لا تزال أمريكا التي نعرفُها!
سند الصيادي
من خلال مجلس النواب الأمريكي وَتحت حساب مِلف اغتيال الصحفي السعوديّ جمال خاشقجي وَمِلفات أُخرى لم يكن العدوانُ على اليمن أحدَها، فرضت الولاياتُ المتحدة ما أسمته بالقيود على تصدير الأسلحة إلى النظام السعوديّ، لمدة زمنية قابلة للتمديد أَو التراجع.
ولن نتوقفَ هنا عند التدقيق في أسباب وَدوافع هذا الإجراء المعلَنة، وما إذَا كان الإجرام المُستمرُّ ضد الشعب اليمني من قبل هذا النظام الدموي أحدَ الدوافع لمجلس النواب الأمريكي لاتِّخاذ هذا القرار، فبالحصيلة لا خاشقجي ولا انتهاكات حقوق الإنسان والحريات هي السببُ العاطفي والقانوني الذي دفع بهذا الاتّجاه، فالإجراءات الأمريكية -كما عوّدتنا- وَإن تغلفت بالعناوين الإنسانية الفضفاضة- إلَّا أنها لا تنتصر لها وَإنما تحتفي بها لممارسة أشكال جديدة من الضغوط والابتزاز على ذمتها.
وَحتى لا نتعاطى مع هذا الإجراء بكثيرٍ من الجدية والمصداقية في أثره المفترَض، وهو قطعُ التمويل العسكري على السعوديّة، ودون استعراض تاريخ طويل من السيناريوهات الهزلية المشابهة، ينبغي علينا أن نقرأَ خبراً آخر بالتزامن، عنوانه اتّفاقيات أبرمها النظام السعوديّ مع “اليونان” تقضي بتزويد المملكة بأسلحة وَمنظومات دفاعية “أمريكية” جديدة، وبكل تأكيد هناك إيعاز أمريكي وراء هذه الصفقة، وَمؤشرات تعزز حقيقة أن القرار الأمريكي ليس إلَّا بروتوكولات شكلية تسعى لذر الرماد على العيون حول مصداقية البرنامج الانتخابي للرئيس بايدن وَكذلك الإبقاء على السُّمعة الدولية والصورة التي تتقمصها الولايات المتحدة كدولة ديمقراطية وَراعية سلام.
ومع أن هذه الصورةَ سقطت تماماً في اليمن، وَتجرّأ الشعب اليمني على إعلانها أمام العالم بوضوح وَبدون مخاوفَ ولا تحفظات: أمريكا من تقتل الشعب اليمني وَالعدوان على اليمن أمريكي الدوافع وَالأدوات، إلَّا أن واشنطن لا تزال تمارسُ هذه اللعبة، رغم أن سياساتها المنحازة -على كافة المجالات- للقاتل على حساب الضحية تفضح هذه المساعي، وما تصريحات مبعوثها إلى اليمن الأخيرة وَالتي فيها ينسى الدور الذي يجب أن يتقمصَه وَيظهر كطرفٍ حين ينحاز بشدة إلى جانب السعوديّة.
هذه أمريكا التي خبرناها وَعلينا أن نتعاطى معها بذات القناعات حاضراً أَو مستقبلاً.. فلن تتغيرَ أَو تتبدل..