أمريكا تجدّد التلويحَ باللجوء إلى “مجلس الأمن” لمساندة السعوديّة ومرتزقتها في اليمن
في ظل انسداد أفق “الابتزاز” بالملف الإنساني:
المسيرة | خاص
تواصِلُ الولاياتُ المتحدة محاولاتِها لابتزاز صنعاء؛ مِن أجلِ إنقاذ العدوّ السعوديّ ومرتزِقته تحت يافطة “وقف إطلاق النار”، فبعد انسداد أفق مقايضة الملف الإنساني بمكاسب عسكرية وسياسية أهمها وقف تقدم قوات الجيش واللجان الشعبيّة في مأرب، تتوجّـه واشنطن نحو محاولة الاستعانة بمجلس الأمن الدولي، على أملِ خلقِ ضغوطٍ جديدة لدفع صنعاء إلى القبول بالرؤية الأمريكية المنقوصة والمشوهة لـ”السلام”، وهو الأمر الذي قد أعلنت صنعاء مسبقًا أنه “لن يكون قابلاً للتحقّق”.
في تصريح جديد، قال حسابُ الخارجية الأمريكية على تويتر، أمس السبت: إن المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، التقى الممثلة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، وأنهما “أكّـدا على أهميّة إجماع مجلس الأمن على إنهاء الحرب في اليمن وإيقاف هجوم الحوثيين على مأرب”.
تلويحٌ جديدٌ باللجوء إلى مجلس الأمن؛ مِن أجلِ “الضغط” على صنعاء، لوقف عملياتها العسكرية المقلقة جِـدًّا لأمريكا والسعوديّة، وبالذات تلك التي تشهدها محافظة مأرب (الغنية بالغاز بحسب تعبير مختلف وسائل الإعلام الأمريكية)، حَيثُ تخشى الرياض وواشنطن أن تستكملَ قواتُ الجيش واللجان تحرير المحافظة محقّقةً بذلك انتصاراً سيغيِّرَ كُـلَّ الموازين.
وليست هذه المرة الأولى التي تلمح الولايات المتحدة فيها إلى استخدام ورقة مجلس الأمن، فقد بدأ الحديثُ عن ذلك منذ أَيَّـام، وبالتحديد مع انطلاق الجولة الأخيرة للمبعوث الأمريكي إلى المنطقة، والتي انتهت بمغادرته مع المبعوث الأممي “بخفي حنين”؛ لأَنَّهما “جاءا بخفي حنين أصلا” بحسب تعبير عضو الوفد الوطني عبد الملك العجري، في إشارة إلى أن الموقف الأممي الأمريكي لم يتغير، وأن المبعوثين جاءا ليقدما نفس العرض الذي تم رفضه خلال الجولة السابقة.
هذا أَيْـضاً ما أكّـده عضو الكونغرس، كريس مورفي، الذي رافق مبعوث بلاده إلى المنطقة هذه المرة، حَيثُ قال إن ما تم عرضه هو تقديم المساعدات وتخفيف القيود المفروضة على السلع والوقود ومطار صنعاء مقابل “وقف إطلاق النار”، وبالتحديد وقف تقدم قوات الجيش واللجان في مأرب، وهي المقايضة المعروفة والمعلنة ضمن ما سمي “المبادرة” الأمريكية – السعوديّة سابقًا، والتي تم رفضها فور الإعلان عنها.
الخارجية الأمريكية بدت، الجمعة، منزعجة بشدة من استمرار انسداد أفق هذه المقايضة الفاضحة، واستمرار ثبات صنعاء على موقفها المطالب بضرورة الفصل بين الملف الإنساني والملفات العسكرية والإنسانية، حَيثُ قالت الوزارة الأمريكية إن صنعاء “أضاعت فرصة كبرى لإبداء الالتزام بالسلام” والحقيقة أنها أضاعت على الولايات المتحدة فرصة لإنقاذ السعوديّة ومرتزِقتها؛ لأَنَّ ذلك كان هو الهدف الوحيد من هذه “الفرصة”.
وعلى ضوء فشل هذه المقايضة، يأتي اللجوء إلى التلويح بـ”إجماع مجلس الأمن” كمحاولةٍ جديدة لخلق “ضغوط” تتوهم واشنطن أنها ستكون “كبيرة” بما يكفي لدفع صنعاء نحو العدول عن موقفها الثابت، حَيثُ رجحت مصادر أن تسعى أمريكا لاستصدار قرار دولي لـ”فرض” رغباتها الملحة، ومن ضمنها وقف التقدم في مأرب.
لكن صنعاء كانت قد أكّـدت على لسان رئيسِ وفدها الوطني محمد عبد السلام، قبل أَيَّـام، وبشكل صريح على أن “أي نشاط جديد لمجلس الأمن لن يكون قابلاً للتحقّق إلا ما يلبي مصلحة اليمن”، في رسالة واضحة بأن أية قرارات تخدُمُ العدوانَ ورُعاتَه وتحقّق رغباتهم لن تكون ملزمة، وهو أمرٌ يحكُمُ مسبقًا بفشل المسعى الجديد للولايات المتحدة.
وفي حال قيام مجلس الأمن بذلك، فَـإنَّ أقصى ما تستطيع واشنطن فعله هو حشد المزيد من الدعايات ومحاولة اتّهام صنعاء بـ”عرقلة السلام” في الوقت الذي ستبقى صنعاء متحكمة بواقع الميدان وفرض المعادلات ذات الفاعلية.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة ربما تدرك أن ورقة مجلس الأمن الدولي لن تفلح في تغيير الواقع الميداني، لكنها ستحاول استثمارها لتبرير استمرار العدوان والحصار مِن أجلِ مواجهة الضغوط الحقوقية والتشريعية التي تزعجها حول هذا الأمر، إذ يشتكي أعضاء في الكونغرس من استمرار امتناع إدارة بايدن عن توضيح تفاصيل “إعلان وقف الدعم عن السعوديّة”، في الوقت الذي يزداد فيه حضور جريمة الحصار المفروض على اليمن إعلامياً وحقوقياً داخل أمريكا وخارجها.