالة تهديد حقيقية وقوية للتواجد الأمريكي والغربي في المنطقة بشكل عام.

وقد جاء هذا الظهور بعد دعوة القائد العلم السيد عبدالملك الحوثي -يحفظه الله ويرعاه- إلى توحيد محور المقاومة في خطابه بذكرى المولد النبوي الشريف في الثاني عشر من شهر ربيع أول من هذا العام.

ومما لا شك فيه أن النظام الصهيوأمريكي والأنظمة الغربية حينما رأوا هذا الموقف لمحور المقاومة، وقد أصبحوا حسب اعتقادهم على مشارف الخطوة الأخيرة للقضاء على دين محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، خُصُوصاً بعد أن كشف النظام السعودي حقيقة تبعيته الوجودية للنظام الصهيوأمريكي، وأعلن عن علاقاته مع العدوّ الصهيوني التي ظلت طيَّ الكتمان إلى ما قبل تولي سلمان، وتحوّل هو والنظامُ الإماراتي بعدها إلى أبواق علنية تدعو الشعوب العربية إلى التطبيع العلني مع العدوّ الصهيوني، ويسعون جاهدين إلى دفن قضية الأُمَّــة الأولى وفرض إسرائيل عليها كواقع إجباري يجب القبولُ به.

وحقيقةُ الأمر أن ذلك الموقفَ كان رسالةً قويةً لهم مفادُها أن مؤامراتكم لعشرات العقود من الزمن ستتبخر وتذهب أدراج الرياح، وحربكم الطويلة للإسلام لم تجدِ وكأنها لم تكن، ما يعني أن الصدمة عليهم كانت أقوى مما قد يتصوره أيُّ شخص.

ويعتبر هذا التطور متغيراً جديداً إضافياً في مستقبل الصراع العربي الصهيوني في المنطقة، وعاملاً قوياً في مستقبل المقاومة يعزز من قوتها ونهجها واستمرارها.

لقد أصبح أعداء الأُمَّــة اليوم يدركون تمام الإدراك أن السبب الرئيسي في ظهور الكثير من المتغيرات في الشرق الأوسط والتي لم تكن في حسبانهم ولم يتوقعوا أن تحدث، هو المسيرة القرآنية ومشروع الثقافة القرآنية الذي أسّسه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، وشيد أركانه ومعالمه القائد العلم السيد عبدالملك الحوثي -يحفظه الله ويرعاه-، في يمن الإيمان والحكمة، فهذا المشروع كما يبدو من الأحداث المتتابعة يؤكّـد قرب زوال مشروعهم في الشرق الأوسط، وينذر بإفشال أهداف حربهم الطويلة للإسلام والتي تمثّلت بفصل الأُمَّــة عن دينها وأبعادها عن ركني قوتها (القرآن والعترة الطاهرة)، وتلك هي الحقيقة التي غيبوها عن الأُمَّــة وحاولوا تشويه صورتها في وجدانها، إذ أن عودة الأُمَّــة إلى القرآن يضمن حصولها الفوري على المنهج والقيادة، وهما العنصران المرعبان لهم عبر التاريخ الإسلامي.

وهو ما أثبته المشروع القرآني أمام العالم في اليمن، وهي تلك الدولة الضعيفة وذلك الشعب الفقير، فحينما عاد جزء من الشعب اليمني إلى القرآن بمشروع الثقافة القرآنية امتلك فورًا عنصري القوة، وهما المنهج والقيادة الفكر والإرادَة، واستطاع بهما أن يواجه ويصمد وَيتفوق على أكبر وأعظم عدوان دولي، وأشد حصار عسكري في التاريخ ولسادس عام، فكيف لو التف الشعب كلُّه حول هذا المشروع؟

وهذا هو ما يدركه جيِّدًا أعداء الأُمَّــة، ويحاولون تغييبه وحجبه عنها، فهم اليوم يرون بعين اليقين دين محمد يُبعث في اليمن من جديد وقيادة محمد تعود للظهور في اليمن من جديد، وجل ما يخشوه هو أن تجتمع العرب وتلتف حول هذه القيادة الصالحة التي من أبرز سماتها أنها تنطق بدين واحد لا مذاهب فيه ولا اختلاف، وتخاطب أُمَّـة لا فرقاً، وذلك هو لسان محمد بن عبد الله -صلوات الله عليه وعلى آله-.

وهو سبب استمرار عدوانهم على وطننا رغم استمرار فشله لسادس عام على التوالي، وسيستمرون فيه لا أملَ منهم في الحسم العسكري والسيطرة، فقد أيقنوا باستحالة ذلك، بل لإعاقة الشعب اليمني وقيادته عن التنفيذ العملي للمشروع القرآني، والذي لو حصل لأحدث نقلةً نوعية لليمن من الحضيض إلى مصاف الدول المتقدمة في ظرف سنوات قليلة، ولتحول اليمن إلى أرقى أنموذج يُقتدى به ويجبر الشعوب العربية على انتهاج المشروع القرآني والذي سيفضي بسرعة إلى التفافهم جميعاً حول قيادته القرآنية، ويَجْمَعُ العرب المتفرقين أشتاتاً إلى أُمَّـة واحدة معتصمة بكتاب الله ومتولية له ولرسوله وللمؤمنين بعد أن كانوا متوليين لأعدائه من طواغيت الأرض، فتلك هي الحقيقة وذاك هو الخبر اليقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com