ملامحُ “الحتميات الثلاث” في انتصار “سيف القدس”

هزيمةٌ صهيونية معترَفٌ بها وسقوطٌ مدوٍّ للخونة وانقلابٌ في الموازين لصالح المقاومة

 

المسيرة | خاص

مثَّلَ انتصارُ الشعب الفلسطيني والمقاوَمةِ في معركة “سيف القدس” شاهدًا عمليًّا جديدًا على “الحتميات الثلاث” للصراع مع العدوّ الصهيوني التي أشار إليها قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه بمناسبة يوم القدس العالمي، وهو الأمر الذي يؤكّـد مجدّدًا على قرب تحقّق هذه الحتميات بالنظر إلى التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة، والتي عكست معركة “سيف القدس” جزءاً كَبيراً منها.

بحسب قائد الثورة، فَـإنَّ الحتميات الثلاث لمستقبل الصراع مع الكيان الصهيوني هي: هزيمتُه، وخسارةُ أدواته وأذرعه، وغلبةُ القوى المناهضة له، وهي أمورٌ ثابتة في القراءة الدينية وكذا الواقعية للصراع.

في معركةِ “سيف القدس” برزت الكثيرُ من الشواهد والمؤشرات التي تؤكّـد على أن مسارَ الصراع يسيرُ بشكل واضح نحو هذه المآلات فقط، إذ لا تزال وسائل إعلام العدوّ الصهيوني نفسها تعترفُ بتلقِّيه هزيمةً واضحةً في هذه الجولة من المواجهة مع الفلسطينيين، حَيثُ عجز عن تحقيق أيِّ انتصار، ولو وهمي، كما انكشفت هشاشته الكبيرة أمنيًّا وعسكريًّا أمام ضربات المقاومة وانتفاضة الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلّة، الأمر الذي أطاح تماماً بالصورة التي كان يحاولُ تكريسَها حول كونه “قوةً لا تُقهر”، إلى جانب أنه بدا عاجزاً أَيْـضاً عن الاستفادة من المساندة الغربية الكبيرة له، وهو ما ضاعف التأكيدَ على أن مسألة “زواله” وهزيمته محتومةٌ، وممكنةٌ في هذه المرحلة أكثرَ من أي وقت مضى.

وفيما يخُصُّ الحتميةَ الثانية، كان من أبرز نتائجِ معركة “سيف القدس” إسقاطُ ما سمي بـ”صفقة القرن” بين الكيان الصهيوني والأنظمة المطبّعة في المنطقة، بشكل تام، فمن حَيثُ جانبِها العملي المتعلق بتسليم القدس للعدو وتمكينه من زيادة التوسع داخل الأراضي الفلسطينية، ومع فشل محاولة تهجير أهالي حي الشيخ جراح كنتيجة لهذه المعركة، بات العدوُّ يعرفُ جيِّدًا وباعتراف إعلامه، أن أيةَ تحَرّكات لتوسيعِ الاستيطان ستكونُ عواقبُها وخيمةً للغاية، وقد أثبتت هذه المعركة أن العدوَّ لا يمتلك القدرات والحسابات المضمونة لتفادي تطوُّر إمْكَانيات الرد الفلسطيني العسكري والشعبي.

وعلى مستوى الغِطاءِ التضليلي لهذه الصفقة، والذي من أبرز مظاهره الجهود الكبيرة التي بذلتها الأنظمة العميلة لشيطنة فصائل المقاومة وتبرير خيانة القضية الفلسطينية، وتوجيه بُوصلة العِداء الجماهيري في المنطقة نحو إيران، فقد مزَّقت معركة “سيف القدس” هذا الغطاءَ تماماً، إذ تمكّنت من خلق تضامُنٍ كبيرٍ وواسعٍ في مختلف بلدان المنقطة مع الشعب الفلسطيني ومقاومته، فيما بدا “المطبِّعون” وأبواقُهم معزولين ومنبوذين بشكل مخزٍ، وقد تحدث إعلامُ العدوّ بوضوحٍ عن “فقدان حماية دول المنطقة لإسرائيل” كنتيجةٍ من نتائج المعركة، وهو ما يعني أن خسارةَ الأنظمة المطبّعة وسقوطها أمر حتمي، ومسارُه واضحٌ منذ الآن.

أما الحتميةُ الثالثةُ والمتمثلةُ بانتصار القوى المناهضة للكيان الصهيوني، فقد برزت ملامحُها بشكل أكثر وضوحاً من أي وقت مضى في معركة “سيف القدس”، إذ استطاع الفلسطينيون أن يقلبوا موازين الصراع بشكل تأريخي خلال 11 يوماً فقط، وفي ظروف استثنائية جِـدًّا، الأمر الذي فاجأ الصديقَ والعدوّ، وبكل الحسابات الممكنة والمحتملة، فَـإنَّ الانتصار الذي حقّقه الفلسطينيون في هذه الجولة هو فاتحةٌ واضحةٌ لمراحلَ جديدة حتمية، فالخبراتُ التي تم اكتسابها والاختراقاتُ التي تم تحقيقها، لم تكن من النوع العابر أَو غير المؤثر، بكل كانت استراتيجيةً وبالغةَ الأهميّة، كما أنها ثابتةٌ وغيرُ قابلة للإلغاء، ومع تراكمها تكونُ النهاية الواضحة الحتمية، هي انتصارَ أصحاب الأرض والقضية.

ولم يكن فقط ثبوتُ هذه الحتميات الثلاث هو ما أثبته انتصارُ “سيف القدس”، بل أَيْـضاً اقترابُ وإمْكَانيةُ تحقّق هذه الحتميات في المستقبل القريب، وهو أمرٌ يمكنُ حشدُ الكثيرِ من الدلالات عليه بالنظر إلى واقع المنطقة بكلها، فالانتصارُ الفلسطيني جاء أَيْـضاً مرتبطاً بتحوُّلات مهمة تشهدها المنطقة، أبرزُها تعاظُمُ قوة محور المقاومة، في مقابل تهاوي محورِ العدوّ وأدواته، وبالتالي فَـإنَّ واقعَ فلسطين اليوم لا يعكس فحسب تغيُّراً في معادلات الصراع داخل الجغرافيا الفلسطينية بل في المنطقة بأكملها، الأمرُ الذي يبني أرضيةً ثابتةً يمكن أن يبنى عليها احتمالاتٌ متماسكةٌ لاقتراب الوصول إلى مآلات الصراع مع العدوّ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com