القواعد العسكرية في جزيرة ميون.. احتلالٌ أمريكي بقناع الإمارات
تحَرُّكٌ واسعٌ لأبو ظبي خدمةً لإسرائيل في جزر وموانئ اليمن
المسيرة- خاص
ليس جديدًا الحديثُ عن وجود قواعدَ عسكرية إماراتية في اليمن، فمنذ دخول النظام الإماراتي كأحد أبرز أجنحة العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا كانت الأطماعُ تتجه صوبَ جنوب البلاد والاستحواذ والسيطرة على المضائقِ والممرات المائية الهامة، وفي مقدمتها باب المندب.
ونقلت وكالةُ أسوشيتد برس الأمريكية في تقرير حديث لها أن الإماراتِ شرعت في تدشين وجود عسكري دائم لها في “جزيرة ميون” المطلة على مضيق باب المندب أهم المضائق المائية في العالم.
وقالت الوكالة: إن صور الأقمار الصناعية أظهرت بناءَ قاعدة جوية في جزيرة ميون اليمنية في باب المندب تابعة لدولة الإمارات، وإنه يجري حَـاليًّا بناءُ قاعدة جوية غامضة على جزيرة بركانية قبالة اليمن تقع في واحدة من نقاط المرور البحرية المهمة في العالم لكل من شحنات الطاقة والبضائع التجارية.
وتعد هذه القاعدة العسكرية في جزيرة “ميون” أَو “بريم” أخطر قواعد الإمارات في البحر الأحمر، فقد عملت الإمارات على تهجير السكان اليمنيين بالجزيرة ومنحت آخرين الجنسية الإماراتية، وهي تحوي قاعدةً أكبرَ وأوسعَ للإمارات في فوهة مضيق باب المندب.
وفي فبراير سنة 2020 كشف مجلةُ “جاينز” الأُسبوعية المتخصصة بالأبحاث العسكرية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة شرعت في بناء قاعدة عسكرية في الجزيرة، ونشرت المؤسّسةُ صورةً فضائيةً ليوم 14 يناير/ كانون الثاني 2017م، والتي تبين وجودُ بناء الجديد لمدرج طائرات بطول 3200م على جزيرة ميون الواقعة في باب المندب.
وكان الصحفي البريطاني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط جيريمي بيني قد نشر صوراً وخرائطَ على صفحته توضح الإنشاءاتِ التي تقوم بها القوات الإماراتية في جزيرة ميون، وما يعتقد أنه مدرجُ طائرات جديد يتم إنشاؤه، متوقعاً أن تنتهيَ الإمارات من إكمال بناء المدرج وإنشاءات أُخرى مع نهاية هذا العام.
وحوّل الإماراتيون بلدةَ “ذو باب” القريبة من باب المندب إلى قاعدةٍ عسكرية يتحكمون فيها بالكامل، وهجّروا جميعَ سكان البلدة البالغين نحو عشرة آلاف مواطن، ونقلوهم إلى خيامٍ في منطقة صحراوية وفي ظروف قاسية، وحوّلوا مساكنَهم إلى ثكنات عسكرية، كما حوّلوا ميناءَ المخاء إلى قاعدة عسكرية لهم، ووضعوا فيها نحو 400 من قواتهم، ومنعوا اليمنيين من الاقتراب منها، وأصبح الميناءُ حِكراً عليهم تصل إليه سفنُهم الحربية وإمدَاداتُهم العسكرية.
وقبل ذلك بأيام، كشف المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية عن تعزيز الإمارات العربية المتحدة سطوتَها على الجزر والسواحل اليمنية غرباً وجنوباً، وذلك بالسيطرة على عدد كبير من الجز اليمنية وفي مقدمتها جزيرتا ميون وسقطرى.
وبحسب تقرير المعهد، فَـإنَّ الهدفَ من وجود أبو ظبي في اليمن هو السيطرةُ على أهم طرق الملاحة الدولية “باب المندب”، وهذا ما بات جليًّا من خلال وجودها المكثَّـف في جزيرة سقطرى، وفي مدينة المخاء الذي يتحكم فيها المرتزِق طارق عفاش ذراعُ أبو ظبي هناك، مع وجودِ تقارير إعلامية متعددة تشير إلى أن الإمارات شرعت في بناء قواعد عسكرية في المخاء الذي يقعُ ضمن النطاق الجغرافي لمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، وهو من أقرب المواقع المطلة على مضيق باب المندب، وتحيط به سلاسلُ جبليةٌ شاهقة.
التحَرُّكُ بضوءٍ أمريكي
عمليًّا، لا يمكنُ للإمارات هذه الدولة الصغيرة في منطقة الخليج أن تتحَرّك وتتمدد في المنطقة العربية دون أن تتلقى الضوءَ الأخضرَ من أمريكا وإسرائيلَ، وكما بات معروفاً أنَّ العلاقة بينهما قد وصلت إلى مستويات متعددة ومنها التطبيع الكامل مع الصهاينة، لتتحول دويلة “الإمارات” إلى ذراع صهيوني تضرب كيفما تشاء أمريكا وأينما تشاء.
ومما يزيد التأكيد على أن الدور الإماراتي في اليمن ليس سوى تابع للأمريكيين والصهاينة، هو الأطماعُ الأمريكية الإسرائيلية منذ عدة قرون في منطقة البحر الأحمر، فمنذ ستينيات القرن الماضي وقعت اليمنُ ضحيةَ تلك المطامعِ للسيطرة على أهم الموانئ البحرية والممرات المائية التي تربط شرق آسيا بالقرن الإفريقي، والشرق الآسيوي بالغرب الأُورُوبي والأمريكي ضمن كلمة سر أَسَاسية هي “أمنُ الكيان الصهيوني”؛ ولهذا يحرص الصهاينة أن يحوّلوا البحر الأحمر إلى بُحَيرة يهودية، وهنا يؤدي النظامُ الإماراتيُّ دورَه المرسومَ خدمةً لإسرائيل على أكمل وجه.
في المجمل فَـإنَّ إسرائيل تخشى من أن يصبحَ البحرُ الأحمرُ “بحيرةً عربيةً”؛ لذلك تحَرّك الصهاينة بشكل فعال لبناءِ قواعدَ عسكرية في أثيوبيا في جزيرة “دهلك” في البحر الأحمر عام 1975م ليقيم أول قاعدة عسكرية.
ولم تتوقف الأطماع الصهيونية عند هذا الحدّ، بل كانت العين على اليمن لموقعها الجيوسياسي والجغرافي المتميّز، ففي عام 1995 وبإملاء ودعم من الكيان الصهيوني احتلت إرتيريا جزرَ حنيش الكبرى والصغرى وزقر، لتشهد بعدها منطقة جنوب البحر الأحمر نشاطاً عسكريًّا للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية مع اتصالات سرية صهيونية ارتيرية حول جزيرة حنيش؛ بهَدفِ إنشاء محطة مراقبة لاسلكية فيها لمراقبة السفن في الممرّ إلى توطيد علاقتها بإريتريا، لما تملكه من موقع استراتيجي يضمن اتصالات بحرية وجوية بإفريقيا والشرق الأقصى، ثم عززت أمريكا وجودها في منطقة البحر الأحمر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ثم اكتمل السيناريو بعد العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن سنة 2015 بالدفع بالنظامين السعوديّ والإماراتي؛ للسيطرة على مضيق باب المندب والسواحل والجزر اليمنية، وبمسارعة الولايات المتحدة الأمريكية وقبلها الإماراتية للتواجد وإقامة القواعد العسكرية في الجزر اليمنية، وأبرزها أرخبيل حنيش وميون المشرفة على ممرات الملاحة الدولية، وفي ما بعد جزيرة سقطرى للسيطرة عسكريًّا ونارياً على الممر الدولي للملاحة البحرية بين شرق آسيا وإفريقيا، وبالتالي السيطرة على أربعة من أهم المضائق المائية في العالم، وهي مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس ومضيق ملقا بين إندونيسيا وماليزيا.
وعلى الرغم من أن الإماراتِ تعملُ خدمةً للأجندة الأمريكية والصهيونية في اليمن إلا أن لها بعضَ المكاسب من خلال سيطرتها على الموانئ اليمنية، وأبرزُها تعطيلُ ميناء عدن وموانئ المنطقة؛ كي يتواصلَ عملُ مينائِها في “جبل علي”، عبر خنق المنافسة أَو تحويل مسارات السفن إليه، وقد نجحت الإمارات منذ سنوات كثيرة في تعطيل موانئ اليمن؛ لإجبار السفن على تحويل مسارها لميناء علي، كما فرضت الإمارات سيطرتها على موانئ مدينتي المكلا والشحر اليمنيتين بدعم من أمريكا، وسيطرت على ميناء المعلا في عدن الذي يُفترَضُ أن يكون منافِساً لميناء دبي، وذلك من خلال صفقة أُبرمت عامَي 2007 و2008، أفضت إلى تأسيس شركة لتطوير محطة الحاويات في عدن وتشغيلها مناصفة لكل طرف، وتم منحُها إدارةَ التشغيل بامتيَاز دون أي منافس.