خبراء عسكريون وسياسيون لـ “المسيرة”: عملية “ربيع النصر” الاستراتيجية.. تضييق الخناق على العدوان والمرتزقة
المسيرة – محمد الكامل – أيمن قائد
يسلك أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة دروبَ الانتصارات الكبرى، وهم يدكون حصون وتحصينات المرتزِقة والعملاء الموالين لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ في محافظتي شبوة ومأرب.
وأطل متحدِّثُ القوات المسلحة العميد يحيى سريع، أمس، في بيان ليؤكّـد المؤكَّـدَ وليثبِتَ حقيقةَ ما تم تداوُلُه مؤخّراً على ألسنة المرتزِقة بأن مديريات (بيحان، عين، عسيلان) في محافظة شبوةَ قد عادت إلى حُضن الوطن، وأن الغزاة والمرتزِقة قد رحلوا منكسرين عاجزين أذلاء.
وتأتي هذه الانتصاراتُ كأول ثمار لعملية “فجر الحرية” التي تكللت بتحرير محافظة البيضاء بالكامل، وطرد العناصر الإجرامية التكفيرية منها، في مشاهد وثَّقتها عدسة الإعلام الحربي، ودونها التاريخ في أنصع صفحاته، بعد فرار مذل لتلك العناصر، وعجز أمريكي سعوديّ عن مساندتها أَو إنقاذها من لهيب نيران أبطال الجيش واللجان الشعبيّة.
لقد أتاح تحريرُ محافظة البيضاء بالكامل للقوات المسلحة أن تسلك عدة مسارات في مهمة تحرّر الأرض من الغزاة والمرتزِقة، فاتجهت صوب محافظة شبوة، لتحرير “بيحان” و”عسيلان” وَ “عين” وأجزاء من مديرية “مرخة”، وتغنم عتاداً عسكريًّا كَبيراً، وتطيح بالقيادات العسكرية للمرتزِقة في تلك المناطق، الأمر الذي يجعل مركز المحافظة “عتق” في مرمى الاستهداف، وفي الطريق إلى التحرير، إذَا ما توسعت المواجهات العسكرية هناك، لكن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة سلكوا درباً آخر باتّجاه مدينة مأرب المحتلّة، وحقّقوا بذلك انتصارات قصمت ظهر تحالف العدوان على اليمن، وأفقدته توازنه، ونتج عنها تحرير مديرية “حريب” و”العبدية” وأجزاء من مديريتي الجوبة وجبل مراد”، وجميع هذه المناطق تقع في الجهة الجنوبية لمأرب، وهي تعطي أبطال الجيش واللجان الشعبيّة قدرة كبيرة على تضييق الخناق على المرتزِقة والخونة في مأرب من الجهة الجنوبية، بعد أن تم تضييق الخناق عليهم من الجهة الغربية، وفق الانتصارات الكبرى التي تحقّقت في عملية “فجر الانتصار” ونتج عنها تحرير مساحات واسعة في صرواح.
وخلال هذه العملية “ربيع النصر” تمكّنت قواتنا المسلحة من تحرير 3200 كيلو متر مربع، ومن بينها مديريات هامة وكبيرة في محافظتي شبوة ومأرب كحريب وبيحان، في حين تكمن أهميّة “العبدية” أنها مركز لتجمع القيادات الإخوانية الإصلاحية، التي كان لها ثقل كبير في المواجهة مع أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، وقد تناقلت وسائل إعلام تابعة للعدوان عن مقتل قيادات بارزة من بينها قائد اللواء 159 عبد الحكيم عبد الرب الشدادي، ورئيس فرع الإصلاح في العبدية عوض نكير، وقائد جبهة العبدية السعيدي، إضافة إلى العشرات من قيادات القاعدة وداعش التكفيريين، ما يجعلها من أكبر العمليات العسكرية وأهمها وأوسعها على الإطلاق، مع عملية “فجر الانتصار” التي تم الإعلان عنها في وقت سابق.
رسالةٌ قويةٌ للاحتلال
ويرى الخبير والمحلل العسكري العقيد مجيب شمسان، أن عملية “ربيع النصر” تمكّنت من تحطيم أهم عقبة وصخرة كانت تحول بين الجيش واللجان الشعبيّة والمحافظات التي كان يحتلها العدوان الأمريكي السعوديّ والتي تعد من أبرز المحافظات في اليمن الغنية بالثروات النفطية والغازية وغيرها.
ويقول العقيد شمسان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “إن عملية “ربيع النصر” تزيد من تضييق الخناق على تحالف العدوان في محافظة مأرب، وترفع من قدرات الجيش واللجان الشعبيّة من تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في تحرير الأراضي اليمنية المحتلّة”، مُشيراً إلى أن هذا يأتي في سياق خطاب قائد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والذي أكّـد عزم الأحرار في اليمن على تحرير جميع الأراضي اليمنية المحتلّة.
ويشير العقيد شمسان إلى أن هذه العملية بكل ما تمثله من مشاركة لمختلف الوحدات العسكرية اليمينة تعكس الجهوزية العالية التي يمتلكها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في تنفيذ عمليات واسعة وقدرات تمتد لمساحات شاسعة، لافتاً إلى أن العمليات السابقة والمتراكمة و”النصر المبين” في مراحلها الثلاث وُصُـولاً إلى سلسلة عقبات جبال القروض في مديرية العين بمحافظة شبوة كانت أهم المترتبات لمثل هذه العمليات؛ كون هذه السلسلة الجبلية تعطي أفضلية للجيش واللجان الشعبيّة سواء ضمن ما تم تحريره في مديريات عسيلان أَو بيحان أَو في مديرية حريب في محافظة مأرب، بالإضافة إلى إعطائها الأفضلية لتطويق كامل مديرية أَو ما تبقى من العبدية في محافظة مأرب.
ويؤكّـد شمسان أن سقوط هذه المديريات يمثل سقوط أهم أهداف تحالف العدوان المتمثلة في السيطرة على مناطق الثروة والطاقة، وَهو ما يدفع دول العدوان للتحَرّك إلى مصر ووصول المقدشي ورئيس وزراء المرتزِقة معين عبدالملك إلى القاهرة، وبالتالي كُـلّ ذلك يؤكّـد أن تحالف العدوان قد سقط من قاموسه مسألة السيطرة على مناطق الثروة والطاقة وأن كُـلّ ما تبقى من مأرب يشكل ضربة قاصمة لهم في هذا الهدف، وبالتالي سيسعون إلى الاحتفاظ بما تبقى لديهم من السيطرة على مناطق السواحل والجزر اليمنية.
من جانبه، يقول الخبير والمحلل العسكري أحمد الزبيدي: إن الأهميّة الاستراتيجية لعملية “ربيع النصر” أنها تؤسس حقيقة هامة وهي أن مواجهة العدوان والمرتزِقة لن يبقى على جزء من الأرض اليمنية وأنه سيتم تحرير جميع الأرض اليمنية.
ويضيف الزبيدي لصحيفة “المسيرة” أن ما تم تحريرُه في محافظتَي شبوة ومأرب من مديريات يؤكّـد هذه الحقيقة وأن اليمن كلها وحدة جغرافية واحدة لا تقبل أي وجود على أراضيها من المحتلّين والغزاة ومن وجد سيتم طرده منها.
ويشير الزبيدي إلى أن هذه رسالة قوية للاحتلال بأننا في صنعاء لا نفرق بين شبوة وحضرموت وأبين والمهرة ومأرب وتعز وأن جميعها محافظات يمنية، وهي تأتي تجسيداً لقول قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثين، بأننا سنحرّر كُـلّ شبر من الأرض اليمنية، ولهذا يجب أن يفهم الجميع وعلى رأسهم قوى العدوان الأمريكي السعوديّ أن تحرير محافظة شبوة يفتح الطريق لتحرير بقية المحافظات اليمينة وخَاصَّة المهرة وحضرموت وَسقطرى.
انقلابُ موازين القوى
ومن جانب سياسي، يقول عضو مجلس الشورى مستشار المجلس السياسي الأعلى، عبد الملك الحجري: إن عملية “ربيع النصر” لها أبعاد استراتيجية هامة، فقد حسمت معركة مأرب وشبوة بالمطلق لصالح أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في مقابل انكسار تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي ومرتزِقتهم؛ نظراً لحجم المساحة الجغرافية المحرّرة ٣٢٠٠ كيلو متر مربع، إضافة إلى البعد الجغرافي والقبلي للمناطق المحرّرة.
ويوضح الحجري لصحيفة “المسيرة” أن عملية “ربيع النصر” كما غيرها من العمليات العسكرية بينت حجم الأداء العسكري النوعي والمتميز لمجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة في أرض المعركة واستبسالهم وأدائهم الأُسطوري، مؤكّـداً أن ما بعد هذه العملية ليس كما قبلها، وأن موازينَ القوى العسكرية الجديدة التي فرضها الجيش واللجان في عملية “ربيع النصر” مهَّدت عسكريًّا لحسم المعركة، وَأن معركةَ مدينة مأرب باتت تخضعُ لمعاييرَ إنسانية وسياسية أكثر منها عسكرية.