نائبُ وزير شؤون المغتربين الشيخ زايد الريامي في حوار مع المسيرة : السلطات السعوديّة تعمل على إنهاء تواجد المغتربين اليمنيين في كُـلّ مناطق المملكة تدريجياً وعلى مراحلَ زمنية متفاوتة
المسيرة- حاوره إبراهيم العنسي
قال نائبُ وزير شؤون المغتربين في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، الشيخ زايد الريامي: إن الكثير من المغتربين اليمنيين بدأوا بالعودة إلى الوطن؛ تجنباً للترحيل القسري، بعد أن أعطى النظامُ السعوديّة مُهلةً لإنهاء التعاقد مع العمالة اليمنية في المملكة.
وأكّـد الريامي في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” أن جميعَ القرارات التي تتخذها السعوديّة بشأن المغتربين اليمنيين مخالفة لبنود اتّفاقية الطائف، مُشيراً إلى أنه تم تشكيل لجنة طوارئ لاستقبال المرحَّلين من السعوديّة وإدماجهم في المجتمع، إضافةً إلى تشكيل لجنة وزارية لتجهيز مِلفات مع وثائقها لتقديمها إلى المحاكم الدولية.
إلى نص الحوار:
– بدايةً قرارُ النظام السعوديّ بترحيل اليمنيين من جنوب المملكة -عوائل وأفراداً وعمالاً وكوادرَ مهنية وغيرها- ما عدد أُولئك الذين سيتم ترحيلُهم قسراً من السعوديّة؟
تُقَدَّرُ أعدادُ اليمنيين في المناطق الجنوبية في جيزان وعسير ونجران والباحة والمناطق التابعة لها بحوالي 800 ألف مغترِب من جميع الفئات، أكاديميين ومهنيين، وغيرهم، وَطالما أن هناك تعميماً دون استثناء أحد بالترحيل، فسيشمل هذا العدد الكبير.
– هناك حديث أن ترحيل السعوديّة لليمنيين سيشمل مناطقَ أُخرى غير المناطق الجنوبية؟
هناك توسيعٌ في عملية استهداف المغتربين جميعاً، سواء في المناطق الجنوبية، أَو الشرقية، أَو الغربية، حَيثُ وصلتنا معلوماتٌ من بعض المغتربين في المنطقة الشرقية مثلاً أنه تم إبلاغُ أرباب العمل بإنهاء عقود بعض العمالة اليمنية دون سبب، وبالتالي ترسَّخ لدينا بأن السلطات السعوديّة تعملُ على إنهاء تواجد المغتربين في كُـلّ مناطق المملكة تدريجيًّا وعلى مراحلَ زمنية متفاوتة.
– أمام هذه الانتهاكات التي تطال حقوقَ اليمنيين.. كيف تقيِّمون ردود الفعل الدولية تجاه ذلك؟
العالَــمُ يراقِبُ الجرائمَ والانتهاكات التعسفية اللاإنسانية غير القانونية التي تمارسها السلطات السعوديّة ضد اليمنيين، وخَاصَّة المغتربين اليمنيين المتواجدين على أراضيها، وما الصمت الدولي حَـاليًّا إلا نتيجة لضخ السعوديّة من أموال لشراء الذمم والمواقف، وستزول هذه المواقفُ وستنقلب إلى عكسها حينما يتوقف الضخ المالي الذي أشرف على الانتهاء، والمسألة مسألة وقت ليس إلَّا.
المواقف الدولية تظل ضعيفة وغير مُجدية، بحكم أن جميع الهيئات الدوليةِ مُشتراةٌ بالمال السعوديّ، وترحيل العمالة اليمنية دون غيرها من الجنسيات الآن حقدٌ على اليمنيين منذ الأزل، وتحديداً منذ تشكلت أسرة آل سعود، وَالسلطات السعوديّة تعمل على اتِّخاذ المغتربين ورقة ضغط سياسية واقتصادية على الحكومة اليمنية، وما لم تأخذه بالحرب تحاول أخذَه بهذه الضغوط، وخَاصَّة ورقة المغتربين.
– ما الإجراءاتُ الطارئة التي تحدثت عنها وزارةُ المغتربين لمواجهة هذا القرار اللاإنساني تجاه اليمنيين؟
الوزارةُ شكّلت لجنةَ طوارئ لاستقبال العائدين، بالتنسيق والترتيب مع حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، والجهات ذات العلاقة، للقيام بدورها في تسهيل وصول واستقبال العائدين المرحَّلين وإدماجهم في المجتمع، كما أصدرت الوزارة بيانات إدانة واستنكار وحملات إعلامية على جميع القنوات الإعلامية لكشف وفضح هذه الإجراءات غير القانونية والتي تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان وتخالف كُـلّ الأعراف والاتّفاقيات والمعاهدات الدولية، مما أَدَّى إلى اتضاح الصورة أمام الرأي العام العالمي والمحلي حول طبيعة الاستهداف الممنهج للإنسان اليمني من قبل دول العدوان، سواء في الداخل أَو في الخارج.
– ماذا عن تواصلكم بالجاليات اليمنية في الخارج.. هل تعتمدون عليها كقناة من قنوات تعريف العالَم بما يجري من انتهاكات لحقوق اليمنيين في السعوديّة وغيرها؟
تواصُلُنا مُستمرٌّ ودائم مع جميع الجاليات اليمنية حول العالم، ومنها الجالية اليمنية في السعوديّة والاتّحاد العام للجاليات اليمنية حول العالم، والضغوط كانت عبر الجاليات اليمنية حول العالم في ما يقارب 92 دولة؛ للإدانة والمظاهرات الاحتجاجية أمام المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية والمحاكم الدولية، وَأَيْـضاً تم تشكيل لجنة وزارية عليا بحسب توجيهات المجلس السياسي الأعلى لاستقبال شكاوى المغتربين وتجهيزها في ملفات مع وثائقها لتقديمها إلى المحاكم الدولية، حتى لا يسقط ما قامت به السلطات السعوديّة من جرائمَ ضد المغتربين اليمنيين بالتقادم.
– ألا يمثل القرار السعوديّ بترحيل اليمنيين كما تكرّر هذا الفعل في السابق انتهاكاً وتجاوزاً صريحاً لاتّفاقية الطائف؟
رد حكومة صنعاء حول تلك الانتهاكات تمثَّلَ في تشكيل لجنة فنية من وزارة شؤون المغتربين والخارجية والشؤون القانونية لإعداد رأي قانوني يدعم المصلحة الوطنية العليا الذي بموجبه يمكن إلغاءُ الاتّفاقية، وجميع القرارات التي اتخذتها السعوديّة مخالفةٌ لبنود الاتّفاقية، وهي بهذا تلغيها جُملةً وتفصيلاً، وسيقدم هذا الرأي لمجلس الوزراء لإقراره، والذي بدوره سيقوم برفعه للمجلس السياسي الأعلى للموافقة عليه وإقراره.
– بحديثكم عن إعداد ملفات للانتهاكات بحق المغتربين اليمنيين.. هل ستكون هناك مقاضاةٌ للرياض في القريب العاجل؟
الحقوقُ لا تُلغى، ولا تسقُطُ بالتقادم، وهناك قضاءٌ ومحاكمُ دولية لإحقاق الحق لمستحقيه، ولا يضيع حقٌّ وراءه مطالب.
– اللافتُ في قرار آل سعود بترحيل اليمنيين أنه لم تكن هناك قرارات، أَو تعاميم رسمية علنية.. برأيكم لماذا هذا التستر السعوديّ والاكتفاء بالتوجيهات الشفهية لترحيل اليمنيين؟
نعتقد أن السلطات السعوديّة لا تريد لفتَ انتباه العالم والمنظمات والهيئات الدولية لممارساتها التعسفية؛ تجنباً للنقد، وَأَيْـضاً خشية السلطات السعوديّة من الملاحقات القضائية مستقبلاً، وأمور أُخرى نجهلها.
– بالإشارة إلى اللجنة المشكَّلة لاستقبال شكاوى المغتربين اليمنيين المرحَّلين.. هل هناك دلائلُ ثابتةٌ تدين السعوديّة لانتهاكها حقوق المغتربين؟
اللجنةُ التي تم تشكيلُها في الوزارة لاستقبال شكاوى المغتربين المرحَّلين تعملُ على توثيق وإرفاق المستندات والوثائق التي تُثْبِتُ تعرُّضَ أصحابها لانتهاكات، أَو مصادَرة ممتلكات، أَو تعسفات، لكنها لم تتمكّنْ من الحصول على شكاوى موثقةٍ بالأدلة والبراهين، والسبب أن نظام العمالة في السعوديّة يجعل من ممتلكات أي وافد إليها باسم الكفيل، وهذه إشكاليةٌ كبيرةٌ بحق المغتربين.
– هل أنتم على تواصل مع اليمنيين المستهدَفين بالترحيل؟
يتم التواصُلُ مع رؤساء الجاليات في المناطق المستهدَفة، وَالمعلومات التي تصلُ منهم إلينا بأن السلطات السعوديّة تنوي ترحيلَ المغتربين بعد انتهاء المهلة الممنوحة لهم، وقد بدأ الكثيرُ من المغتربين العودةَ؛ تجنباً للترحيل القسري.
– ما الذي تقوم به السلطات السعوديّة لإنهاء أعمال وعقود اليمنيين.. كيف تتصرَّف تجاههم؟
تقوم الأجهزة الأمنية السعوديّة بإبلاغ أرباب العمل بإنهاء التعاقد، وعدم تجديد العقود لمن انتهت عقودُهم، وَأَيْـضاً بعدم قبول أبناء المغتربين في المدارس… إلخ.
– نعود للجاليات اليمنية في الخارج.. ألا يجب أن تتفاعلوا معهم كواجهةٍ يمنيةٍ لإيصال مظلوميتنا خَاصَّةً في الدول الفاعلة عالمياً؟
نقومُ بدورنا في التواصل مع الجاليات اليمنية في الدول المؤثرة، بحسب إمْكَانياتنا المتاحة، وبجهود ذاتية؛ استشعاراً بالمسؤولية، ونأمل أن تتضاعَفَ الجهود، واستشعار الحكومة بالدور الهام للوزارة الذي يجب أن يكون في ظل العدوان والحصار؛ باعتبَار الجاليات اليمنية في البلدان المؤثرة جبهةً من جبهات المقاومة للعدوان والعمل على تنشيط تلك الجبهة؛ باعتبَارها النافذةَ الوحيدةَ للعمل الخارجي، وباعتبار الدبلوماسية الرسمية مع حكومة الفنادق والمرتزِقة.
هناك فعالياتٌ في بلدان المهجر، خَاصَّةً في أُورُوبا وأمريكا وكندا، نعتبرها جيدةً ومشجِّعةً، حَيثُ أن أغلب تلك الفعاليات مناهضة للعدوان وفضح جرائمه ونقل مظلومية الشعب اليمني إلى المجتمعات الغربية واكتساب تعاطف الأحرار والشرفاء من جميع بلدان العالم؛ بهَدفِ الضغط على حكوماتهم لإيقاف العدوان وإنهاء الحصار.
– أخيرًا هناك متاعِبُ وصعوباتٌ قد يواجهها المرحَّلون.. هل أنتم مستعدون لاستقبالهم اليوم؟
الإشكالياتُ التي قد يواجِهُها العائدون المرحَّلون كثيرةٌ، ولا بُـدَّ من تظافر جهودِ جميعِ الأجهزة الحكومية في استقبال المرحَّلين، واستيعابِهم والتعاوُنِ في تسهيل وصولهم واستقرارهم رغم الإمْكَانيات الضعيفة بحُكم العدوان والحصار، إلَّا أن تعاوُنَ الجهات الحكومية مُهِمٌّ جِـدًّا في هذه المرحلة، خَاصَّةً أن للعديد من المغتربين العائدين أولاداً وأُسَراً تحتاجُ إلى التسهيل في استيعابهم في المدارس والجامعات، والتعاون في إيجادِ مشاريعَ صغيرةٍ بتسهيلات وإعفاءات، وَأَيْـضاً إعادة تأهيل أصحاب المهن والخبرات ومنحهم شهادات لإيجاد أسواق عمل جديدة، والكثير من المتطلبات التي يجبُ استشعارُها من الجميع في الدولة والحكومة.