استعادةُ درعا البلد تسجلُ فشلاً جديدًا لأمريكا ليس في سوريا والمنطقة
المسيرة / خاص
بعد أن كانت شرارةً للمؤامرة قبل 10 سنوات، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) يوم الأربعاء الفائت، عن دخول وحداتٍ من الجيش العربي السوري إلى منطقة درعا البلد و”رفع العلم الوطني فيها، والبدء بتثبيت بعض النقاط وتمشيط المنطقة إيذاناً بإعلانها منطقة خالية من الإرهاب”.
هذا الإنجاز الساحق سينعكس إيجاباً على قرار تحرير ما تبقى من الأراضي المحتلّة في سوريا، فمع دخول الشرطة العسكرية إلى درعا البلد وانتشار حواجز عسكرية لقوات الجيش العربي السوري، بدأ المئات من الراغبين بالبقاء في درعا من مقاتلين أَو شبان متخلفين عن الخدمة العسكرية بتقديم طلبات لتسوية أوضاعهم، حَيثُ قدرت مصادر محلية عددهم بنحو 900 شخص.
وأبعد من دخول الجيش العربي السوري إليها واستعادتها للسيادة السورية، بعد أن اريد لها، أن تكون بوابة إسقاط الدولة السورية، إذَا بها اليوم عنواناً لنصرٍ جديدٍ لها، وباتت درعا خارجَ سيطرة المجموعات المسلحة التي يحركها تجار الحروب من خارج سوريا.
إن تحرير درعا في الجنوب السوري واستعادتها إلى السيادة الوطنية السورية إنجاز حمل الكثير الأبعاد العسكرية والسياسية، غير أن أهمها يتمثل بإفشال المشروع الأمريكي الذي كان يرمي بالإطاحة بالدولة السورية، من جهة وأن تصبح سوريا عبارة عن كيانات متعددة متناحرة، ومن جهةٍ أُخرى يبقى الهدف من هذا المشروع إقامة حالة من الحرب والفوضى، هذه الحرب التي ما زالت مُستمرّة قد امتدت إلى الجانب اللبناني، وهذه هي الحلقة الاضعف في الاستراتيجية الأمريكية، ففي الحالة اللبنانية لا تسمح للولايات المتحدة بالتمدد أكثر؛ لأَنَّ هناك مشروعَ خط الغاز العربي الجديد الذي يحتم أن يكون هناك تأمين أمني لهذا الخط الغازي القادم من مصر عبر الأراضي الاردنية بموافقةٍ “إسرائيلية” ويمتد من الأراضي السورية إلى لبنان لشراء الدماء في لبنان ومنع محور المقاومة من الاستمرار والبحث عن بدائل منها وفيها.
أمريكا سعت على مدى عشر سنوات لمنع محور المقاومة الممتد من إيران إلى لبنان، وأن يكون هناك نوعٌ من التقطيع في هذا المحور من خلال محاولة تخفيف الانتماء في الجانب السوري إلى محور المقاومة، إلاّ أن الدولة السورية بهذا الإنجاز أفشلت المحاولات الأمريكية، فدرعا تعد قلب الجنوب السوري، ولان الكيان الصهيوني وأمريكا وغيرهم من القوات الأجنبية هناك كانوا يراهنون على المجموعات المسلحة الموجودة فيها لإسقاط الدولة السورية وقضم أوصالها تدريجيًّا، لذا فسيطرت الحكومة السورية على درعا ودخول الجيش العربي السوري إليها يُعد هزيمة للمشروع الصهيو أمريكي في الجنوب السوري.
لقد جاء هذا الإنجازُ بمثابة إجهاض للأمن الذاتي للمجموعات المسلحة في درعا التي كانت تعتبر نفسها إمارةً خارجةً عن سلطة الدولة السورية، وكانت تراهن بهذا أَيْـضاً على الموقف الروسي الذي كان يسعى لإجراء تسويات؛ مِن أجلِ إيقاف الجبهة العسكرية فيها على اعتبار إمْكَان التوصل إلى حَـلّ سياسي.
لكن ومع كثرة تجاوزات المجموعات المسلحة على الجيش السوري وانتهاء كُـلّ الدواعي والمبرّرات التي حصلت؛ مِن أجلِ التسوية في عام 2018م، جعلت بقاء السلاح المنفلت في درعا غيرَ مسموح به؛ ولذا النتيجة كانت إما أن يدخل الجيش العربي السوري في حَـلّ عسكري مع المجموعات المسلحة في درعا وهو الذي حصل، وإما أن تكون هناك تسوية ويتم تسليم السلاح للحكومة السورية.
الأمر الذي جعل أعداء سوريا يتباكون على سقوط درعا واستسلام معظم المسلحين فيها، رغم أن ما أعاق تنفيذَ اتّفاق التسوية بشكلٍ كامل وخروج المجموعات المسلحة منها، هو رفض كلاً من الاردن وتركيا استقبال المسحلين الذين طالبوا بالرحيل خارج الأراضي السورية ورفضهم الذهاب إلى محافظة إدلب؛ باعتبَار هذه المنطقة لا تمثل طموحاتهم.
كذلك فَـإنَّ ما يعقّد الوضعَ في إدلب هو الوجودُ الكثيف للإرهابيين الأجانب من الأيغور والشيشان والأُورُوبيين الذين تقوم تركيا بابتزاز الدول الأُورُوبية من خلال التهديد بفتح باب الهجرة والسماح لعودة الإرهابيين عبر الأراضي التركية إلى العودة مجدّدًا إلى الساحة الأُورُوبية.
الجيش العربي السوري أراد بهذا الإنجاز أن يقول لهذه الأدوات ومن يحركها بأنهُ قادر على إنهاء هذا الوضع لصالحه خلال ساعاتٍ فقط وفي الوقت الذي يراهُ مناسباً، فهدفُ الحكومة السورية من استعادة درعا هو هدفٌ استراتيجي ولن ترضى بأقلَّ من أن تكونَ كاملَ الأراضي السورية تحت سيادتها.