الفرحة والنّصر

 

أشواق مهدي دومان

قد تتكبّدنا الحياة وَقد نتكبّد فيها بل قد تحاول قتلَنا متربّصةً متخفيةً بثياب بريئة، لكن يظلُّ رجالُ اللّه هم أطباءَ أرواحنا الذين أتقنوا فنَّ الطّب وَالتطبيب دون التحاقهم بجامعات الطب وَالتّمريض.

رجال اللّه هم من يرمّمون كلومنا التي ما زال الزمنُ يستحدثُ فيها نقاطاً كَثيرةً وَيفتح لنا جبهات جديدة، ظناً منه أنه سينال من معنوياتنا.. من مبادئنا.. من قناعاتنا.

الزمن الذي منه ستة أعوام فأكثر قد مرّت خالقة فينا الإيمان بقضيتنا وَحقنا في الحياة على هذه الجغرافية ما بين بحر أحمر وَبحر أبيض، وَنعم لن تنتصر أمريكا بعدوانها الظالم الظلوم الغاشم الغشوم، فرجال اللّه هم من يسقينا الفرحة بصدق وَإخلاص وَتفانٍ، وَيبذلون لذلك أرواحهم وَدماءهم وَجماجمهم، فيرحلون وَيرتقون إلى السماء بتواضع وَسموٍّ وَصمت.

رجال اللّه من لو اجتمعت لغات كائنات اللّه في أكوان اللّه وَتنافست في البوح بعشقهم لما أوفتهم وَلما بلغت إلى رفعتهم،

رجال اللّه هم شفاؤنا، هم رهاننا بعد اللّه وَبإذنه..

اللّه الذي ذكر الفرح في خطابه القرآني فكسر نشوة الفرحة في كُـلّ مواضعها إلّا في مواضع انتصارات الحق على الباطل، وَالإيمان على الكفر وَالنفاق فالفرحة هنا محمودة.. مرغوبة.. ممدوحة.. مسموحة..: فقد قال (تعالى): “ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللّه “، فكلمة (فـــرح) باشتقاقات الفرح ذُكِرت في اثنين وَعشرين موضعاً في القرآن الكريم، وَمنها ما نُهِي فيه عن الفرح، وَبعضها استبعد ذلك الفرح، وَبعضها كان وصفاً غيرَ حَسَنٍ للفرحين، بمعنى أنّه في الاثنين وَالعشرين موضعاً اُستُثني هذا الموضع الذي حُبّب فيه الفرح.

نعم.. فيما عدا ذلك فالفرحة مشروطة بتشذيبها أَو تهذيبها أَو عدم المبالغة فيها، فالدنيا لا تُملَّكُ لنا بفرحات دنيوية مؤقتة، لكن الانتصار على الكفر وَالنفاق هدفه سرمدي يسعى لبناء مجتمع الحقّ في أُمَّـة تخلو من الهزيمة وَالانكسار.

النصر منجز وَمعجزة وَتأييد إلهي فيه يثبّت اللّه رجاله، وَحين يمكنون من عدوّ اللّه وَعدوّهم ينتصرون وَيمتد نصرهم إلى المستقبل!

وَالنصر أقوى مبعث للفرح، وَفيه قوة وَطاقة إيجابية، وَفي تلك الطاقة حثّ على النفير أكثر وَأكثر.

أفلا نفرح بانتصار اللّه لنا؟!

أفلا نفرح بتصديق اللّه لجنده وَرجاله؟!

بلى.. هنا وَهنا فقط يحب اللّه الفرحين، فلنفرح حين يزهر النصر وَلنفرح فالنصر يمنح، وَالنصر يعبق، وَالنصر يشرح الصدور وَيشفيها وَيداوي قروح المؤمنين.

وَما أغلاها الفرحة في هذا الموضع!

وَلها أن تمتزج بدموع (وَأيضاً) مباحة وَليست لها شواطئ، فالنصر كُـلُّ مرافئها وَالنصر كُـلُّ شواطئها، وَأمّا سفينتها فهم “رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه”.

لنفرح فالفرحة هنا هزيمةٌ للباطل وَدحر له وَقهر له.

الفرحة هنا تحدث بنعمة اللّه وَما أجلّها من نعمة النصر وَفي هذه النعمة فلنتحدّث فقد قال (عزّ من قائل): “وَأمّا بنعمة ربّك فحدّث”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com