صنعاء ترفُضُ المساومةَ على موقفها: جولةُ “المبعوثَين” فاقدة للجدية!
عبد السلام: لا مكانَ لأنصاف الحلول في الملف الإنساني ولن نقبلَ بإخضاعه لأية مقايضة
البخيتي: الدفع بالفارّ هادي إلى الواجهة يكشف إصرارَ “رباعية” العدوان على استمرار المسرحية!
المسيرة | خاص
ألمَحَ رئيسُ الوفد الوطني وناطق “أنصار الله”، محمد عبد السلام، أمس الاثنين، إلى استمرارِ تعنُّتِ دول العدوان بخصوص المِلَــفِّ الإنساني، وإصرارها على ربطه بالملفات السياسية والعسكرية، الأمر الذي تؤكّـدُ صنعاءُ بوضوح وباستمرار على عدم القبول به بأي شكل من الأشكال، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة والسعودية والأمم المتحدة كانت تحاولُ فقط كسبَ الوقت ومواصلةَ ابتزاز صنعاء من خلال جولة اللقاءات الأخيرة للمبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن، على الرغم من إبلاغ الوسيط العُماني بـأنها “تتفهم” موقف صنعاء.
وكتب عبدُ السلام، عصرَ أمس، على حسابه في تويتر: “لا مكانَ لأنصاف الحلول فيما يتعلق بالوضع الإنساني الذي نؤكّـد على موقفِنا الثابتِ بعدم إخضاعه لأية مقايضة بالمطلق”، وَأَضَـافَ أن “عدمَ الرغبة في فصل المِلف الإنساني عن غيره من الملفات دلالةٌ على عدم الجدية في التوصل لحل سلمي شامل وعادل”.
ويأتي هذا التصريحُ بعد “لقاءات مكثّـفة” عقدها الوفدُ الوطني في مسقط مع عدد من المبعوثين الدوليين، على رأسهم المبعوثان الأممي والأمريكي إلى اليمن، بحسب ما صرّح عضو الوفد، عبد الملك العجري، والذي أكّـد أنه تم التركيزُ في تلك اللقاءات على “معالجة الاستحقاقات الإنسانية” للوصول إلى فصل المِلف الإنساني عن المِلفات السياسية والعسكرية، وهو الأمر الذي حمله المبعوثان معهما إلى الرياض ليلتقيا الجانبَ السعودي والفارَّ هادي.
وفيما اتضح أن السعوديةَ أبلغت المبعوثَين برفضِها التخلِّيَ عن استخدام المِلف الإنساني كورقة “ابتزاز”، لتصلَ جولةُ اللقاءات الأخيرة إلى طريق مسدود، لا يبدو أن صنعاءَ فوجئت بهذه النتيجة إطلاقاً؛ لأَنَّ مثلَ هذه التجارب قد تكرّرت عدة مرات من قبلُ، وقد كتب عضو المكتب السياسي لأنصار الله، ومحافظ ذمار، محمد البخيتي، صباحَ أمس، أن دفع دول العدوان (الرباعية) بالفارّ هادي للقاء المبعوثين الأممي والأمريكي، يعني أنها “غير جادة”؛ لأَنَّها ما زالت مُصرةً على إظهار الأمر وكأنه مشكلةٌ داخليةٌ بين أطراف يمنية.
وكان عضوُ الوفد الوطني، عبد الملك العجري، قد أشار، أمس الأول، في مقابلة مع صحيفة الثورة الرسمية إلى أن سلطنةَ عُمان أبلغت الوفدَ الوطني بأن هناك “تفهماً” لموقف صنعاء، وأوضح أنه تجبُ ترجمةُ هذا “التفهم” على الواقع بإنهاء الابتزاز والعرقلة في ما يخُصُّ مطار صنعاء وميناء الحديدة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتمُّ فيها إبلاغُ الوسيط العُماني بشيء غير واقعي لإيصاله إلى الوفد الوطني، حَيثُ كان عبد السلام قد كشف في وقت سابق أنه تم إبلاغُ عُمان بأن “المبادرة السعودية” ستأتي لإيقاف العدوان والحصار، قبل أن يتضح لاحقاً أنها بعيدةٌ كُـلَّ البُعد عن ذلك.
يبدو الآن بوضوح أن الولايات المتحدة والسعودية كانتا تحاولان، من خلال جولة اللقاءات هذه، دفعَ ما سمي “المبادرة” إلى واجهة المشهد، إعلاميًّا؛ للهروب من تداعيات استمرار العدوان والحصار، وإيهام العالم بأنهما حريصتان على “السلام” وأن صنعاء هي من تتمسك بخيار الحرب؛ لأَنَّ “الصفقة” التي حاولتا عرضها على صنعاء قد حُسم أمرها بشكل مبكر عندما أعلنتا عن “مبادرة” مقايضة المِلف الإنساني بمكاسبَ عسكرية وسياسية، وردت صنعاء فورًا بالرفض، ولم يكن هناك داعٍ لإرسال المبعوثين؛ مِن أجلِ حَمْلِ نفسِ الرسائل التي كانت قد وصلت أصلاً، لكن الأمر حدث فقط ليقال إن هناك “تفاوضاً”.
ولعلَّ صنعاءَ فطنت بشكل مبكر لهذه المحاولة عندما صنعت زخمًا إعلاميًّا غيرَ مسبوقٍ؛ لتأكيد موقفها الثابت من رفض مقايضة الملف الإنساني بأية ملفات أُخرى، والرد على تفاصيل “مبادرتَي” واشنطن والرياض فور إعلانهما، وبالتالي فوّتت الفُرصةَ على تحالف العدوان لاستثمار الحديث عن أية “مفاوضات”.
وإذ تؤكّـدُ كُـلُّ المؤشرات أن واشنطن والرياض ليستا في وارد تحقيق أي تقدم في الملف الإنساني (وبالتالي في المِلف السياسي)، تعودُ الأنظارُ للتوجّـه صوبَ المشهد العسكري الذي تضمَّنَ خلال الأيّام الماضية إنذاراتٍ شديدةَ اللهجة وجّهتها صنعاء للنظام السعودي، بشأن توجيهِ “ضربات لم يعهدُها من قبل إذَا استمر في العدوان والحصار”، إلى جانب ما توعد به قائد الثورة من “زخم عسكري” خلال العام السابع.