العقلُ المتصحِّر والعقول المتحضِّرة

 

د. شعفل علي عمير

يعكس مدى تحضر الإنسان تاريخَه ومدى التراكم الحضاري الذي مر به والإرث الثقافي الذي تركه الأجداد، وعلى هذا الأَسَاس تتشكل لدى هذا الإنسان قيمة ويتطور بناءً عليه وعيه وتنمو في جوهرة جوانب إنسانيته.

دائماً ما نلاحظ بصمات البيئات الصحراوية ذات المنظر المكفهر في تصرفات البشر في واقعنا وأكثر الشواهد هي تلك التي تجسدت في سلوك عربان الخليج وتعاملهم مع جيرانهم وخَاصَّة السعوديّة والإمارات اللتين عكستا العقلية المتصحرة في تعاملها مع اليمن وسوريا والعراق ولبنان وكذلك عداوتها غير المبرّرة لإيران بقدر مَـا هِي تنفيذ لتوجيهات “إسرائيل” وأوامر أمريكا وبنظرة بسيطة للعقلية في المجتمعات التي عادتها (السعوديّة والإمارات) تجدُ أنها مجتمعات ذات حضارات ضاربة في التاريخ، لها عمق تاريخي وإرث ثقافي انعكس إيجاباً على تعاملهم وتعايشهم مع الغير بعكس تلك العقليات التي تشبعت بقساوة الصحراء الخالية تماماً من مظاهر الحياة المتحضرة تلك البيئات التي أفرزت خصائصها ومظاهرها وقسوتها في الكيان المادي والروحي لمن احتضنته من الأعراب فامتلكوا عقولاً خاوية وقلوباً قاسية فأصبحوا أشد كفراً ونفاقاً.

ومن يتأمل في البيئات التي انحدر بعض العربان منها تجد أنها بيئات متشابهة إلى حَــدٍّ كبيرٍ القاسمُ المشتركُ بينها هي القسوةُ وضيقُ الأفق وحتى الجانب الفيزيائي يتكلم في هذا التفسير ليقول: إن الأُفُقَ والمدى الذي يمكن أن تراه وأنت في بيئة متصحرة محدوداً وقريباً مقارنة بالبيئات الأُخرى.

إنه الإرث الثقافي هو التاريخ هو التراكم الحضاري الذي يشكل السلوك السوي الواعي ليست تلك الحضارة الكرتونية ولا تلك النوادي المجونية هي من تشكل أَو تخلق حضارة بقدر ما هي نتاج وإفرازات لتلك البيئات المتصحرة والعقول الخاوية من كُـلّ ما له صلة بالإنسانية في جانب التعايش الحضاري والتعامل الراقي بين البشر.

إنهم بعقلياتهم يحتاجون إلى آلاف السنين ليصلوا إلى مستوى الوعي والروح الإنسانية التي يمتلكها أي فرد من تلك الدول التي تآمروا على تدميرها بإرهابهم، إنها فجوة الحضارة والتاريخ فلا تلوموهم وإنما علموهم معنى أن يكون الإنسان إنساني فإن تعلموا كان بها وإلا فَـإنَّهم معاقون عقلياً ومنحرفون فكرياً عندئذ يحتاجون إلى ترويض من نوع آخر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com