محورُ المقاومة سبيلُ النجاة
أم الحسن أبو طالب
حين تتوحدُ الصفوفُ ويظهرُ فريقُ الحق بأبطاله وفريق الباطل وأعوانه تتجلى في سماء المقاومة والتضحيات شمسُ النصر بعد ليل طال أمده وَاشتدت ظلمته وبَعُدَ فجره حتى أذن الله تعالى بأن يظهر نورُه ليرسمَ لوحةً جديدةً لمستقبلٍ مشرقٍ لأقصانا المذبوح من الوريد إلى الوريد منذ عقود مضت.
اشتد الألم في القدس والأقصى ذاك الجرح الغائر في قلب الأُمَّــة واشتد عليه الجور، فقام أبناء فلسطين من الأحرار الأبطال بثورتهم التي أعادت للأُمَّـة بصيصَ أمل الانتصار الذي غاب وغاب معه لأحقاب طويلة طعم الحرية والكرامة؛ بسَببِ تدنيس المحتلّ الغاصب وهيمنته على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
هب الشعبُ الفلسطيني الذي رأى في ثورته سبيلاً لنجاته من هيمنة العدوّ الغاصب فتجلت له حقيقة ضعف عدوه وَإمْكَانية هزيمته متى ما توحدت صفوف المقاومة في كُـلّ بلدان المقاومة وعلم يقينا أن المقاومة هي وحدها من تحدّد مصير المعارك وما تؤول إليه الأمور فلا المفاوضات ولا الهدن تفيد شيئاً مع عدوٍ خبيثٍ ماكرٍ مخادعٍ متمرسٍ في القتل متعطشٍ للدماء.
شهداءُ وأشلاء ودماءٌ، دمار وخراب حطام وركام، كان ذلك كُـلّ ما فقده الفلسطينيون في معركتهم الأخيرة، لكن في المقابل تمثلت نتائج النصر في إحداث نقلة نوعية كبيرة ليس فقط في خط المواجهة الفلسطيني مع الكيان الغاصب، ولكن أَيْـضاً في محور المقاومة بشكل عام، فتداعيات نصر معركة “سَيْـفُ القُـدْسِ” فتحت أبواباً كثيرة لخط المقاومة، وحطمت آمال العدوّ الغاصب كان يسعى لتحقيقها ليس في القدس وحسب، ولكن على امتداد جغرافية استعماره للأُمَّـة الإسلامية.
نعم، دفع الفلسطينيون الكثير لقلب المعادلة وتغيير الموازين لكنهم كانوا سيدفعون “كما فعلوا سابقاً” في حال سكوتهم وعدم تحَرّكهم ما هو أشد وأعظم ثمنًا مما دفعوه في ثورتهم لتحقيق النصر، فالكرامة لا تأتي إلا بالدماء والتضحيات، والعزة والتمكين لا يؤتيهما الله إلا لعباده المخلَصين من نصروا المستضعفين وجاهدوا لكي تكونَ العزة لله ولرسوله والمؤمنين، ومتى ما علم الله في قوم صدقهم وصدق توجّـههم أعانهم وكان حقاً عليه نصرتُهم على عدوهم مهما بلغت قوته.
وكما هو الواقع يبقى خط المقاومة والمواجهة هو درب الأحرار لتحقيق الانتصار، ويبقى الشهداء منارة تضيء دربَ الجهاد لكل من التحق بركاب العظماء، وسار في نهج الأطهار الأتقياء الذين رفضوا الخنوع والخضوع وجعلوا من “هيهات منا الذلة” عنوناً لهم في مسيرتهم الجهادية، وعما قريب سنرى أقصانا الشريف محرّراً من دنس الغاصبين المحتلّين ويعود لحضن الأُمَّــة الإسلامية” أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين” مادام نبض محور المقاومة في قلوب الأحرار.