روحي وأبو فاضل طومر

 

أشواق مهدي دومان

وَتراه العيون صغيرًا غَضًّا، وَيراه المشهد وَالموقف كَبيراً بل مدرسة فُضْلَى، فتصدّق العيون المواقف وَيغدو (أبو فاضل طومر) العملاقَ وَالليثَ الهصور.

عملاقي الصغير: كم ألتذّ بنطق كلمة عملاقي مع أني لستُ أمك وَما كنتُ متمنيةً لو كان لي ولد إلّا أن يكون شبيهك أَو تكونه أنت، فما زالت روحك تخفق بين حنايا روحي، وَأراك بعيني وَقلب الأم وَأنت تقارع الموت بين تلك النيران لتشرح للعالمين درسا في معنى الثقة بالله، وَدرسا في التضحية، وَدرسا في الإيثار، بل درسا في الوفاء، وَلعله درسا في الصدق..

ياه لقد احترت وَما عدت أدري، فقد كَثُرَت الدروس التي أسقيتنا معانيَها بكفَّيك اللتين قادتا الآلية لتنقذ رفاقك الأبطال، وَحتّى قدماك الطاهرتان علّمتنا معاني الثّبات وَالشجاعة التي لو وصفوا شجعان الملاحم وَالأساطير في قصص التاريخ العظمى لما ارتقت لشجاعتك.

عملاقي الصغير: لقد اجتمعت فيك وَتنافست عليك كُـلّ الفضائل وَاحتويت كُـلّ مواطن الرجولة الطافحة بكلّ معانيها الشريفة.

لا زلت هناك طيراً حرًّا ضمّ جناحيه (أخيراً) مستقراً مطمئناً بعد أن بذل لهجرته إلى السّماء روحه التي نظنها انطفأت عن هذه الدنيا لكنها روح لشهيد، وَأرواح الشهداء لا تنطفئ، وَهم أصدق العاشقين.

عملاقي: أنت هلال من نور على ناصية مئذنة، بل على قمة قبّة مسجد أسس في روحي، فأراك تارة قابعا تنير للحائرين طرقهم لتهديهم، وَتارة أُخرى أراك تؤذن في ملأ السّماء التي انتقتك وَتفاخرت بك.

نعم كأنّي بك تؤذّن في الملأ الأعلى بأن قد فزتُ وَربِّ الكعبة.

نعم: فزتَ وَتركتنا..، وَفضّلت الحياةَ في عليين.. وَتركتنا هنا بين (شظايا آمالنا) ننتحب بكاء.

أيها العملاق: أنديت مآقينا وَآلمت برحيلك الذي يعد لنا فقداً عظيماً.. أنديت قلوبنا المحبة لك.

أيها الرجل الصغير: تركتنا نموجُ وَنغرق في مشاعر فخر مختلطة بمشاعر حزن، فكانت كبحرَين هذا عذب نقي وَهذا ملح أجاج، بحرين لم يلتقيا كآياتٍ عظمى في كون اللّه المرئي المحسوس المشاهد لكنهما التقيا في كون الروح فافتخرنا وَبكينا معا.

أيها الملهم الإنسان: كم تقتلني هذه العظمة مع هذا التواضع مع هذه البراءة في ابتسامتك التي رأينا فيها تجارتك مع اللّه حين افتديت رفاقك وَبعت من اللّه روحك فلم تنتظر للرّد كَثيراً، فقد اشترى ربك وَقبل بيعك سريعاً وَارتقيت إليه شهيدا وَفي غمضة عين، وَبقينا هنا لم ننل شهادتك وَلكننا نرجوها عزيزة كما نلتها أنت، وَلعلّنا نتشرف (لو استشهدنا) فنلتقيك هناك، وَفي عالمك الأرقى نحظىَ بكلمةٍ منك تشرح لنا فيها كُـلّ شيء فاق استيعابنا وَكُـلّ شيء فجّر فينا مالا قدرة لنا على ترجمانه.

لنعلن أنّك أُستاذ لنا عظيم قدير جليل؛ فسلام عليك يوم ولدت وَيوم استشهدت وَيوم نلقاك حياً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com