مغايرة الفضيلة حكمة مستمرة

 

زياد السالمي

يقول نيتشه: لعل الحكمة لا تظهر على الأرض إلا على هيئة غراب يهيجه عفن جيفة مكتوم، وفي قوله تساؤل حول كيفية تعاطي الناس مع الواقع السوي بالنكران والاستلاب وعدم الإقرار به وإنما لا نستطيع إيجاد حقيقة وجودنا إلا عبر النبش السلبي للأشياء واتخاذ مغايرة الفضيلة سبيلاً ووسيلة ناجعة في إدراك أو إحياء الجانب السوي عبر الرذيلة تلك وعبر الخطأ.

لعل الحقيقة النيتشاوية تلك صالحة لكل زمان ومكان بعد قرون مضت كفكرة ملموسة في وقتنا الحاضر فبدلاً عن البحث والمحاولة في الأشياء والأدوات والحالات وكل ما له صلة بالإنسان نجد أن المعني بمثل ذلك منشغلٌ دائما بالأطار الدوني المنحسر في ذاته الجوفاء كمستلب وهو بالحقيقة عدمي يرسخ لعدمية متوالية كما نجدها فيمن يسمون أنفسهم نخبة المجتمع، فهم يدركون حقيقتهم العدمية فيمارسون القطيعة الإنسانية دون استدراك أو تدارك ودون إنصاف أو تماثل والحكمة في إثبات غراب القطيعة لا يكون إلا بمغايرة الفضيلة والخطأ الذي يؤكد أن الفكرة لم تعد مسؤولية وأن القضايا الإنسانية لم تعد معنية وملزمة للمثقف النوعي والوظيفي بقدر ملامسة الجانب النفسي أو بغرض التواثب البهيمي كأحد القطيع على الوجود الإنساني للآخر وقد يكون السبب موقفاً وقناعة مسبقة بنت حاجزاً وشغلت المعني أمامها فأعفى نفسه من تكليفه الأخلاقي كعناية أمام مقابله الوافر الثري بالتكامل السلوكي والفكري الإنساني والغيبي لندرك مقدار الزيف في الانتفاخ الأنائي النرجسي البغيض، فعندما يغفل ما كان اللازم عليه من دور تجاه قضية أو مسألة معينة يقف متربصاً أو متهيأ كوحش أمام وداعة فعلك الطفولي البريء الحر ولحظتها يثبت كم أن القطيع لا يختلفون كعواهن منهزمة الذات تداوي ذاتها المفرغة من الحياة باستمرارها بعصاوة الشفاء من مرضها المزمن أنا وما سواي الطوفان. هنا ندرك كم أن مغايرة الفضيلة سبباً كاف وحكمة سوية بإظهار المعدن وإزالة الطلاء اللماع من عليه ليبدو ذاحلاً كالحاً صدئاً يبعث الندم ويستحق منا إزالة ما شابه ونفض الغبار عنه لإعادته إليه ومن ثم إدخاله في الوجود الإنساني التكاملي، وكفى بالأخطاء طريقاً للاستقامة والمغايرة لإدراك التمثل ومن ثم التموضع الإنساني بعد إزالة التمظهر الخارجي القميء .

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com