العدوان.. وسياسةُ الاستحمار
إكرام المحاقري
ما حدث مؤخّراً من خطوات استحماراتية لدول الخليج، مثّلت تصعيداً لإثبات وجود سياسيّ عاجز في المنطقة، وفي ذات الوقت فقد قدموا أنفسهم قوة إقليمية كرتونية تحت راية أمريكا وبدعم التنظيمات الإرهابية!! وعبر لعبة مفتعلة مستهدفة الحكومة والشعب اللبنانيين على وجه الخصوص، لتحقيق أهداف أمريكية وإسرائيلية!! فقد كانت هناك تصريحات كثيرة منها للقائم على “الأمم المتحدة” تحدث فيها عن عدوانية دول الخليج ودفاع الشعب اليمني، حتى مصطلح “الحرب العبثية” لم يكن لبنانياً في الأَسَاس، وإن تراجعت تلك التقارير عما رفُع فيها في حينه، لكن الحبر قد كان شاهداً على الموقف حتى وإن تغير بعد تسديد الثمن.
قامت الدنيا ولم تقد حين عبر وزير لبناني عن رأيه الشخصي، نعم فدول الخليج تتصرف كطفل مدلل لا يحتمل النقد حتى وإن كان رأياً غير مؤثر!! والطريقة هذه تشير للسياسة الأمريكية الصهيونية المتبّعة دوماً لتتمكّن من تحريك أحجار الشطرنج بانفعال لفرض الهيبة وخلق مكانة ما من العدم!!
في ليلة وضحاها تغيّرت مجريات الأحداث لصالح بلد صغير كلبنان، فيما وقعت السعوديّة وبعض دول الخليج كالعادة في مستنقع من التصرفات المرتبكة ليزداد موقفها ضعفاً، وكحال دخولهم في العدوان على اليمن الذي أَدَّى لسقوطهم إنسانياً وسياسيًّا، ولعل هذه الخطوات تتصاعد ليتورط النظام السعوديّ البائس في عدوان عسكري على لبنان لتنفيذ حلم إسرائيل بتوريط (حزب الله) في صراعات أُخرى، وبنفس الخطوات التي حدثت في اليمن، تبدأ بحرب سياسية ومن ثم عسكرية شاملة، فخطواتهم لا يفهمها إلا من فهم الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وكل هذه الخطوات هي مِن أجلِ التمدد الصهيوني في المنطقة وهي مغالطات سياسية في ذات الوقت.
يمكننا أن نتحدث بوضوح أكثر خَاصَّة وقد استخدمت المملكة ومن دار في فلكها جميع الأوراق في حربها على اليمن، فحين يتحدثون عن عدم وجود عدوان هنا يمكننا تجاهلهم والتركيز على المهم في الأمر وهو معركة تحرير محافظة (مأرب) والتي حاول العدوّ باستماتة حرف مسار التغطية الإعلامية والتي فتحت الملف اليمني بوجه الخصوص ليلاً ونهاراً إلى تلك الازمة المفتعلة عقب التصريحات الإنسانية للوزير اللبناني (جورج قرداحي).
كذلك محاوله تمييع الجرائم التي ارتكبتها قوى العدوان بحق الشعب اليمني أطفالاً ونساء وشيوخاً وبحق الإنسانية بشكل عام، وتقديم أنفسهم رقماً صعباً متناسين واقعهم الضئيل والواهن والمليء بالعار والجرائم والعمالة، حَيثُ أصبحوا يمثلون المشروع الصهيوني في المنطقة أكثر من الصهاينة أنفسهم!!
لكن مهما كانت مواقفهم مستكبرة ومتعالية فهم في النهاية ليسوا إلا أدوات تستخدمها القوى المستكبرة كواجهة لتنفيذ مخطّطاتها دون خسارة دولاراً واحداً من خزائنها، وكل هذه اللعبة لن تنطلي على الشعوب والأنظمة المقاومة، بل ستزيد من وعيهم تجاه القضية الأم وتجاه حريتهم ومقدساتهم ومستقبلهم.
ولمن ساءه أمر التحَرّكات السعوديّة من سحب سفيرها وقطع “معوناتها” وهو في رأس الحكومة اللبنانية وهو يحاول تقديم الاعتذار وتقزيم حجم الكرامة التي لا تقدر بثمن.. فعليه أن يتفكر في حالة الفارّ هادي ومراجعة جرائم السعوديّة ودول الخليج في لبنان قبل اليمن، فـالجرائم السياسية كثيرة ولا تحصى، وهل مهد السبيل لصهيون غير أنظمة الخليج وأموالها؟! وكل ما نتمناه أن تكون الرسالة قد وصلت، فسياسة الاستحمار قد توطنت في قلوب أنظمة الحكم الخليجية وغيرهم من العرب الأذلة الذين لم يكسبوا من وراء كُـلّ هذا شيئاً سوى الضياع والارتهان، والعاقبة للمتقين.