حينما تتمخضُ الإرادةُ فتولد جبالاً

 

سند الصيادي

لا زالت اليمنُ الولَّادةُ بالرجال تُقَدِّمُ للتاريخ نماذجَ من معجزات رجالها لينسُجَ الكُتاب والمؤلفون من سيرهم رواياتٍ واقعيةً تتجاوزُ تفاصيلُها قصصَ الخيال التي ينسُجُها الرواة، حَيْثُ برزت إلى واجهة المشهدِ الداخلي خلال الأسبوع الماضي حكايةُ نموذجَين من نماذج رجال اليمن الذي صنع منهم الإيمان وَالإرادَة التي اعتنقوها وَتحلوا بها جبالاً طاولت جبالَ اليمن بالثبات وَالصلابة وَالصمود، كما طاولتها بالحضور وَالبقاء في ذاكرة الوطن عبر المراحل وَالأجيال.

هذان النموذجان مثّلا عيناتٍ لفئتين عمريتين، اختلفت فيهما المواقف وَتشابهت المسارات والنهايات، فالأول وهو الشيخ سلطان عويدين لم يكتفِ بأدوارِه الإيجابية والمشرِّفة التي أرسى بها منذُ وقت مبكر قِيَمَ المسيرة القرآنية في منطقته ومحافظته عمران، وكان بموجب القيم التي صدرتها المسيرة إلى أعماقه مصلحاً بين الناس قائماً بالقسط مطفياً للثأرات وَالفتن، داعماً لمواقف الحق وخصيماً للفاسدين، هذا الرجلُ الذي عانى من المرض وتقدم في العمر لم يكتفِ في خدمة المسيرة والوطن بهذه الفضائل، فحمل سلاحَه مصطحباً معه فلذةَ كبده وَبعضَ أقاربه، متنقلاً معهم بين الجبهات، وهناك اجترحوا ملاحمَ من الشجاعة والصبر، قبل أن ترتقيَ روحُه وَروحُ نجله ورفاقه إلى الله شهداء في جبهة الساحل الغربي، فاستحق وإياهم المكرمة الإلهية وثناءَ القائد وَتقديرَ القيادة السياسية.

النموذجُ الثاني لشابٍّ في مقتبل العمر اسمُه هاني محسن صلاح طومر، رغم صغر العمر إلَّا إنه أعاد بمواقفه صياغةَ مفاهيم الشجاعة والبطولة والبسالة والإقدام، بطلاً في كُـلّ الجبهات التي صال وجال بها، قبل أن توثّق العدسة ذلك المشهدَ العظيمَ الذي كلّل به مسيرةَ عطائه بالوسام الرَّبَّاني الأعلى، وحظي بالتكريم الإلهي الكبير، بعد عملية بطولية أُسطورية سطّرها الشهيد أبو فاضل بمفرده حكتها الصورةُ وَأغنت عن آلاف الكلمات تفاصيل مشاهدها الأُسطورية.

نموذجان يضافان إلى نماذجَ سابقةٍ يصعُبُ علينا إحصاءُ أسمائهم وَشرح مواقفهم، نماذجُ أغنت أرشيفَ التاريخ اليمني المعاصر، وَرسمت معالمَ جديدةً ليمن يتشكَّلُ بعظمةِ المنهاجِ وَالشهادة.

إنها ثمارُ تزاوج الإرادَة مع الإيمان بالله وَالقضية، لتصبح هذه الأرضُ حُبلى بالرجال السامقين كالجبال.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com