لأصحاب العقول الواعية..!
عبدالقوي السباعي
رغمَ مرورِ سِتِّ سنوات من العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني، لا يزالُ البعضُ من الأشخاص، هنا أَو هناك، يعانون حالةً ليست بالهيِّنة من ضيقٍ في الأفق وفقدانٍ للبصيرة، واستفحال حالة من التشويش الفكري والتشتت الذهني، عجزوا أمامها من استيعابِ وفهمِ الصورة الواضحة للمشهد العام القائم والذي يعيشونهُ بكل تفاصيله وأبعاده.
انعدمت مقدرتهم على توصيف معالم الواقع الحياتي والذين هم جزء من مظاهره وأحداثه، وذلك قد يكون نتيجةً لقصورٍ في الوعي والإدراك عند القلة منهم، على اعتبار أن صور المشهد القائم، ومعالم الواقع تفوق مستوى وعيهم وإدراكهم وثقافتهم المحدودة، ولكثرة تعرضهم المتواصل للدعايات السوداوية والشائعات المغرضة والفبركات الزائفة والمفاهيم المغلوطة، والتلاعب المستمر من ترسانةٍ إعلاميةٍ ونفسيةٍ ضخمة تمتلكها قوى العدوان وأذنابه وفعالياته.
مثل هذه الحالات حريٌّ بكل يمني مثقف ومتعلم أن يسهم بفاعلية، بمساعدة أُولئك ممّن يعيشون حولهم على استبصار واقعهم بكل جد وجهد وطاقات، وكُلٌّ بحسب إمْكَاناته وقدراته؛ لأَنَّها سرعان ما تتجلى الحقائق لديهم في واقعهم العملي؛ وكونها تختلف عمّا قد نراه عند بعض الأشخاص الذين نالوا من التعليم والثقافة قسطاً أكبر، غير أنهم أسرى لمفاهيم خاطئة جاءت نتيجةً لانعكاساتٍ سياسية تراكمية، وصراعات حزبية تنافسية مزمنة، فصمَّت أسماعهم وأعمت أبصارهم عن إدراك واقعهم بوعي مُتقد وبصيرةٍ نافذة، والتي نتمنى لهم الشفاء العاجل منها، ويتمكّنون من إزالة الغشاوة التي تعتريهم وتعصف بهم حقداً وكراهية.
في هذا المقام يجب على أصحاب العقول الواعية أن تستوعبَ متطلبات المرحلة الراهنة في تعزيز ثقافة التسامح والتصالح، والمحبة السلام، في ساحةٍ تعرى الباطل وانكشف الزيف وظهر الحق وتجّلت الحقائق.
يمكن إدراك المهمة من قول الشهيد القائد –رضوان الله عليه–: إن “مهمة المؤمن يجب أن ترقى، بحيث تصل إلى درجة تستطيع أن تجتاحَ الباطلَ وتزهقَه من داخل النفوس، ومتى ما أزهق الباطل من داخل النفوس، أزهق من واقع الحياة، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنفسهِمْ} (الرعد: من الآية 11)”.
“وأنت جندي تنطلق في سبيل الله سترى كم ستواجهك من دعايات تثير الريب، تثير الشك في الطريق الذي أنت تسير عليه، تشوه منهاجك وحركتك أمام الآخرين، دعايات كثيرة، تضليل كثير ومتنوع ومتعدد، وسائل مختلفة ما بين ترغيب وترهيب”.
لذلك فمسألةُ تعزيز الوعي والإدراك في نفسيتك أولاً ومن ثم في الأوساط المجتمعية المحيطة بك، من أعظم أولويات، بل أصبحت اليومَ مهمةً دينيةً ووطنيةً وأخلاقية، لا ينبغي أن نحصرَها في جهة أَو على أشخاص بعينهم، فالكُلُّ معنيٌّ بها، كُلٌّ من موقعه باسمه وصفته، وبحسب قدراته وإمْكَاناته وأساليبه، كمسؤوليةٍ جهاديةٍ دائمة ومستمرة، وأن أي تقصير أَو تهاون في هذا الشأن يُعد خيانةً أخلاقيةً ووطنية، فالكل مُلزَمٌ في تعزيز جبهة الوعي والإدراك وترسيخها على أوسع نطاق.