سُقوط العملة المزيَّفة انعكاس لسقوط المُحتل وأدواته
وليد أحمد الحدي*
خِلال الأشهُر الماضية اتّخذت حكومة المُرتزِقة الواقعة تحت نيْر الاحتلال السعوديّ الإماراتي بعض الإجراءات التّرقيعية التي حاولت من خلالها أن تُبطِّئ من عملية انهيار العُملة المزيَّفة، بيْدَ أن هذه الإجراءات كانت أشْبه بمُسكِّنات تُحقن لمريض سرطان يُرجى شفاؤه بعد أن تمكَن المرض من الانتشار في كامل جسدِه .
ومن المُفارقات العجيبة أن أغنى دولتين نفطيّتين في العالم هما من تديران المشهد السياسي والاجتماعي في المناطق المُحتلة، في وقت يعيش فيه أغلب المواطنين هناك على وجبة واحدة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وفي وقت تزدهر فيه تجارة الكثير من تُجّار الحُروب داخل البلاد وخارجها .
الإجراءات التي اتخذت للحَد من انهيار العملة خلال الأشهر السابقة مثل ربط شركات الصرافة بشبكة البنك المركزي في عدن ومنع التحويل بالعملة الصعبة، وكذلك القرارات الجديدة التي صدرت مؤخراً بتعيين إدارة جديدة للبنك لمْ ولنْ تُجدي نفعاً لسبب بسيط، وهو أن المصادر الإيرادية الأساسية المتمثِّلة ببيْع النفط الخام والغاز والتي تستند عليها العُملة يتم وضعها خارج القطاع المصرفي، حيث يتم إيداع تلك الإيرادات في حسابات خاصة يَستحوذ عليها اللصوص والنافذون خارج البلاد، ولا علاقة لها بدعم الاقتصاد أو العُملة، وبالتالي تَلجأ حكومة المُرتزِقة لتغطية نفقاتها إلى طباعة مزيد من عملة تَتسبَّب في تآكلها, حيث تجاوز سعر الدولار الواحد أكثر من 1700 ريال من العُملة المزيفة قبل تغيير الإدارة الأخيرة.
ومن الغريب أيضاً أن يعيش بعض المواطنين على مُرتب بالعملة المحلية لا يتجاوز ما يعادل ١٥٠ ريالاً سعوديًّا في وقت تصل فيه مرتّبات مُحافظ البنك في عدن ونائبه ووكلائه إلى أكثر من ٣٠ ألف دولار شهرياً وبالعُملة الصعبة، وبالمثل أعضاء السلك الدبلوماسي من سُفراء وملحقيات، وكذلك الوزراء والوكلاء، ثم يتساءَل البعض عن سَبَب استمرار انهيار العُملة!
مع العلم أن ما طَرَأ من تحسُّن طفيف على أسعار الصرف بعد إقالة الإدارة السابقة وتعيين إدارة جديدة في بنك عدن يُعتبر وهماً، ولا يستند إلى أي مُعطيات، ويأتي في إطار امتصاص رَدَّة الفعل الشَّعبية الغاضبة جرّاء ذلك التَّدهْور لا أكثر، وبالتّالي عودة الانهيار مسألة وقت طالما ومصالح اللصوص والنافذين الذين يستلمون مخصّصاتهم بالعملة الصعبة لن تتأثَّر بِسبَب انهيار العملة أو ارتفاع الأسعار، وطالما وإيرادات البلاد تُنْهب وتُكدَّس خارج المَنظومة الاقتصادية التي يُديرُها أمثال هؤلاء في مناطق تتجاذبها قوى الاحتلال مُستغلةً ما استطاعت من نَهْب للثَّروات، ومن ورائِهم دُول كُبرى لا تُريد لليمن وشعبِهِ خيراً، فمَهما اتُّخِذت من إجراءات لن تفيد، وسَيستَمر ذلك الانهيار, وسَتزداد أوضاع المواطنين سوءاً في تلك المناطق، وذلك يتطلَّب من الجَميع الوقوف صفاً واحداً للحَدْ من ذلك عن طريق طرْد الاحتلال الغاشم وأدواتِهِ من المُرتزِقة بجميع الوسائل، وهنا أشُد على أيادي الشُّرفاء الذين خرجوا في المناطق المحتلَّة للمطالبة برَحيل الفاسدين وطرد التحالف وأدواته وأن يستمروا بمطالبهم، ولا ينخدعون بتلك الإجراءات الشكلية التي لا تُسْمن ولا تُغني من جوع؛ فالسَّفينة اليوم تغْرق في المناطق المحتلَّة, والصّامتون لن يكونوا استثناء من تلْك الكارثة والأيام بيننا .
*رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي