الظالمُ بالأخير هو المظلوم
زياد السالمي
نعيشُ على أمورٍ مفهومةٍ بشكل خاطئ، والسببُ سطحيةُ القصد والإدراك.. تحتاجُ منا دائماً مراجعةً واعيةً جِـدًّا مستمَدَّة من قصة موسى وعبد الله حول فهم الأمور..
مثلاً من يعتقد أن الظلمَ يقتضي وجود شخصين: شخص الظالم وشخص المظلوم.. حسبما هو الدارج والمدرك سطحياً.. بينما لو دققنا في الحقيقة سندرك أن المظلومَ ذلك عند الله هو الفائز الأبدي، بينما الخاسر الأبدي هو ذلك الظالم، وبالتالي فَـإنَّه لم يظلم غيرَ نفسه.
وقوامُ هذه الفكرة وأَسَاسها قول هابيل لقابيل في الآيتين (30- 31) من سورة المائدة (إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أصحاب النَّارِ، وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأصبح مِنَ الْخَاسِرِينَ).
ومعناه العميقُ والحقيقي أن الظالمَ لم يظلم غيرَ نفسه بل ينفعُ مَن أضرَّ.. وبالتالي فهو مظلومٌ في الحياة الحقيقية وهي الآخرة.. هذا المعنى غير المألوف حينما يترسخُ في وعي المجتمع فَـإنَّ الذي يتباهى بالقوة على غيره حينما يدركُ أن بفعله ذلك قد خسر بينما الذي أضرَّه قد ربح سيحاول إن لم يخسر خصمه هو أن لا يكون سبباً لربحه فيعدل عن ظلم نفسه بأذية الآخر، وحينما يصبح مثلُ ذلك الفهم متداولاً لدى المجتمع ويغدو وعياً سيكُفُّ الناسُ عن فعلِ الخطأ، ويحرصون على ألا يكونوا مظلومين بظلمهم لأنفسهم من خلال أذية بعضهم البعض.