استهدافُ الإمام علي استهداف للأُمَّـة وإسلامها
نوال أحمد
التاسع عشر من شهر رمضان هو اليوم الذي امتدت فيه اليد الآثمة والغادرة باستهداف الإمام علي عليه السلام وهو ساجدٌ مؤدٍّ لصلاته في محراب مسجده، وهو اليوم الذي اعتصرت فيه قلوب المؤمنين ألماً على ذلك الحدث الأليم والفاجعة الكبرى التي اهتزت لها السماوات والأرض، اليوم الحزين الذي تهدمت فيه أركان الهدى والإيمان لما حَـلَّ بولي الرحمن ووصي المصطفى العدنان إمام المتقين، وقائد الغُر المحجلين، أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) عليهم جميعاً الصلاة والسلام..
الإمام علي عليه السلام هو باب مدينة علم النبي محمد -صلى الله وسلم عليه وعلى آله- وهو الرجُل الصادق الذي تربى على أيدي رسول الله، هو الذي قضى عمره مجاهداً في سبيل الله لنصرة الدين الإسلامي الحنيف، لإرساء دعائم العدالة والمساواة بين أوساط الأُمَّــة، الإمام الصادق الذي جاهد مع النبي صلى الله وسلم عليهم أجمعين في القضاء على الظالمين والجائرين وإنصاف المظلومين، هو الذي قال عنه من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى بأن علي منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده، وقال فيه: علي مع الحق والحق مع علي، علي مع القرآن والقرآن مع علي، فهو الرجل المؤمن الذي جسّد حقيقة الإسلام، والذي طبق أحكام وقوانين وتشريعات الله التي جاءت في القرآن الكريم..
إن اغتيالَ الإمام علي عليه السلام في ذلك الوقت كان اغتيالاً للإسلام الذي بناه مع نبينا الكريم بجهاده وكيانه ودمه، كان اغتياله اغتيالاً للأُمَّـة الإسلامية، حَيثُ فقدت مولى وعلما وقائدا إسلاميا عظيما وقرآناً ناطقاً وقمة شامخة في العلم والعدل والجهاد، الإمام علي عليه السلام الذي كان جبلاً راسخاً من الإيمان والثبات والاستقامة والشجاعة والبطولة، وعلماً هادياً من أعلام الدين وإماماً للمتقين، الذي عندما غاب ضاعت الأُمَّــةُ من بعده وانحرفت عن الدين القويم، فتفرقت وتمزق كيانها وقُتل أخيارها وأصبحت من بعده أُمَّـة ضعيفة مقهورة تحت حكم الطغاة الجائرين..
الإمام علي عليه السلام الذي كان مدرسة إيمانية متكاملة من العلم والبصيرة والحكمة والرشد والعدل والزهد والجهاد والصبر والعطاء والصدق والفداء والتضحية في سبيل الله وفي سبيل نصر دين الله تعالى، كان علي عليه السلام قائداً عسكريًّا ورجلاً سياسيًّا محنكاً.
كان هو القرآن الناطق الذي كان يمشي ويتحَرّك على الأرض وهو الذي وقف في وجه الباطل وأهله وتصدى لهم بسيفه للدفاع عن الأُمَّــة وحمايتها من الانزلاق والوقوع في مستنقع الضلال، ولكنه قُتل بسيف من داخل هذه الأُمَّــة.
وكان استهدافه استهدافاً ممنهجاً للأُمَّـة الإسلامية ولمعتقداتها كانت جريمة وحشية مع سبق الإصرار والترصد لهدم أركان الهدى والإيمان ارتكبتها أيادٍ محسوبة على الإسلام والمسلمين، ذلك كان نتيجة انحراف الأُمَّــة عن منهجية الرسول والرسالة الأمر الذي ما زالت الأُمَّــة الإسلامية تعانيه إلى يومنا هذا، إلا أن علم وفكر وروحية الإمام علي عليه السلام ما زالت باقيةً مترسخةً في قلوب المؤمنين، وها هو عليٌّ اليوم موجوداً بإيمانه في كُـلِّ الساحات والميادين نراه شاهراً سيفَه في وجوهِ الأعداء ذائداً عن كرامة الأُمَّــة ومدافعاً عن ثغر الإسلام شامخاً عزيزاً مُنتصراً.