ثــأر (داعــش) أم (تل أبيب)؟
عــبدالله علي صبري
- تعجزُ الكلماتُ عن وصف جرائم داعش المتواصلة في اليمن، وآخرُها عملية (ثأر الكُـماة) التي بلغت ذروةَ الإجرام اللاإنساني، وفاقت الحدودَ في التوحُّــش بحق أسرى حرب تعارفت البشرية على حُرمة دمائهم، وبل وقدم التأريخ الإسلامي صورةً ناصعةً لإكرام واحترام أسرى الحروب والتعامُل معهم بطريقة حضارية اعترف برقُيِّها وإنسانيتها العدو قبل الصديق.
ومما لا شكَّ فيه أن الرسالةَ الاستفزازية التي انطوت عليها العملية، مستهدفةً حياةَ 24 أسيراً من أبناء الجيش واللجان الشعبية، وزعم المجرمون أنهم / رافضة، حوثة، مشركون/ كانت رداً سعودياً على التصعيد العسكري اليمني في الحدود مع العدو، وكأن لسانَ حالهم يقول: داعش هي خيارُنا الاستراتيجي في مواجَهة الشعب اليمني الذي أذهل العالم بصموده وبسالة مقاتليه في مختلف الجبهات.
وإذ اختار العدوانُ توقيتَ هذه العملية؛ بهدف قطع الطريق على التفاوض السياسي، ولكي يستدرجَ الجيشَ واللجان الشعبية إلى الجنوب مجدداً، فإن القيادةَ الثوريةَ قد تعاملت بحنكة وبُعد نظر استراتيجي، مع ثأرِ داعش، وأجلّت الردَّ المباشرَ عليها حتى حين، برغم الألَم الكبير الذي اعتصر القلوبَ، ولا يزال.
لقد استُخدمت القاعدة وداعش أكثرَ من مرة في خلق الفوضى الأمنية، حتى باتت مسألةُ الحرب عليها عصيةً حتى على دول كبرى زعمت أنها تحاربُ الإرهاب، وكشفت الأيام أن المسألة مجرد خدعة كبرى لا أكثر.
ومما يشد الانتباهَ أن الجيشَ واللجان الشعبية تمكنتا في وقت قياسي من دحر عناصر القاعدة وداعش في محافظات عدة بُعَيْدَ ثورة 21 سبتمبر، وكادت الأمورُ تصلُ إلى نهاية سعيدة لليمنيين، حيث انكشف للعالم مدى ضعف وعجز العناصر الإرهابية، عندما يدخلون المعاركَ الحقيقية، الأمرُ الذي شكّل لهذه التنظيمات ومَن يدعمها ضربةً إستراتيجيةً، كانت ضمن العوامل التي أدَّت إلى العدوان العسكري المباشر على اليمن، بهدف تحجيم خسارات التنظيمات الإرهابية بعناوينها الطائفية، التي تعد ورقةً رئيسةً في المشروع الصهيوأمريكي بالمنطقة.
وتدارُكاً لهذا الانهيار عمل العدوان على تمكين التنظيمات الإرهابية في بعض المحافظات الجنوبية كحضرموت، وعدن، وأبين، ومنح عناصرَها حريةَ الحركة، في انكشاف مضافٍ يؤكد أن داعش وأخواتها حجرَ أساس في المشروع الصهيوأمريكي باليمن والمنطقة.
ولا عجب، فالعلاقةُ مع الكيان الصهيوني تعد القاسمَ المشتركَ الذي يجمعُ معظمَ دول تحالف الشر، فبالإضافة إلى العلاقاتِ القائمة بين مصر والمغرب والأردن وقطر مع إسرائيل، فإن يومياتِ العدوان على اليمن كانت حُبلى بمفاجآت التقارُب بين تل أبيب من جهة والرياض وأبوظبي من جهة أخرى.
ولأن العلاقة بين العدوان والإرهاب وإسرائيل على هذه الدرجة من الانسجام، فإن داعش كما (تل أبيب) لهما نفسُ الرغبة في الثأر من الشعب اليمني الثائر!!