اليمن.. حصادُ العام السادس ومبادرة السلام السعودية
إكرام المحاقري
بعد ستة أعوام من العدوان والحصار والقتل والدمار توسم اليمن بوسام النصر التاريخي الذي لطالما كان من نصيب اليمنيين في كُـلّ حرب يخوضونها؛ ولأن القاتل يقف موقفَ المتخبط ليغطي عن جريمته وفشله، فقد دفعت قوى العدوان بالكثير من المغرر بهم خلال هذه الأعوام؛ مِن أجلِ الحفاظ على أرواح جيوشها الكرتونية، ومن جهة أُخرى فقد اعتمدوا بشكلٍ كبيرٍ على المرتزِقة لتحقيق مخطّطاتهم، حَيثُ وهم يعلمون يقيناً بأن جيوشَهم لا تسمنُ من جوع، وهذا هو حالُ جميع الجيوش والمليشيات ذوي الدفع المسبق.
أتى يومُ الصمود اليمني ليزيحَ الستار عن الضربات الموجعة التي تلقاها النظام السعودي وأصابت عموده الفقري (الاقتصاد)، وأصابت العدوّ “الصهيوأمريكي” في هيبته الوهمية عندما سقطت هيبة أسلحته، وقدمت النظام الإماراتي في مكانته الحقيقية عندما أذعن وأعلن الانسحاب أكثر من مرة حتى تسلم أبراجه وتجارته، أما عمن دار في فلك إجرام العدوان فحدث ولا حرج، فقد نالهم من الجحيم ما نال من يأتمرون بأمره من القتل والمهانة، فحتى الكلاب باتت تعرف المرتزِقة من على بعد وذلك من رائحة جثثهم المتعفنة في الوديان ورمال الصحراء.. وغير ذلك فكل ما حدث فقد أثبت للعالم بأن اليمن كان وسيبقى مقبرة للغزاة.
في كُـلّ عام ينتظر رعاة الحرب من النظام السعودي تقريراً عن الإنجازات العسكرية لقواته الإرهابية المدعومة في اليمن، والكثير ينتظر منهم إعلان إعادة الشرعية لهادي، وهذا ما لم يحدث، وقد يكون موقفهم الصامت اليوم تعبيراً عن العجز في انتظار الحسم العسكري من قبل قوات صنعاء والتي تمكّنت من إصابة النظام السعودي بالعجز بل ووصل تأثيره إلى واشنطن وتل أبيب، ويبدو أن أمريكا وإسرائيل ستتعلمان السياسة مجدّدًا بعد أن فشلت كُـلّ مؤامراتهم في اليمن رغم نجاحاتهم في بلدان أُخرى.
الكارثةُ الحقيقيةُ نزلت على رأس النظام السعودي في تصريحات وتقارير وأرقام دقيقة التي أعلن عنها الناطق الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، ولم تستطع تقليل أثرها ردود الإخوان التي تعمدت كالعادة المكابرة والكذب، فالجميع وخلال ستة أعوام يعلمون ماذا يجري من تأثير الضربات اليمنية (البرية والبحرية والجوية)، وسواءٌ أكان هذا في جيزان ونجران وعسير، أَو ما لحق من دمار بـ “أرامكو ومصفاة الشيبة وبقيق وخريص” بواسطة المسيرات اليمنية، أَو على مستوى الجبهات الداخلية كـ “الجوف ونهم ومأرب” وغيرها من الجبهات التي فر منها الاحتلال.
أما طائرات العدوان والتي يخال لهم أنها حقّقت الإنجازات، فلن يشهد لها غير دماء وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل في اليمن بشكل عام، وهي وصمة عار في جبين “الأمم المتحدة” التي لعبت الدور الأمريكي في المنطقة متناسية وظيفتها الإنسانية.
لن تتجرأ قوى العدوان على رفع أي تقرير تتحدث فيه عما أسمته “المقذوفات” اليمنية والتي اخترقت الباتريوت الأمريكية، ولن يتجرأ خماسي الشر على تبني الحرب علانية، فما يهمهم فعلا هو مصير الحقول النفطية في المملكة السعودية والسيطرة على باب المندب والنفط الذي كانوا يطمحون للسيطرة عليه في مأرب وحضرموت والجوف، وهذا ما صار بعيد المنال، لذا فهم يحتاجون بشكل ملح للمزيد من الوقت لتلافي الآثار الكارثية التي قد تحدث نتيجة فشل العدوان.
النظام السعودي راجع ملفه المتدهور خلال الـ 6 أعوام، لذلك فقد أعلن وزير خارجيته عن مبادرة سلام عوجاء نتيجة تخبطه، فتنصلوا عن حقيقة قيادتهم للعدوان على اليمن، وقدموا الحرب وكأنها حرب داخلية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بينما الحقيقة هي أنهم رفضوا جميع الحلول والمبادرات والتنازلات اليمنية التي قدمت في ملف يشمل حلول للصراع في المنطقة بعيدًا عن التدخلات الخارجية، لكن المملكة السعودية وبعد كُـلّ ضربة باليستية موجعة تعاود استخدام ما تم تجريبه من قبل سواء سياسيًّا بتقديمهم هذه المبادرات الفاشلة، أَو بمعاودتها لقصف ما تم قصفه مسبقًا وإرهاب المدنيين واستهدافهم، ولعل “أمريكا” لم تعد تدرك كيفية رسم خطة للخروج من مستنقع العدوان، وهو أَيْـضاً حال “بريطانيا والعدوّ الإسرائيلي” الذين قد يكتفون بالسيطرة على باب المندب، وسيتركون النظام السعودي ليلاقي مصيره المحتوم، وفيما بعد سيسلطون عليه ذات الأدوات التي استخدمها في اليمن من تنظيمات إرهابية كـ “القاعدة وداعش” لتجهز على ما تبقى من النظام السعودي المتهالك، فمشروع التقسيم الأمريكي يستهدف المنطقة برمتها وهذا يشمل الدول التي تدور في فلك العدوّ الأمريكي، حَيثُ والسلام “الأمريكي” الذي يصلون له في كُـلّ وجهة قد تجلى في إسقاطهم في مستنقع التطبيع وحلب المملكة السعودية وما جاورها من الدول التي لا تملك حرية قرار ولا استقلال.
ختاماً:
الحرب لم ولن تنتهيَ بمبادرة سعودية، فمن يقدم المبادرات والقرار هي واشنطن الرأس المدبر للحرب، وإلا فَـإنَّ العام السابع لكفيل بأن تكون الأرقام فيه هائلة وقد يكون فيه الحسم العسكري هو الأقرب للتحقيق، وواشنطن لن تتورع عن ترك النظام السعودي ليواجه مصيرَه كما فعلت سابقًا مع عملائها، وقريباً تتضحُ المواقفُ أكثرَ.. وإن غداً لناظره قريب.