شعبُ الأنصار وعظمةُ حشوده في مولد المُختار
زينب إبراهيم الديلمي
كم هو عظيمٌ هذا الشعب! عظيمٌ كحشوده المُشرفة في كُـلّ ذكرى يُحييها، عظيمٌ كصموده الذي لا يُضاهيه أي صمود على رحب الكون، عظيمٌ كصبره على مساوئ المجازر وكـدر الحصار وضيق المعاناة، عظيمٌ كجهاده المُتفاني والراسم على لوحة بُشرى النصر المُرتقب، عظيمٌ كتمسكه بهذا الولاء والحب المُحمدي.
كم هي عظيمة تلك البراعم المُحمديّة الصّغيرة سناً، الكبيرة حُباً واتباعاً وتأسياً وعشقاً لنبيها، عظيمة كفطرتها المنسوجة بأحسن تقاويم الامتثال لأسوتها الحسنة، مُختزلة في وجدانها التربية القرآنيّة السمحاء، عظيمة كثغرها الباسم التي ارتسمت على وجنات الآهات، ولم تعد حليفة الحزن حينما لهفت روحها اشتياقاً وتمنياً بأن يكون العام كله ربيعاً محمدياً.
كم هي عظيمة أم الشهيد والجريح والأسير التي توجّـهت إلى ساحة العشق المحمدي حاملةً في روحيّتها عبق فلذتها المُلتحق في علياء الأنبياء والشهداء، وأبكرت لتحقّق وصيّته في جعل غزوات وتضحيات نبي الجهاد مدرسةً مُكتملة الأركان تربي به عشاق الشهادة؛ حتى تُضاف أرواحهم ضمن قافلة الفداء والعطاء المُحمّدي.
كم هي عظيمةٌ تلك العجوز التي وثقت بحبل الإيمان، وتخلّت عن وسائل الراحة؛ لتثبت أن العوز وشيخوخة السن لم يثنها عن السير في الميدان المُحمّدي، وكما كانت ولم تزل من تُرشد وتوجّـه الأبناء والأحفاد لجعل هذا النبي الكريم حياً وموجوداً في ذواتهم وأفئدتهم.
كم هم عُظماء من بُتِرت عليهم نعمة القدمين وأقعدتهم عربة السّير ولم يقعدهم إصرار الاستجابة لأمر الله وتلبية دعوة القائد العَلَم وتحقيق ثقته المُطلقة لهذا الشعب؛ ليُثبتوا أن ذوي الإعاقة الحقيقية هم الذين ثبّطوا وفرطوا وتخاذلوا وقصَّروا في أخذ الأوامر الإلهية على محمل الجد، ذوي الإعاقة الحقيقية الذين التفتوا لأكاذيب التكفيريين الواضعين أحباب رسول الله وحوارييه في دائرة الشرك والبدعة، ذوي الإعاقة الحقيقية هم من حرفوا الكلم عن مواضعه، واستبدلوا نعمة البصيرة بنقمة الضلال، واتبعوا ما ألفوا عليه أسيادهم من السّوء والفحشاء والمُنكر.
طوبى لهذا الشعب الوفي لعرفان نبيهم العدنان وتبجيل مُحكم التنزيل بأن يمنهم يمن الحكمة والإيمان، وبلدهم بلدةً طيبة وربٌ غفور.. وهنيئاً لروّادها العظماء وقادة الإسلام المحمدي النبوي شرف العيش في عهده.
هذه هي يمن الأنصار، يمن عمار، يمن آل ياسر، يمن الأشتر، يمن الأرق قلوباً والألين أفئدة تكتسي خُضر الإستبرق المحمّدي في حناياها كُـلّ لحظات أيامها وساعاتها، وتعطر المحمديون بسُندس جود ووجود رسولهم ومعلمهم ومنقذهم في هُــوِيَّتهم الإيمانية.
فماذا ينتظر الأعداء منا إذاً؟ ينتظروننا بمزيدٍ من جرعة مرارة الغيظ، ونغلظ عليهم بما هو طِبٌ لقلوبنا وعافية أبداننا وشفاها، ونور أبصارنا وضياءها، ينتظروننا بمزيدٍ من تساقط خريف أهدافهم وتعاظم ربيع مشروعنا.