ما شرف الرجل سوى كلمة.. وجورج قرداحي عنوان للشرف
وفاء الكبسي
في زمن رَخُصَ فيه الإنسان فقتلوه وسفكوا دمه بثمن بخس، وزمن رَخُصَ فيه الكلام فكذبوا وطمسوا كُـلّ الحقائق وقلبوا كُـلّ المبادئ والمفاهيم فجعلوها تحمل معنى آخر، فالكذب أصبح مجاملة، والنفاق ولبس الأقنعة شطارة، والتلون وتغيير المواقف والمبادئ ثقافة، والسكوت على الظلم مسالمة وحكمة، ولكن وحدها كلمة الحق بقيت عزيزة شامخة وغالية الثمن، لا يجرؤ على قولها أحد؛ لأَنَّ الكثيرين يخشون أن يدفعوا ثمنها ويستحون منها حتى وإن لمعت في تفكيرهم؛ لأَنَّها ستُظهر مدى جبنهم وضعفهم وحقارتهم وارتزِاقهم، فوحدهم الشجعان الأحرار من ظلوا يتفوهون بكلمة الحق ولا يخافون لومة لائم؛ لأَنَّهم يدركون بأن ما شرف الرجل سوى كلمة، فالكلمة نور وَقذيفة ربَّانية في وجه الباطل، وفعلاً كانت كلمة الحق التي قالها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي قذيفة وصاروخاً باليستياً على النظام السعوديّ المتسلط المتعجرف فقهرته تلك الكلمات الحرة ودمّـرت وحطمت غروره وكبريائه، وازهقت كُـلّ باطله قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ، وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}.
هذا الكبر والغرور والعنجهية ليس بالجديد؛ لأَنَّها عادة كُـلّ الناقصين من طواغيت الأرض، في كُـلّ زمان ومكان فقد كان فرعون من أشهر المتكبرين، ولم يزده ما رأى من الآيات والعبر إلّا تكبراً وعناداً وتعذيباً لبني إسرائيل، حتى خسر وانهزم وبقي عبرة لكل ظالم متجبر، نفس حال نظام آل سعود المتكبر الذي يعيش في كُـلّ شؤونه ضرباً من ضروب مُكابرة “الانهزام”، فهو لا يريد أن يعترف بهزيمته، خَاصَّة فيما يحدث اليوم في مأرب من تكبدهم للخسائر المادية والمعنوية الفادحة من قتل وأسر عشرات الآلاف من جنودهم المرتزِقة وَاغتنام الجيش واللجان الشعبيّة لأسلحتهم، وهروب كُـلّ قيادات الصف الأول من مأرب وتطهير كُـلّ المديرات فلم يتبقَ منها إلا المدينة فقط، كُـلّ هذا جعل من النظام السعوديّ المتغطرس المتكبر يرفض كُـلّ تلك الهزائم خَاصَّة أنها على يد أنصار الله “الحوثيين” كما يسمونهم، فليست التصريحات التي أدلى بها جورج قرداحي قبل تعيينه في المنصب الوزاري إلا بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فكسرت ذاك الكبر المتغطرس لبعران السعوديّة وعرتهم أمام العالم بأنهم مُجَـرَّدُ معتدين منهزمين، هذا النظام الذي لا يريد الاعتراف بأنه مهزوم ومأزوم في اليمن، وبأنه معتدٍ على شعب الإيمان والحكمة ويرتكب فيه أبشع المجازر الوحشية التي يُندى لها جبين الإنسانية، هم يريدون التهرب والتنصل من أية مسؤوليات إنسانية لمخلفات العدوان من إعادة إعمار ما دمّـروه وجبر الأضرار الجسيمة التي ارتكبوها في اليمن أرضاً وإنساناً وكل التعويضات التي قد تواجههم من تبعات انتهاء هذا العدوان الوحشي، فهم دائماً يردّدون عبر ماكينة إعلامهم: “نحن لم نقتل أحداً، ولم نرتكب أية جرائم، ولن نقوم بإعادة أي إعمار”، هم ماكرون يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
جورج قرداحي اطمئن أيها الحر الشجاع الشريف فكلنا جورج قرداحي، نحن معك متضامنون كُـلّ التضامن ومع لبنان الحبيبة، لا تخشى بعران الخليج وإن كشروا بأنياب مثلومة ثلمت في اليمن وتكسرت، فاليمن بلدك الثاني، أنت لم تقل إلا الحقيقة فلا تخشاهم، وتأكّـد أنك لست هدفهم فهدفهم من كُـلّ هذا التصعيد غير المبرّر هو تأزيم الوضع في لبنان واستهدافها بحجّـة واهية، فلا تنسى كيف كان ترامب يمسح بكرامتهم البلاط ويهينهم ويذلهم ولم يرفعوا رؤوسهم ولم ينبسوا ببنت شفة، بل على العكس كانوا يقولون هي تصريحات محب!
وأقول لكل العالم ستبقى اليمن عصية على الكسر ولن تركع ولو اجتمعت أمامنا ليست أمريكا وإسرائيل وأدواتهم الخلايجة ومن دار في فلكهم بحسب، بل لو اجتمع كُـلّ الإنس والجن، فلن تسقط راية الحق والحرية التي نتشبثُ بها في أيدينا، وستبقى اليمن مقبرة كُـلّ الغزاة وأرض كُـلّ الشرفاء الأحرار، فمن ركب في سفينة اليمن فذلك شرفٌ له، ومن ركب في سفينة عدونا فذلك عارٌ عليه وحده، ولن يضيرنا ذلك شيئاً أبداً؛ لأَنَّنا ماضون للتحرير بكم أَو بدونكم.