ثقافة الجهاد والاستشهاد
محمد موسى المعافى
لقد أراد اللهُ سبحانَه لهذه الأُمَّــة أن تكونَ عزيزةً قويةً رفيعةً غيرَ ذليلة ولا مهانة ولا مستضعَفة، فحدّد لنا مَن هم أعداؤنا وكشف لنا نفسياتِهم ومشاعرَهم تجاهنا وأهدافهم وقدم لنا من الهُدى ما يكفينا في مجال مواجهتنا لهؤلاء الأعداء.
لكن عندما ابتعدت الأُمَّــةُ عن الهدى ورأت أنها غيرُ محتاجة إليه وأنها يجبُ أن تسلُكَ طريقاً وصفتها بطريقِ السلام وتحقيق السلام، كان وراء ذلك معاناة الأُمَّــة وذلها وهوانها واستضعافها ونهب خيراتها والتحكم بمواردها بل واختيار من يحكم شعوبها من قبل أعدائها.
ووصل الحال بالأمة ألا ينقضي يومٌ من أيامها إلا وتسمع خبر سقوط عدد من أبنائها بين شهداء وجرحى في عدد من البلدان، كانوا يتساقطون بالعشرات لا في حالة مواجهة وحرب وإنما في حالة استضعاف وذل وهوان، لازلت اذكر تلك المشاهد لذلك الطفل الفلسطيني (محمد الدرة) حين قُتل والده أمام عينيه وقتل هو بعده أمام أعين شعوب أمتنا العربية والإسلامية.
لازلت أذكر تلك المرأة العراقية التي نهش الكلب الأمريكي يدها وسط أجواء من السخرية من قبل الجنود الأمريكيين وكان كُـلّ ذلك أمام مرأى ومسمع العالم العربي والإسلامي، وَوسط هذه الأجواء المعتمة المليئة بالذلة والهوان وَفي ذلك الوقت الذي لم يكن يقدر فيه أحد أن يقف في وجه الطاغوت والاستكبار، شع نور الإسلام الصحيح مجدّدًا على يد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- ليبدد ظلمات الجهل وَيجتث ثقافة الذلة والهوان، ويعلن العداء والكراهية للشيطان الأكبر فرعون العصر أمريكا الدنيئة، قدم للناس ثقافة القرآن التي تملأ صدر الإنسان بالإيمان، وتربطه بالملك الديان، وتجعله شامخاً عزيزاً لا يستعبد ولا يهان.
فبثقافة القرآن الشهيد القائد جعل من أمريكا في أعين أتباعه قشةً كما جعل من بيتها الأبيض أوهن من بيت العنكبوت.
بثقافة القرآن أيقظ الشهيد القائد الناس من حالة السبات، وأحيا نفوسَهم من الموات، ودعاهم للتحرّر من العبودية للطغاة.
لم يأتِ رضوان الله عليه بجديد وإنما جاء ليزيل عن الناس غشاوة الجديد، قدم للأُمَّـة ثقافة الجهاد ودعاهم من خلالها إلى مواجهة الجلاد، وبهذه الثقافة عاد للأُمَّـة التي تمسكت بها عزتها وكرامتها وعنفوانها وغلبتها ورفعتها وعلوها.
ثقافة الجهاد والاستشهاد.. ثقافة تحرّرنا بها من الوصاية، وتوفر لنا بها من العز ما فيه الكفاية، وأصبحنا بها رقماً صعباً، منا يطلب جيراننا من أوليائهم الحماية.
ثقافة الجهاد والاستشهاد ثقافة تحرّرنا بها من الجمود والركود، وبها بدأنا بالصنع من آخر ما توصل إليه العالم من الباليستي والسكود، وارتبطنا من خلالها بخالقنا القوي القاهر العزيز المعبود.
ثقافة الجهاد والاستشهاد جعلت منا أُمَّـة تحظى برعاية الله وعونه وتأييده وكيف لا يكون كذلك وفينا من يبذل روحه ودمه في سبيل الله وهو يتمتم بكل حياء وخجل في آخر لحظات حياته ويقول (اللهم تقبل مني هذا القليل).
وكيف لا يكون كذلك وفينا من يجرح جرح شهادة وعندما يقبل إخوانه لإسعافه يقول لهم (لا تسعفوني ولكن اسعفوا الإسلام).