تعز الجوهرة.. منهكة بالأزمات وهالكةٌ في النزعات
غالب المقدم
منذُ أن وقعت مدينة تعز ضحية بأيدي تحالف العدوان (السعوديّ–الإماراتي)، وأدواته المتعددة القوالب والمتنوعة الأسماء، وتعز “وسط المدينة” ترزح تحت سطوة الظلم والظلام، والمواطن المغلوب على أمرهِ، يعيش بين التدمير والتخريب والسرقة والقتل والنهب والسلب الدائم، ما يزيد عن الـ 6 أعوام بأذرع دول العدوان أَو تكالب الأزمات التي تتساقط على رأسه تباعاً.. لم تكتفِ بهذا القدر من الخراب والعبث الهائل بالمدينة؛ بل وصل بها الحال إلى أن تحارب الإنسان الساكن في مناطق سيطرتها بلقمة عيشه التي لا غنى له عنها.
وحينما انتفض سكان المدن المنكوبة في وجه الاحتلال وخُصُوصاً تعز، بعد الانهيار الاقتصادي الحاصل في تلك المحافظات، رافضين للظلم الجاثم على صدورهم، محاولين البحث عن بصيص نورٍ لأمل يوحي لهم أن ما يعصف بهم من كوارث وأزمات، مؤقتة وليست دائمة، ولكن دون جدوى، فقد صنفوا من قبل قيادات الأدوات بأنهم حوثة، لكي يتم تصفية المتظاهرين وإبادتهم، وهذه الفزاعة التي دائماً ما تلجأ إليها مليشيات دولتي العدوان لتصفية كُـلّ من يعترض سياستها الاستعمارية.
ذلك حال أهلي اليوم في تعز المنهكة المدمّـرة، العريقة حضارةً، والمتمدنة سمعةً، والمتقدمة عن أخواتها تطوراً، والتي كانت يوماً توصف بمنارة العلم ومنبعه، ومن أوائل المدن التي أضاءت فكراً ومعرفةً، المزخرفة بالتنوع الثقافي، والتي احتضنت الجميع دون استثناء.
يؤلمني جِـدًّا ما آلت إليه تعز، والدرك السحيق الذي وصلت إليه، وتدمي قلبي المشاهد التي أراها، وأسمعها، والحرائق التي تنفح دماً وأنيناً وخراباً، ويزيد في ألمي أنه ما زال يذهب ضحية الصراعات المتناثرة على امتداد الجغرافيا الواقعة تحت الاحتلال، هم الأبرياء المعذبون، والفقراء المعوزون، والأشد ألماً، أن البعض ما زال يصدق أكاذيب أبواق العدوان وقنواته التضليلية، ويرتجي منها الخير والسلام.
فواقع الحال ينذر بحريق كبير، وألسنة الدخان بدأت تتصاعد بالأفق الساخن والمضطرب المناخ، جراء الانهيار الاقتصادي القاتل، وَإذَا لم يقم المواطنون في تعز بثورة عارمة ترفض وجود الاحتلال وأدواته، فالأسوأ من ذلك هو الارتطام العنيف، في حال استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فَـإنَّ ما تبقى من الأمن الاجتماعي سينتهي، ولن يبقى في تعز من يأمن على نفسه وأهله، ولا خلاص لأهلنا في تعز والمناطق المحتلّة من هذا الجحيم الملتهب إلا التخلص من التواجد الأمريكي المحتلّ لبلادنا وأتباعه وأذرعهِ وأدواته في الداخل، فلا سلام من أعرابي يرتجى، ولا من أمريكي وبريطاني فرضا حصارهما علينا.