ميقاتي يطالبُ بجلسة لإقالة قرداحي استرضاءً للرياض.. وشركاء العمل السياسي يؤكّـدون: التسوية لن تمر

 

المسيرة / متابعات

مبادرةٌ محكومةٌ بالفشل، على ما يبدو، تلك التي أطلقها رئيسُ الحكومة نجيب ميقاتي، يوم أمس الأول، فعمّق مأزق حكومته جراء سعيه إلى استرضاء الرياض وعدم مواجهة قرارها بمحاصرة لبنان، من دون حتى أية ضمانات بإمْكَان قبولها بالعرض الميقاتي.

رئيس الحكومة اللبناني، العائد من قمة المناخ في اسكتلندا، بدعم دولي كبير لبقاء الحكومة، بدأ اتصالات مكثّـفة مع القوى السياسية الرئيسية لتسويق تسوية تقوم على “استقالة الوزير جورج قرداحي أَو إقالته، وإعلان حكومي يسمح بفتح الأبواب أمام وساطات عربية ودولية مع الرياض”، مُشيراً إلى أن “تخفيف التوتر مع السعوديّة ودول الخليج سيساعد لبنان في ما يتعلق بملفات التفاوض على المساعدات المالية”.

وبناءً عليه، فَـإنَّ مدخلَ هذه التسوية، وفق ميقاتي، هو “استقالة قرداحي أَو إقالته، إما بمبادرة مسيحية، أَو عبر دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة يكون على جدول أعمالها بند إقالة وزير الإعلام في حال استمر في رفضه الاستقالة”، لذلك عاود رئيس الحكومة التواصل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لممارسة مزيد من الضغط على الوزير الذي كرّر للبطريرك الماروني، ولغيره من المتصلين به، أنه مستعدّ للاستقالة في حال كانت “ستؤدي إلى نتائج في مصلحة لبنان”، ولكن لأَنَّ الأمر ليس كذلك “فلن يستقيل”.

ولجأ ميقاتي إلى مقرَّبين منه للتوسط مجدّدًا مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وإقناعه بتليين موقفه في شأن استقالة قرداحي، فكرّر النائب السابق موقفه الرافض لممارسة أي ضغط على وزير الإعلام، بعدها، زار ميقاتي الرئيس ميشال عون وبحث معه في ترتيب جلسة حكومية تخرج بنتيجة مُرضية وتسمح باستئناف العمل الحكومي وتخفف الضغوط الخارجية على لبنان، إلا أن رئيسَ الجمهورية كرّر أمامه أن الأمرَ يتعلقُ “بنقاش عام وليس ببند واحد”.

عندها، باشر ميقاتي خطواته المعلنة بكلمة ألقاها في السراي الكبير، أراد من خلالها توجيه رسائل إلى الداخل والخارج واسترضاء السعوديّة، داعياً -ضمناً- قرداحي إلى الاستقالة، ومسجلاً موقفاً اعتراضياً على مطلب حزب الله وحركة أمل في شأن تحقيقات القاضي طارق البيطار في ملف انفجار المرفأ.

في المقابل، يرفُضُ حزبُ الله وكتلةُ الوفاء للمقاومة مبدأَ وضع بند الإقالة على جدول أعمال الحكومة، إلا أن رئيس الحكومة سارع إلى التواصل المباشر مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، طالباً المساعدة في معالجة الأزمة على قاعدة انعقاد مجلس الوزراء لمناقشة الأزمة مع السعوديّة، و”الطلب إلى قرداحي الاستقالة أَو التصويت على إقالته”.

وسمع ميقاتي تأكيداً على الوقوف إلى جانب قرداحي في موقفه، وأن “السعوديّة تتحمل مسؤولية الأزمة، وأن استرضاء الرياض لن يخفف من الأزمة؛ لأَنَّها تستهدف ما هو أبعد من الاستقالة، وأن اللبنانيين ضاقوا ذرعاً بهذا النوع من الضغوط”، حاول ميقاتي إقناع الحزب، كما فعل مع حركة أمل، بحضور جلسة مجلس الوزراء والتصويت ضد الإقالة أَو الاستقالة، لكنه سمع من جديد أن الحزب يرفض مبدأ وضع هذا البند على جدول الأعمال، إضافة إلى أن المشكلة الأَسَاسية لمقاطعة جلسات الحكومة؛ بسَببِ تحقيقات البيطار لا تزال قائمة، ولا يبدو أن لدى ميقاتي مخرجاً لها.

عند هذا الحد، فهم رئيس الحكومة أن حزب الله لن يشاركه جريمة التضحية بوزير الإعلام، لكن ما وصله، وكان وقعه أكثر قسوة عليه، هو ما نقل عن فرنجية بأنه متمسّك بموقفه، وأن “أي محاولة لإقالة قرداحي بالقوة ستعني خروج المردة من الحكومة نهائيًّا وعدم المشاركة في أي حكومة جديدة”، وأن فرنجية “لن يدخل في أي تحالف انتخابي مع أي طرف يوافق على إقالة وزير الإعلام، كما أكّـد فرنجية لقرداحي نفسه أنه يقف خلفه، ولن يطلب منه الاستقالة، ولن يوافق على إقالته”.

من جهة أُخرى، يتحدث ميقاتي عن “ضغوط يتعرض لها من قيادات في الشارع السني، خُصُوصاً نادي رؤساء الحكومات السابقين الذين نقل عنهم أنهم في انتظار ما سيقوم به”، وفي حال لم يتمكّن من إقالة قرداحي، “فقد يلجأون إلى مطالبته بالاستقالة أَو سحب غطائهم عنه كرئيس للحكومة”، علماً أن لكل من هؤلاء حساباته، سواء تلك التي تتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة، أَو بالسعي للحصول على دعم سعوديّ أكبر، أَو حتى لمنافسة ميقاتي نفسه في معركة ترؤس أي حكومة جديدة، ويأخذ هؤلاء في الاعتبار تأثير هذه الأزمة في الشارع السني الذي يشهد ضغوطاً من حلفاء للقوات اللبنانية والمجتمع المدني ممن يتوقعون الفوز بغالبية المقاعد السنية في حال بقي الرئيس سعد الحريري على موقفه بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com