رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية لتكرير وتعليب الملح، يونس السوسوة، في حوار لصحيفة المسيرة: لن نتهاون مع أي فاسد كانت له يد في ضياع الحقوق وإهدار المال العام
القيادة عازمة على معاقبة كُـلّ من تسبب في إهدار ونهب أموال الشركة
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي
كشف رئيسُ مجلس إدارة الشركة اليمينية لتكرير وتعليب الملح، يونس السوسوة، عن مِلفات الفساد التي خيَّمت على الشركة طيلة العقود الماضية، وتسببت في ضياع أموال المساهمين والمشاركين في تأسيس الشركة.
وأكّـد السوسوة في حوار خاص لصحيفة المسيرة أن الإهدار للمال العام ونهب أموال المساهمين يقف خلفَه مجموعةٌ من الأشخاص الذي تناوبوا على نهب أموال الشركة حتى وصولوا بها إلى مرحلةِ الهلاك.
وأشَارَ إلى أسبابِ تدهور الشركة، وخلفيات تعرُّضها للنهب والتدمير الممنهج، مستعرضاً جُملةً من القضايا ذات الصلة.
إلى نص الحوار:
– بدايةً أُستاذ يونس كيف تقيِّم بشكل عام وضع الشركة اليمنية للملح اليوم على ضوء تقرير الجمعية العمومية الأخير؟
الشركةُ تُعتبَرُ في حالة موت سريري وتحتاجُ إلى إنعاشٍ من جديدٍ وبناءٍ من مرحلة الصفر من جديد وبعقلية وبتفكير القطاع الخاص المسؤول.
– هل فعلاً كما جاء في التقرير أن خطوط إنتاج المصنع لم تكن مناسبة منذ بداية إدخَالها وأنها ترفع في كلفة الإنتاج فضلاً عن أنها أصبحت متهالكة؟
لقد تم تأسيسُ خط التعبئة والتغليف للمصنع على عبوات بلاستيكية ربع ونصف كيلو ولم يكن يتناسب هذا مع متطلبات واحتياجات السوق في الكميات المتنوعة المطلوبة، هذا أولاً.
وثانياً: كانت تكاليف إنتاج العبوات ضعف تكلفة الملح نفسه؛ وكون السوق تم فتحُه للمنافسة في الإنتاج والتسويق للقطاع الخاص الذي خنق الشركة؛ بسَببِ راديكالية التفكير في زاوية التنافسية ودخول المنافسين الذي كان لعامل الكلفة لديهم اهتمام وَاضطرت الشركة إلى خوض المنافسة بتغيير آليه التعبئة والتغليف من عبوات بلاستيكية إلى أكياس تعبئة أقل كلفة وأكثر تنوعاً في الاحجام والكميات حسب طلب واحتياج السوق، ولكن لا زالت آليةُ الطريقة هذه تحتاجُ إلى تطويرٍ؛ كونها ما زالت بدائيةً.
– برأيكم لماذا وصل المصنع إلى هذا المستوى؟
انعدام آلية الرقابة والمحاسبة وتقصير الجهات الرقابية والمحاسبية في المتابعة؛ بسَببِ الاختلالات الموجودة في تنظيم آلية تفعيل تلك الجهات في حضورها المطلوب ومعالجة الاختلالات التي تتسبب بحدوث الفساد المالي والإداري.
– ما علاقة الإدارات المتعاقبة بتدهور حال المصنع؟
تقعُ عليها المسؤوليةُ الكاملةُ، لكن اختلالات القوانين واللوائح التنظيمية من أهم الأسباب المؤدية إلى ذلك التدهور.
– ما علاقة مدخلات الإنتاج وتجهيز المصنع وبنيته بوضعه الحالي؟ هل كان هناك إهمال لتلك المدخلات؟
المصنع يعتبر الوحيد في الجمهورية الذي يقوم بعملية تكرير وغسل وتنقية الملح من كُـلّ الشوائب والترسبات والمعادن المترافقة مع الملح، لكن للأسف لم يتم استغلال هذه الميزة النسبية والهامة في تحقيق التنافسية في السوق المحلي والخارجي؛ كون الملح الموجود في السوق عبارةً عن ملح مطحون مع كافة الترسبات والشوائب العالقة مع الملح.
– يقال إن مبنى المصنع تم صيانته وترميمه بعشرات الملايين.. هل كانت مجديةً هذه الأعمال؟ أم أن المصنع بالأَسَاس متهالك البنية؟
لم تكن مُجدية ولم تكتمل وتسبب ذلك بإهدار للمال بدون أية نتيجة؛ كون مبنى خط الإنتاج متهالكاً ويحتاجُ إلى نقل خط الإنتاج إلى مكان جديد والقيام بإعادة صيانة وتطوير خط الإنتاج من جديد، ولكن للأسف كُـلّ ما كان يتم يندرجُ في إطار اللامسوؤلية والعشوائية.
– هل يمكن القول إن المصنع وصل إلى نهايته لمصنع متهالك؟
عمرُه الافتراضي انتهى والإهلاك للمبنى والخط بات ضعف المدة الزمنية المحدّدة.
– ألا تلاحظون تشابهَ أوضاع الاستثمار في الملح مع شركة الصليف لاستخراج الملح بمنطقة الصليف بنية متدهورة وعمالة مسرحة… إلخ؟
لأن العقليةَ والتفكيرَ التي كانت تدير تلك المؤسّسات هي ذات الرؤية التي جُلُّ هَمِّها مصالحُها الشخصية.
– في ظل التدهور المُستمرّ للشركة أين كان أصحاب الأسهم؟
موجودون وبالنسبة للمواطنين مغلوبٌ على أمرهم والمسؤول الأول عن حقوقهم وزارة الصناعة والتجارة في الحماية والحفظ والرقابة على أسهمهم ولا يعني بوجود ممثل للقطاع الخاص في مجلس الإدارة، أَيْـضاً ممثلي كبار المساهمين مسؤولون عن تقصيرهم في موافاتهم بتقاريرَ حقيقية عن وضع الشركة.
– في آخر اجتماع بوزارة الصناعة أحيل كُـلُّ مَن تسبب بإهدار رأس مال الشركة للنيابة؟ مُن أُولئك المتسببون؟
ننتظر الجهازَ المركزي للرقابة والمحاسبة لإنهاء تقريره.
– هل هي جهاتٌ معنية مقصودة بهذا؟
ليست جهات إنما الأشخاص المكلفون والمسؤولون ومَن لهم علاقة بذلك.
– هل فعلاً أهدرت أموال الشركة؟
نعم.. كاملة.
– كيف؟
بالفساد المالي والإداري وغياب الضمير وانعدام المسؤولية.
– كم رأس مال شركة الملح الفعلي الذي ضاع؟
كان بداية التأسيس خمسين مليون ريال، تم استهلاكُه في مرحلة التأسيس لتمر الشركة منذ التأسيس بمرحلة الديون والقروض وتراكم الخسائر؛ بسَببِ الفوائد التراكمية للقروض.
– كيف أهدر هذا المال؟
تم استهلاكُه كنفقة تشغيلية لمرحلة التأسيس التي استمرت أكثر من ست سنوات.
– يقال إنه تم استبدالُ مطاحن المصنع بمطاحنَ بدائية وإن إهمال معايير ومواصفات الجودة أوصل المنتجات إلى وضع سيْء والتي كان آخرها رفض منظمة الأغذية العالمية لمنتجات الشركة وتغريمها مبالغَ مالية؛ بسَببِ ذلك.. ما صحة ذلك؟
للأسف، تم ذلك أثناء توقف خط الإنتاج، وقد تم إيقافُ هذه الآلية التي ستفقدُ سُمعة وميزة الشركة الوحيدة في التنافسية.
– اليوم مع إدارتك الشركة.. هل مباني الشركة، الأجهزة… إلخ ما تزال مؤهلةً لاستمرار العمل؟
مبنى خط الإنتاج غيرُ مؤهل، وتم إيجاد بدائلَ لهذا المبنى المتهالك.
– ما الجديد الذي تم إدخَالُه اليوم لتلافي انهيار هذه الشركة؟
تم إعداد خطة متكاملة من إعادة صيانة خط الإنتاج ونقله وتطويره إلى خطَّي إنتاج جديدَين يواكبان طلبَ واحتياج السوق والميزة والتنافسية والتكلفة الإنتاجية.
– كيف تتعاملون مع هذا الوضع؟
حضورنا أتى على وعود تلقيناها بالحصول على الدعم اللازم لإعادة تشغيل الشركة والنهوض بها من جديد والذي قدمنا على أَسَاسه خطة لإعادة النهوض بالشركة من جديد بميزانية في الحد الأدنى، ونأمل الإيفاء بالوعود التي تلقيناها.
– ما الذي يحتاج إليه وقوفُ شركة الملح على قدمَيها من جديد؟
تمويل الموازنة المرفوعة والتي تمت الموافقة عليها من كبار المساهمين.
– ماذا يعني تمديد عمر الشركة ٢٥ عاماً على أي أَسَاس استُند إليه؟
تجديد السجل التجاري والصناعي والنظام التأسيسي للشركة.
– زيارة وزير الصناعة والتجارة للشركة قبل أَيَّـام قلائل.. لماذا؟ وما الذي أضافته هذه الزيارة أُستاذ يونس؟
جاءت تنفيذاً لتوجيهات رئيس المجلس السياسي ورئيس الوزراء بالنزول للجهات والوزارات وتفقد أوضاعها، وكانت الزيارة مثمرة وحقّقت اجتماعاً استثنائياً تم بموجبه استعراضَ الخطة والموازنة وتم إقرارها والموافقة عليها.
– كلمة أخيرة لكم؟
أتمنى أن تواصلَ “المسيرةُ” اهتمامَها بالعمل والنزول الميداني وعمل استطلاعات وتقارير عن كافة المؤسّسات والشركات العامة والمختلطة والذي لها من الأهميّة أقل شيء الحد من أي تدهور وتسليط الضوء للقيادة عن الوضع الحقيقي للشركات والمؤسّسات.