مبعوث “بايدن” إلى اليمن يكشف حقيقة مهمته: إقناع “صنعاء” بالاستسلام؟!
– طالب بإغلاق الحدود مع عمان وأكّـد أن الهدف الرئيسي لواشنطن إنقاذ المرتزقة في مأرب
– حاول تبرير احتجاز سفن الوقود وقال إنه لا يعلم شيئاً عن وقف الدعم الأمريكي للسعودية!
المسيرة | خاص
“نحنُ بحاجةٍ إلى مزيد من الجهود لحمل (الحوثيين) على إلقاء السلاح”.. هكذا بدأ المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينج، حديثه في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية الأمريكية، قبل أَيَّـام، معبراً عن الهدف الرئيسي لمهمته التي بدا واضحًا أنها لا تتعلق بـ”السلام” الذي أكثرت إدارةُ بايدن من الحديث عنه، بل تتعلق بإنقاذ السعودية ومرتزِقتها من الوضع السيء الذي يعيشونه ميدانيًّا، وتحقيق مكاسبَ سياسية وعسكرية لصالح واشنطن والرياض، من خلال محاولة دفع صنعاء نحو “الاستسلام” بالابتزاز، وتشديد الحصار على الشعب اليمني.
ليندركينج قال: إن “أكبر تهديد لجهود السلام هو الهجوم على مأرب” متجاهلاً بشكل فجٍّ استمرار الغارات الجوية لطيران العدوان على اليمن واستمرار الحصار، ومصدقاً بذلك على ما أكّـده عضو الوفد الوطني، عبد الملك العجري، أثناء جولة اللقاءات الأخيرة في مسقط، من أن الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه واشنطن والرياض والأمم المتحدة من خلال الحراك الدبلوماسي والضجيج حول “السلام” هو وقف تقدم قوات الجيش واللجان الشعبيّة في مأرب، وبعبارة أُخرى: تعويض الفشل العسكري للمرتزِقة في مأرب، سياسيًّا.
استمر المبعوثُ الأمريكي خلال الجلسة بالتأكيد على ضرورة “وقف إطلاق النار” قبل رفع الحصار، وهو ما يندرج ضمن السعي لتحقيق الهدف المذكور، ويوضح أنه لا وجود لأية جدية في السعي نحو “سلام” حقيقي، فكل ما ينطوي عليه شعار “وقف إطلاق النار” الأمريكي، هو وقف عمليات صنعاء العسكرية فقط، وقد أوضحت إجابات ليندركينغ نفسه هذا الأمر.
وقد ظل ليندركينغ، طوال الجلسة، يتهرب بشكل مريب من موضوع “الحصار” وتحاشى حتى أن يسميَه “حصاراً”، ما بدا كتأكيد على أن الولايات المتحدة مصرة على التمسك بحرمان اليمنيين من سفن الغذاء والوقود، كورقة ضغط وابتزاز.
تأكيدٌ أرفقه المبعوث الأمريكي، وبكل وقاحة، بمعلومات مضللة حول وجود “كميات كبيرة من الوقود في المحطات بصنعاء” ملقياً باللائمة على سلطات المجلس السياسي الأعلى التي زعم أنها “تسيطر على سوق سوداء كبيرة” تعيق وصول هذا الوقود إلى الناس، وهي محاولة صريحة لتبرير استمرار احتجاز سفن الوقود في البحر الأحمر.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ كشف ليندركينغ، عن نوايا للتوجّـه نحو تشديد الحصار أكثر، بالحديث عن “ضرورة إغلاق الحدود مع سلطنة عمان”؛ بحجّـة “منع تهريب الأسلحة”، الأمر الذي يؤكّـد على أن إدارة بايدن ماضية في استثمار “سلاح التجويع” إلى أقصى حَــدٍّ ممكن، على الرغم من حقيقة أن استخدام هذا السلاح يمثل انتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية والإنسانية.
وفي تأكيد إضافي وفاضح، على أن مهمتَه مقتصرةٌ على محاولة دفع صنعاء نحو “إلقاء السلاح” بحسب تعبيره، وليس البحث عن “السلام”، قال ليندركينغ إنه لا يمتلك معلومات حول ما إذَا كانت الولايات المتحدة مستمرة بدعم العمليات العسكرية السعودية في اليمن (بالرغم من أن بايدن قد أعلن رسميًّا قطع هذا الدعم) الأمر الذي أثار استغراب الحاضرين؛ لأَنَّ هذا الموضوع الحساس بالذات، كان القاعدة الدعائية الرئيسية لقيام بايدن بتعيين مبعوث إلى اليمن، تحت شعار إنهاء التورط الأمريكي في الحرب.
(يأتي هذا في الوقت الذي لا زال أعضاء الكونغرس يشتكون من امتناع البيت الأبيض عن التوضيح بشأن “الدعم الذي تم الإعلان عن إيقافه”)
والمفارقةُ أن ليندركينغ الذي لا يعرفُ شيئاً عن دعم بلاده المعلَن والرسمي للرياض، تحدث بطلاقة عن “الدعم الإيراني” المزعوم لصنعاء، والذي لا تمتلك الولايات المتحدة أدلة على وجوده!
وإجمالاً، يمكن القول إن إجاباتِ المبعوث الأمريكي إلى اليمن أمامَ لجنة الشؤون الخارجية، لم تكشف فقط حقيقةَ المهمة المشبوهة التي يؤديها، كجندي في معسكر تحالف العدوان بقيادة واشنطن، بل تنسفُ أَيْـضاً كُـلّ ادِّعاءات البيت الأبيض حولَ “تغيير الموقف” بشأن الحرب على اليمن، إذ لم يعد هناك شك بأن هذا التغيير كان وما زال مُجَـرّد “دعاية” لصد الضغوط الحقوقية المتزايدة على الولايات المتحدة بشأن تداعيات الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.