“غوتيرش” وسياسة الكيل بمكيالين..!!
دينا الرميمة
لا يوجد ثمة شك حول الدور السيء للأمم المتحدة وأمنائها المتعاقبين عليها في الحرب على اليمن والتي انتهجوا فيها سياسة الكيل بمكيالين واتخذوا منها وسيلة استرزاق وضمانة لعدم قطع الدعم السعوديّ لها، الأمر الذي شجع الأخيرة على ارتكاب أبشع الجرائم؛ لضمانها أن لا حساب ولا عقاب سيطالها!!
الحديثُ عن مآسي الحرب والحصار لا يكاد ينتهي ولا يمكن للحروف أن تحتويه أَو يستوعبه مقال واحد، فكلما كتبنا حوله وقبل أن نختم نتأكّـد أن ما كتبناه ليس إلا قطرة من بحر حزن يعتصر الافئدة؛ بسَببِ وباء الموت الذي انتشر كانتشار النار في الهشيم وبشراسة أخذ له الكثير منا، بالإضافة إلى مئات الآلاف من المرضى الذين تلوثت أجسادهم بمخلفات العدوان التي تتساقط ليل نهار على اليمن طيلة سبع سنوات، ما جعل الأوبئة تتضاعف وبشكل جنوني في أرض تفتقر لأبسط العلاجات نتيجة الحصار المطبق عليها!!
كانت شريحة الأطفال هي الأكثر تأثراً، الكثير منهم امتدت إليهم أذرع السرطان اللئيمة وأحالت طفولتهم وجعاً لا ينتهي وأنات تُبكي الحجر الأصم!! حُرموا حتى من ممارسة أبسط حقوقهم في الحياة كأطفال لا يحق للحرب أن تمسهم بأذى فصاروا يتسابقون في مضمار الموت هرباً من عالم لا يعترف بحقهم في هذه الحياة!!
الكثير منهم بات وحيداً بعد أن قتلت الغارات كُـلّ أفراد اسرته رأينا الكثير منهم مشوهين خلقياً؛ بسَببِ تلك القنابل العنقودية والفسفورية المحرمة دوليًّا،
رأينا الآلاف فوق أسرّة عناية مركزة تفتقر غرفها لأبسط وسائل العناية والعلاج، أوصدت أمامهم أبواب مطاراتهم التي لطالما تجمعوا أمامها يناشدون العالم بالنظر إلى حالهم مطالبين بفتح الأجواء لهم، بحثاً عن بصيص أمل في حياة خالية من الألم والدموع والانين، أصبح الكثير منهم يرى أن الموت هو الحل الوحيد للخلاص من أوجاعه؛ لأَنَّه يدرك أن الذين ذهبوا إلى جوار الله نجوا أما الذين بقوا تحت مظلة هذه الحرب فهم الذين ما زالوا يتجرعون مرارتها، صرنا ندعو لهم بالرحمة ونبكيهم أكثر من الراحلين!!
عبثاً نحاول أن نبدو أمامهم أقوياء، تخوننا ملامح وجوهنا، تخذلنا أعيننا التي تطلق سراح دمع محبوس من شأنه أن يغرق مدنا بأكملها، كُـلّ الشعارات التي نتلوها عليهم في مثل هكذا ظروف قد يعدها هؤلاء من أكبر الشتائم والنكبات البشعة ولكننا نردّدها من باب المواساة!
هذه المعاناة لم تكن كافية لأن تطالب الأمم المتحدة بإيقاف الحرب على اليمن إنما في العام ٢٠٢٠ قام أنطوني غوتيريش بمنح المتسبب فيه صك البراءة والغفران من دماء أطفال اليمن حين أخرج السعوديّة والإمارات من قائمة منتهكي حقوق الطفولة وبلا شك كان ثمن ذلك غالياً دفعته السعوديّة له، ما جعل لعابه سائلاً حتى عمد على إدراج “أنصار الله” في لائحة منتهكي حقوق الطفولة!! وهذا إن دل على شيء فَـإنَّما يدل على أنها حرب إبادة برعاية أممية وصمت دولي شعارهم فيها “ومن لم يمت بالقصف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد”.
إن خذلانهم لنا لم يزدنا إلا إيماناً بأحقية قضيتنا ومهما تعددت طرق قتلهم لنا فستتعدد طرقنا الدفاعية التي هي حقنا المشروع في الدفاع عن أنفسنا؛ لأَنَّنا نعشق العيش بكرامة وإن كان لا سبيل إليها إلا هذه الدماء وهذه الحرب التي دخلناها مرغمين وسنخرج منها منتصرين.