الشيطانُ الأكبر وقرنُه النجدي

 

وسام الكبسي

من يعود إلى نشأة الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة آل سعود سيجد التشابُهَ الكبيرَ الذي قد يصل إلى حدَّ التطابق في كُـلّ المراحل التاريخية لنشأة كِلا الكيانين من حَيثُ الإجرام الدموي الذي ارتكبوا وأنشأوا كياناتهم على أنهار من الدماء وما يزالون، فقد عَمِد يهود غرب أُورُوبا إلى تلك الأرض المُستَكشفة خلف المحيط من قِبل رحّالتهم وأبادوا سكانَها الأصليين من الهنود الحمر، حَيثُ تمّت التصفية العرقية لعشرات الملايين منهم على أيدي رعاة الأبقار بشتى وسائل القتل الممكنة لديهم حينها، منها الإعدامات الجماعية أَو بنشر الأوبئة والأمراض الفتاكة التي قضت على الكثير منهم، وقطاع واسع منهم تم شحنهم على سفن والتخلص منهم بإغراقهم في مياه المحيط الهادي، أما من يمتلكون أجساماً قوية -وهم القِلة- فقد تم بيعهم في أسواق الرقيق ليستفادَ منهم في تشغيل شركات يهودية خَاصَّة في مستعمراتهم المنتشرة في أفريقيا وغيرها.

كانت الخطوة الأولى في نشأة الشيطان الأكبر على هذا الشكل لتّخلّص من السُّكان الأصليين للبلاد المُستَكشفة (المستعمرة) بهكذا طريقة بشعة ودموية تتبعها خطوات بناء مداميك إمبراطورية الشيطان على ضِفاف أنهار من الدَّماء كقاعدة أَسَاسية في أبجديات التمدد الاستيطاني، تلتها خطوة لا تقل عن سابقاتها من حَيثُ الإجرام الدموي فقد شارك رأس المال المستَثمَر في مستوطنة أمريكا لإثارة الفتن الطائفية المسيحية والعِرقية في أُورُوبا، وعاشت شعوبها في ليل الإجرام الأمريكي الأشد سواداً في عمرها بعد أن تم اختراق المجتمع الأُورُوبي ثقافيًّا وفكرياً ليتم تطويعهم بعد التنكيل البشع بهم.

وعلى هذا المنوال اتخذ الشيطانُ الأكبر استراتيجياته في قهر الشعوب وإذلالها والهيمنة عليها، ليتقدم الإجرام الأمريكي خطوة إلى الأمام لإثارة الحروب البينية على مستوى القارات والشعوب والطوائف والأحزاب والانتماء العرقي، ساعدها في ذلك المكر اليهودي الخبيث وحقدهم على كُـلّ بَني البشر والمردود المالي الضخم المُستَثمر في الحروب بين شعوب العالم، حَيثُ لم يتوقف الأمر عند إبادة الهنود الحمر وإثارة الفتن باسم المسيحية في أُورُوبا بل تعدى ذلك تشكيل تكتلات عالمية وإشعال فتيل حروبٍ أكلت الأخضر واليابس واستخدامها للقنابل النووية والسلاح المحرَّم دوليًّا في نهاية الحرب العالمية الثانية، حَيثُ كان المكر اليهودي ينسج خيوطه الشيطانية في الوطن العربي وبالأخص الجزيرة العربية، حَيثُ مهبط الدين ومسرى النبي الخاتم.

نظر الشيطان ملياً وأعاد تفكيره مرّات في خطواته الإجرامية السابقة ونتائجها منذ تأسيس إمبراطوريته وبدأ بنسج خيوطه واتخذ قراره بعد دراسة المستشرقين للوضع العام في الجزيرة العربية والشام والعراق ليقوم برسم خططه وفق ما قام به في أُورُوبا لكن بنسخته الإسلامية الوهَّـابية المعروفة حَـاليًّا، حَيثُ تم اختيار أفضل من سيقوم بتنفيذ المهمة (من نجد) ليقوم بعملية تزاوج شكلية بين أسرتي آل سعود وابن عبدالوهَّـاب ليتقاسما سفك دماء المسلمين بالدين والسياسة، حينها بدأ الشيطانُ في إبراز قرنه المعلون ليعيث الفساد ويرتكب أبشع الجرائم وأفظعها شاهراً سيف الفتوى التكفيرية في خاصرة المقدسات الإسلامية.

واكب الشيطانُ بناءَ قرنه واهتم به أيما اهتمامٍ وأولاه رعايتَه الخَاصَّة لينطحَ به، ففيه وَجَدَ ضالتَه ليصلَ إلى أهدافه لاختراق المسلمين باسم الإسلام ومن ثَم ينقضُّ عليهم به، ووضع خططه لقرنه النجدي وتوجيهه بالشكل الذي سيخلّف المآسي والجراح حتى لا تندمل مع مرور الوقت، فوضع آل سعود السيف في رقاب المسلمين ببركة فتاوى ابن عبد الوهَّـاب وقتل عشرات الآلاف من أبناء القبائل العربية في إغاراته عليها في الحجاز والعراق، حَيثُ تذكر الأحداث التاريخية أن كُـلّ تمدد لآل سعود كانت نتيجته الآلاف من القتلى وهدم دُور العبادة وأضرحة الأولياء والصالحين ليقتل الإنسان مرتين-شخصه ومعتقده- وإعادة بناء الجزيرة العربية ديمغرافياً، بما يناسب ذوق الشيطان الأكبر وبنفس خطواته التي رسمها له واتقن في أدائها ليتوسع أكثر في إجرامه وقتله وإفساده لشن الحروب وتغذيتها في كُـلّ انحاء العالم الإسلامي وإرسال فرقه الانتحارية لقتل أكثر عدد ممكن من الأبرياء في مساجدهم وأسواقهم وُصُـولاً إلى قتل الحجاج في تنومة اليمن وغيرها مخلّفاً مآسٍ يندى لها جبين التاريخ الإسلامي وليس بآخرها التدمير الممنهج لسورية والعراق وتغذية الصراعات في كُـلّ شبرٍ في عالمنا الإسلامي والعربي والعدوان الكوني على شعب الحكمة والإيمان لسبع سنوات حشدت فيه كُـلّ أدواتها الأكثر إجرامية ودموية من (جيوش عالمية منظمَة ومدربة ومجهزة بأفضل التقنيات وأفتكها محشوة بقطيع الذبح والسلخ والتفجير من شركات أمنية عالمية تتقن فن القتل كبلاك ووتر وداعش وأخواتها) وبيع القضية الإسلامية (فلسطين) ولم تكن خطوات التطبيع مع الكيان الغاصب إلا جائزة له صنيع ما قام به في خدمة وجود دولة إسرائيل المزعومة وحمايتها.

ويسجل اليوم العقل الجمعي للبشرية جَمعاء أن كُـلّ إجرام وراءه الشيطان الأكبر وقرنه النجدي الملعون والأحداث ماثلة والشواهد حية وقائمة ووسائل الإعلام بشتى أنواعها طافحة ليلَ نهارَ بالإجرام الأمريكي والسعوديّ خدمةً للصهيونية العالمية، فلو لم يكن للشيطان الأكبر قرنٌ مبنيٌّ بالفكر الصهيوني الحاقد لم ولن يكونَ الكيان الإسرائيلي موجوداً إطلاقاً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com