رمضانُ ونورُ البدر
أمل المطهر
الشعوبُ الإسلاميةُ تمُرُّ بهذه المحطة الإلهية والضيافة الربانية في شهر رمضان المبارك، وكُلٌّ له عاداتُه في تمضية الوقت فيه بحسب الهُـوِيَّة والعادات، ولو تأملنا قليلًا لوجدنا أن الأغلبيةَ العظمى من هذه الشعوب أصبحت في ظُلُمات الجهل الكبير بالغاية العظيمة من هذا الشهر المبارك، والتي تنعكسُ لما بعده في تزويدِ النفسِ بما تحتاجُه لتكمِلَ طريقَها بوعي وثبات فتراهم أصبحوا يرونه شهرَ أكل ونوم ومسلسلات وتسلية وتضييع وقت، فلتبحثوا وتروا كيف يمضي هؤلاء هذا الشهر وما الذي يفوتونه على أنفسهم من الأجر العظيم ومن التربية النفسية الراقية خلال هذا الشهر، هذا فيما يخص من يتعاملون مع الدين معاملة سطحية ومفروضة عليهم من باب انتمائهم له فقط.
أما النوع الثاني وهو النوع الأدهى والأمر وهم من يتبعون شيوخَ البلاط والفتن وهم كالأنعام بل أضل سبيلاً، يتبعونهم في كُـلّ ما يقولونه لهم، فيحرمون عليهم ما أحل الله لهم ويحلون لهم ما حرّم الله عليهم، واقعٌ مأساويٌّ تعيشُه تلك الشعوبُ الإسلاميةُ التي دخلت في أنواع الشرك العملي والعقائدي.
ما جعلني أحمدُ اللهَ كَثيراً على النعمة التي بين أظهرنا، نعمة القيادة المؤمنة الحكيمة نعمة الهداية وأعلام الهدى.
فقد كان من الممكن أن نكونَ من هاذين النوعين السيئين عند الله تعالى: فإمَّا سطحيةٌ وضلالٌ وفجور وإمَّا اتِّباعٌ أعمى وإفسادٌ للنفوس وضياعٌ للدين.
لا أدري ما هي الحسنةُ التي استحققنا من الله أن يَمُنَّ علينا بهذه النعمة العظيمة، ففينا من يبصِّرُنا وينيرُ بصائرَنا ويفتحُ أعيننا على الهدى، ويكشف لنا أعماقَه ومكنوناته يمسك بيدنا نحو العزة الأبدية والمكانة القدسية، يرينا نُسُكَنا وفي كُـلّ شهر مبارك، يسير معنا خطوةً بخطوة؛ كي لا تعوجَّ خُطانا ونسير على الصراط المستقيم.
يجعلنا نقدرُ قيمةَ الوقت في هذا الشهر الكريم ونستغله لحظةً بلحظة في رضا الله؛ لنستحقَّ رحمتَه ومغفرتَه، كُـلُّ يوم يمر علينا معه هو بمثابة النجاة من الغرق والخروج من أتون اللهيب المستعر والارتواء بعد الظمأ الشديد، فلله الحمدُ أن مَنَّ علينا به والحمدُ لله الذي جعل البدرُ بيننا وفينا نوراً وهُدىً؛ لنكونَ من المستخلفين ونِعم الوارثون.
هذا هو ما تحتاجُه تلك الشعوبُ، هذا هو ما سيُعيدُها إلى جادة الصواب، لكن إن أرادت هي فستكونُ إرادَةُ الله معها.
يبدو أن هذا ما جعلنا نكرَّمُ من الله بهذا العَلَمِ الرباني أننا أردنا أن نكونَ أعزةً كُرماءَ فكان اللهُ معنا ووهبنا مَن ينتشلنا نحو الكمال الإيماني والعزة.