رســـالــة شــهيـــــــــد
عبد القوي السباعي
بسم الإله اللي جعلنا من جنوده والخَفَر *** حيث اشترى منّا النفوس القاطنة جوف الضمير
وبيّن المولى جهادي فرض سَنّه بالسور *** في مُحكم التنزيل بالقرآن والذكر المُنير
وزاد فيما حضّنا نثبت ولا نخشى ضرر *** نواجه الأعداء صفوفاً مُقبلاً زحف المسير
ورابحٍ بيعه مجاهد قاد نفسه وأصطبر *** وخاض لأغمار المعارك ساعة إعلان النفير
لعقيدتي السمحة بذلت الروح مُمعن بالنظر *** فيما أنا مُقدم عليه من أجل تحديد المصير
إذ كنْتُ واحد من جموع الحق عشاق الخطر *** وهبوا دماهم والنفوس اجناد للحيّ القدير
حيّا معادنهم رجال الحسم بركان انفجـــر *** في وجه من رام الوطن أو للعقيدة يستعير
كانوا وما زالوا رجال الله صُناع الظفـــر *** والنور ذي صاغ السلام للأرض واسقوها غزير
منهم من اللي قد قضى نحبه شهيداً مُعتبر *** ومنهم الباقي على عهده وللقمة يسـير
في ساحة الميدان كنتُ الفارس الفذ الأغر *** الله أكبر لي شعار, صرخة تزلزل كل دير
مهمتي صون البلد والدرع ذي صدّ الشرر *** مُتقن سلاحي في الحروب كرار متمرس خبير
وبذات معركةٍ آتى ضيفاً توشحهُ القــدر *** من بعد تجريع العدا يوماً عبوساً قمطريـــر
ولا شعرت إلَّا بذي قلّي تأهب للسفـــر *** جاتني الملائك وانطلق موكب أنا فيه الأمير
طُفنا السماوات العُلى والكل هنّاني ومَـر *** بعد السلام والتهنئة للحشد والجمع الغفير
في مستقر جنات عدنٍ حيث قد عُــدَّ المقر *** من بعد ما قالوا انتقل ضرغام مثواه الأخير
في جنةٍ عرض السماء والأرض كان المستقر *** المنزل اللي ما احتفى إلا بمن هو له جديــر
في قصري المعمور والجاري على ابوابه نُهُر *** أعطاني الله من نعيم الخُلد والعيش القرير
المنزل المبني صروحه عمدها مـدّ البصر *** والسقف مسترسل ظِلال العرش عمقه مستدير
لبناته الياقوت من مرجان رُصع بالدرر *** وظلها المدود يتماوج مع استار الحرير
فيه الغرف قد زُخرفت جدرانها توج الممر *** مفروشها استبرق ثياباً خُضر مرفوع السرير
عن حوريات العين يا قومي فقد جاكم خبر *** يصعب على الواصف يصف من بعد توصيف البشير
سبعين حورٍ عين كنن لول مكنون أنهمــر *** صبت قوارير الذهب نهر اللبن خمر العصير
كأساً دهاقاً مُزجها الكافور بالمسك أعتمر *** وكلما نفسي تخُــذ, لهفة شغفها تستثيــر
من طلحها المنضود وانواع الفواكه والثمر *** فيها الحدائق دانياتٍ كنّها طلعٌ نضيــر
في جنة الرحمن ما أدراك يا نعم الأُخــر *** فإذا رأيت ثمَّ رأيت الخير والملك الكبير
فيها تقابلنا اصدقاء شتى وأعلام السيَّــر *** على الأرائك لا نرى شمساً تطل أو زمهرير
رضوان يوماً زارنا من تحت طوبى قد عبر *** سلَّم علينا ثُم قال: عايد تجارتكم وفير
فقلت: يا ليت ان لي نفسين بل اثنا عشـر *** ارجع اقاتل واستميت مرات واشفع للكثير
ما انا من اللي صدقوا دُعاة بابك يا سَقــر *** ولا بخائن مرتزق عميل للخلف الأجير
أنا كتابي مرجعي وقدوتي خير البشــر *** المصطفى الهادي لنا, وعلى خُطى الله نسير
نموت دون الدين، دون العرض, والمبدأ أمر *** نموت كي يبقى اليمن شامخ موحد مستنير
حاشى الذي بعدي يظن اني على لحد إنقبر *** بل حيّ أُرزق في حِمَى ربّي بجناته أطير