سيفُ القدس.. إيمانٌ عميق وثقةٌ بالنصر

 

بسام أبو شريف

عندما أنذر الضيفُ “إسرائيلَ” عدوَّ الشعب الفلسطيني، وحدّد لها ساعةً لتتوقفَ عن ممارساتها الوحشية في باحات الأقصى، وباب العامود، والعيسوية، وسلوان، والشيخ جراح وواد الجوز، وجبل المكبر تسارعت دقات قلبي..

هذا إعلانٌ خطير، ويضعُ مصداقيةَ الشعب الفلسطيني على محكٍّ تاريخي، لقد خضت كافة معارك شعبنا التي مرت في زمني وخلال عمري، ولم يمر على حياتي الميدانيةِ والسياسية إنذارٌ للعدو كهذا الإنذار.

التصريحاتُ التي أدلى بها القادة حول المعارك ضد العدوّ، ودفاعاً عن شعبنا كانت تصريحات تتحدى العدوّ، وتعبر عن استعداد قوات الثورة للتصدي للعدو، لكن لم يحصل أن أنذر قائد القوات الثورية العدوّ المحتلّ بالويل أن هو لم ينفذ ما تطلبه قيادة الثورة، وكان هذا: وقف فوري للاعتداءات الهمجية على شعبنا في القدس، ومواقع العبادة المقدسة، وأحياء البلدة القديمة، وأحياء القدس خارج الأسوار العتيقة.. ورحت أحسب، وأدقق، ووصلت إلى خلاصة:

لو لم يكن الضيف متأكّـداً من قدرة قواتنا على رد الصاع صاعين، وصد قوات العدوّ لما أصدر هذا الإنذار، ولما ربطه بأمره شخصيًّا كقائد، وكرئيس أركان غرفة العمليات المشتركة كان يعرف كم صاروخاً تمتلك فصائل المقاومة، وليس القسام فقط.. وكان يعرف أنواعها ومدياتها، وقوتها التفجيرية، وكان يعرف بنسبة الصواريخ الدقيقة التهديف من مجموع ما تمتلكه القوات من صواريخ، وكذلك كان ملماً بأنواع الأسلحة الأُخرى من مدفعية، ومضاد درع موجه، وبحري وغيره.. وتخيلت الضيف يدقق في خريطة عسكرية مكبرة لفلسطين وليس فقط للقطاع.. ورأيت علامات بارزة في العديد من المواقع، وقد رسم فوقها سهما أحمر.. ورأيت إلى جانب الخريطة ملفاً كَبيراً يحتوي على أهم أسرار القيادة العسكرية وهو مواقع إطلاق الصواريخ، وإلى جانب ذلك الملف كانت أوراقٌ عديدة تحتوي كُـلُّ واحدة منها على أمرِ إطلاق تحدّد نوعَ الصاروخ، وهدفه مع الإحداثيات، والساعة، والدقيقة، والثانية لإطلاق الصاروخ، أَو خمسة منها، أَو رزمة من سبعة صواريخ.. كُـلّ ورقة احتوت على أمر مدروس بدقة من كُـلّ النواحي، وفي نهاية الصفحة وذيلها دونت ملاحظات للأخذ بعين الاعتبار حول تكتيك القصف، وذلك بعد أخذ مواقع القبة الحديدية بالحسبان.. الله ما أجملَ الدقة، والاتقان، والعلم، والإيمان “إن الله يحب إذَا قام أحدكم بعمل أن يتقنه”.

كنت متأكّـدًا من الصواريخ المقاومة، فالجميع يعلم أن الصواريخ هي بالأَسَاس صواريخ إيرانية، وأن “المشاغل الفنية الفلسطينية”، قامت بتطوير المحركات لقطع مسافات، وبتطوير الهيكل لحمل عبوات تفجيرية أكبر، إذ أن مدى الصاروخ يزداد إذَا خفت حمولته والعكس صحيح، لكن هذه الأبحاث التي تحولت بعض نتائجها إلى التنفيذ العملي، وتم تجريبها بإطلاقها نحو البحر كانت تحتاج للتفكير بتكتيك يمكنها من تجنب اعتراض القبة الحديدية، وتمت دراسة طريقة عمل القبة الحديدية، ونقاط الدخول إليها لتعطيل فاعليتها.

وهذا حسب حساباتي يحتاج لمعرفة عدد البطاريات، وعدد الصواريخ في كُـلّ بطارية فيها، ويحتاج لمعرفة الفارق الزمني بين ظهور صاروخ المقاومة على الرادار، وإطلاق صاروخ القبة المعترض، وكم من الوقت يحتاج للوصول لصاروخ المقاومة، وكذلك معرفة كيفية تشغيل البطاريات، أي هل تطلق البطاريات صواريخها دفعة واحدة أم على دفعات، وتبين أنه بالإمْكَان تزريق صواريخ المقاومة، وإفشال القبة من خلال إرسال كمية من الصواريخ أول أعدادها لتستنزف ذخيرة بطارية القبة، وثم بقية الصواريخ دون اعتراض، وحتى إذَا كان على درب الصاروخ الفلسطيني أكثر من قبة، فَـإنَّ عدد الصواريخ المنطلقة يمكن أن يستنزفها لتمر بقية الصواريخ واطمأنت نفسي إلى القدرة على ضرب الأهداف المعادية، ورأيت التخطيط لمدفعية الهاون الثقيل والمتوسط، وهي أنجح سلاح ضد أفراد العدوّ، وتأكّـدت أن هذا السيف سيستخدم عندما تلوح فرصة لضرب تجمع جنود أَو آليات، وبنهاية حساباتي بقي قلقي على قدرة الإسرائيليين الاستخبارية لمعرفة مواقع الصواريخ، أَو القاذفات، ومواقع الغرفة المشتركة والقيادات.. وهنا أقول بصراحة لم أكن متأكّـدا؛ لأَنَّ التجارب أثبتت في السابق أن لإسرائيل عملاء يبلغونها بمعلومات مهمة.. توصلت إلى الخلاصات، ورحت أنتظر مصداقية قيادتنا العسكرية..

وصدح صوت الآذان من المسجد الأقصى: الله أكبر.. الله أكبر.. ولم يلاحظ كثيرون منا أن أجراس الكنيسة دقت بقوة مع أول صاروخ، ومع أول هدير الله أكبر.

شعوبٌ عديدة قاتلت لانتزاعِ حريتها، وإلحاق الهزيمة بالمحتلّين والغزاة والمعتدين، لكن شعبنا الفلسطيني الذي لم يحقّق الانتصار بعد يسجل في كُـلّ معركة درساً للشعوب المناضلة ويعبد طريق الحرية بدمه، وهَـا هو في شهر أيار من العام 2021، يتابع تعبيد الطريق لتتحول القدس إلى قائدة للمسيرة التحريرية العربية:

– يستنهض الجماهير العربية.

– ويقضي على التطبيع.

– ويحاصر أنظمة عربية خانت العهد، وتخون.

– ويحول بلاد العرب إلى أرض تحرق الغزاة.

في اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار أدخلت المقاومة للمعركة سلاحاً أذهل العدوّ الذي ما زال يدرس فجيعته الجديدة.. لقد أرسلت المقاومة طائرة استطلاع مسيّرة صورت مواقع العدوّ، ثم عادت إلى قواعدها سالمة.. مبروك لقد تفوقت المقاومة في جانب معين على الأقل على عدو متبجح يسرق أسرار أمريكا، ويدعي ملكيتها.

إن ما يحاك الآن من خطة لغرس فصل بين غزة، والضفة، واعتبار القدس إسرائيلية، هو وسيلة العدوّ لدق إسفين في وحدة الشعب والمقاتلين التي كرستها معارك “سيف القدس”، وكذلك إعمار غزة الذي يحاولون تحويله لمشروع تجسسي استراتيجي على كُـلّ مؤسّسة في غزة عسكرية أَو مدنية.. يريدون التحكم ببنيتها التحتية، أَو أبراجها ومبانيها.

إنهم يتآمرون لإعادة الشرخ بين السلطة في رام الله، والثورة في غزة، والضفة، والقدس وعلينا ألا نضيع لحظة واحدة:

– أن نبني على إنجازات سيف القدس.

– وأن نقيم أوثق الجسور، والعلاقات مع شعوبنا العربية.

– وأن نحرك المحامين العرب، والنقابات العربية لملاحقة مجرمي الحرب، والتصدي لبايدن وحليفه نتنياهو.

لقد ظهرت بشاعة الأمريكي أكثر من خلال بايدن.

– بايدن يعتبر حماس تنظيماً إرهابياً لذلك لا يتعاطى معه، ويعتبر غارات إسرائيل الوحشية وتدمير المنازل على رؤوس العائلات، وقتل الأطفال، والنساء، وتدمير المستشفيات دفاعاً عن النفس، أما دفاع المقاومة في وجه الهمجية، والعنصرية، وأدوات التطهير العرقي فبالنسبة لبايدن هي عمليات إرهابية!!.. لقد مضت أَيَّـام “العم سام”، فهو يلوح للمقاطعة بكيس الدولارات؛ كي يفكوا التلاحم مع غزة.. لكن ذلك الزمن ولى.. وما جسده الشعب الفلسطيني، ومجاهدوه في “سيف القدس”، لن يفك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com