مؤتمر ناطق العدوان.. مسرحية سخيفة ولسان كاذب لتبرير الإجرام في اليمن
استهداف المدنيين يعكس مدى استهانة تحالف العدوان بقواعد القانون الدولي
المسيرة: محمد ناصر حتروش
حظي المؤتمرُ الصحفيُّ لناطق تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا بانتقاداتٍ وسُخريةٍ واسعة لما احتوى من مغالطات واضحة ومقاطع مفبركة تثبت مدى الفشل الذريع الذي وصل إليه التحالفُ وإخفاقه في هزيمة اليمنيين للعام السابع على التوالي.
وفضّل حزبُ الله اللبناني عدمَ الرد على هذا الأدلة التي ساقها ناطقُ العدوان، مؤكّـداً أنها أمورٌ تافهة وسخيفة لا تستحق التعليق أَو الرد عليها.
ومنذ اليوم الأول للعدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا، ظل يسوّق الكثير من التهم والادِّعاءات الكاذبة، لتبرير هجماته المتوحشة والإجرامية بحق المدنيين في اليمن، من بينها أن هذا التحالف جاء للقضاء على التمدد الإيراني في اليمن، وغيرها من المبرّرات الواهية، لكن وبعد مرور 7 سنوات من العدوان الغاشم، ظهر ناطق التحالف ليدَّعيَ وجودَ خُبراءَ من حزب الله اللبناني يشاركون في مواجهة تحالف العدوان على اليمن ويقفون إلى صف الجيش واللجان الشعبيّة.
المقاطعُ المفبركةُ ساقها ناطقُ التحالف بلسان كاذب، وبمعلومات تضليلية، ومشاهد لا تمُتُّ للحقيقة بأية صلة، ولهذا يقول وزير الإعلام ضيف الله الشامي: إن العدوان تفاجأ بالأهداف التي تقصف في العمق السعوديّ، وأن السعوديّة باتت لا تمتلك أية مواقف لتبرير عدوانها على اليمن.
وأكّـد الوزير الشامي في تصريح سابق لقناة الميادين، أن الدم اليمني الذي يسفك هو أسمى من كُـلّ الأمراء والمماليك، وتحالف العدوان يقصف الأطفال والنساء في اليمن وبشكل صريح، مُشيراً إلى أن العدوان يتحدث عن وجود خبراء إيرانيين ومن حزب الله ولا يقدم أية أدله، لافتاً إلى أن قصف مطار صنعاء هو لقطع الطريق على الضغط العالمي لإعادة فتحه، متهماً الولايات المتحدة الأمريكية بمساندة دول العدوان في الحرب على اليمن لتمرير أجندتها عبره.
ضحايا مدنيون بضوء أممي
ويرى الناشط والكاتب السياسي وجدي الصراري، أن الاتّهام الذي جاء على لسان المالكي بشأن وجود الإيراني واللبناني لحزب الله يمثل شكلاً من أشكال رفض الحقيقة ومحاولة التقليل من إمْكَانيات وقدرات المقاتل اليمني.
ويعتقد الصراري في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن المؤتمر يعكس الذهول الذي أصابهم؛ بسَببِ تطور القدرات العسكرية وَالدفاعات الجوية والأسلحة الهجومية التي ظهرت بالتدريج منذ بداية العدوان، وأن التطور التدريجي للقدرات العسكرية ينفي منطقياً الافتراءات التي يدّعيها تحالف العدوان، فالدعم العسكري كما يحاولون تصويرَه سيفضي لنتائجَ عسكرية مباشرة في الميدان، لكن هذا لم يحدث؛ لأَنَّ تطور القدرات العسكرية ظهر تدريجيًّا؛ بسَببِ تراكم الضرورات للحصول على ما يردع هذا العدوان بما يعادل كفة المواجهة العسكرية.
وعن حديثِ ناطق تحالف العدوان حول إسقاط الحصانة عن المدنيين يقول الصراري: “أما عن التهديد بإسقاط الحصانة عن المواقع المدنية فهو لا يظهر الالتزام بالقوانين الدولية؛ كون دول العدوان تسفك دماء الأبرياء، وتستهدف المدنيين منذ الوهلة الأولى للحرب على اليمن، وفي الوقت ذاته يظهرون أنفسهم بأنهم يلتزمون بحقوق الإنسان والقوانين الدولية، بينما الواقع يثبت أن الضحايا من المدنيين هم جل مكاسبهم من الحرب نفسها”.
ويؤكّـد الصراري أن العالم على معرفة تامة حول جرائم طيران العدوان بحق المدنيين، لكن المجتمع الدولي وَمنذ بدء العدوان لا يبالي بالضحايا المدنيين، وكأنه رفع الحصانة عنهم منذ سبعة أعوام وليس اليوم، لافتاً إلى أن رفع الحصانة الزائفة عن المدنيين لن يغيِّرَ حقيقةَ رغبة دول العدوان وطيرانها باستهدافهم، وهذا هو المتوقَّعُ منذ البداية، فلا جديد في هذه التصريحات سوى محاولة تجميل الوجه القبيح للعدوان وكأنه لم يستهدف المدنيين من قبل.
ويعتبر الصراري تهديدات تحالف العدوان حول رفع الحصانة بالكاذب؛ كونه لا حصانة على المدنيين منذ بدء العدوان على اليمن، واصفاً تلك التهديدات بالرخيصة التي تريد الحصول على تنازلات ميدانية وسياسية.
خدمة للكيان الصهيوني
بدوره، يؤكّـد أُستاذ القانون الدولي، الدكتور حبيب الرميمة، أن اللقاء الذي عقده المالكي يثبت في حقيقة الأمر إلى أي مدى وصل فيه تحالف العدوان من التخبط والفشل والاهتزاز، وأن ذلك أتى بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل الشعب اليمني الصابر والصامد والمتمسك بقضيته الرئيسية والدفاع عن أرضه وعرضه في وجه هذا العدوان الهمجي الدولي الذي تشنه أمريكا وبريطانيا من خلال أدواتهما في المنطقة آل سعود وَعيال زايد على مدى سبع سنوات من التدمير والقتل والحصار.
ويقول الرميمة: إن مؤتمر المالكي هو محاولةُ إدخَال حزب الله في لبنان على خط المواجهة، والذي يأتي نتيجة التخادُمِ الواقعي على الأرض بين الكيان الصهيوني وبعضِ ممالك التطبيع في الخليج العربي، في ظل الاستهداف الممنهج للبنان بشكل عام والمقاومة الإسلامية فيه بشكل خاص.
ويبيِّنُ الرميمة أن الاستهدافَ الممنهجَ بدأ مبكراً منذ هزيمة الكيان الصهيوني في ٢٠٠٦، والذي على إثره تحطَّمَ مشروعُ الشرق الأوسط الكبير التي كانت قد أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، في مطلع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان.
ويقول: “لم ينجح المشروع الصهيوني وأدواته في المنطقة من ثني حزب الله على تغيير مساره الجهادي من ناحية، أَو الزج به في حرب أهلية من ناحية أُخرى، وَلذلك فَـإنَّ المخطّط الحالي هو ممارسة أقصى الضغوط السياسية على الحزب مع قرب الانتخابات اللبنانية للحيلولة دون حصول محور المقاومة في لبنان على الأكثرية النيابية على أقل تقدير تكرار سيناريو الانتخابات العراقية الأخيرة”.
ويتابع “لذلك المشاهد الهزلية والمثيرة للسخرية التي عرضها ناطقُ تحالف العدوان من وجود دور لحزب الله -وهو شرف لا ندّعيه وقد تم نفيُه أكثرَ من مرة على لسان الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله- ومحاولة ربط “هذا الدور” بما يحقّقه شعبنا اليمني من انتصارات يأتي بالأَسَاس -حسب اعتقادنا وكما أشرنا سابقًا- في سياق التخادم بين مملكة آل سعود والكيان الصهيوني؛ بهَدفِ الضغط الشعبي على حزب الله ومحور المقاومة داخل لبنان في هذه المرحلة، خُصُوصاً وقد نجح هذا التحالف على مدى السنوات الماضية في زعزعة الجانب الاقتصادي، وأصبح لبنان الشقيق يتعرض لعدوان يهدّد أمنه وحالة السلم الاجتماعي والاقتصادي فيه، وهو عدوان لا يقلُّ خطورة عن العدوان الذي يشن على اليمن وسوريا.
وفيما يخص ما ادَّعاه ناطق تحالف العدوان من تبريره لما يقوم به تحالف العدوان من استهداف للمدنيين والأعيان المدنية بوجود ورش تصنيع داخل الأحياء السكنية، ومن ثم ادعاؤه بأنه سيسقط الحصانة عن تلك الأعيان، يؤكّـد الرميمة أن هذا الادِّعاء يتنافى مع الطبيعة الجغرافية المتنوعة التي تتمتع بها اليمن، ومساحتها التي تزيد عن خمسمِئة وخمسة وخمسين ألف كيلو متر مربع.
ويضيف “اليمن ليست البحرين أَو مجموعة من الجزر المتناثرة على ضفاف الخليج، ومن هذا المنطلق نرى أنه لا حاجة للقوات المسلحة من استخدام المطارات لإطلاق الطائرات المسيَّرة صغيرة الحجم، أَو تصنيعها داخل الورش الخَاصَّة بالمواطنين، أَو في مخازن القمح والدقيق، أَو المخابز المعدة لإغاثة النازحين، أَو بالجسور العامة كما حصل في الجرائم التي ارتكبها خلال الأسابيع الماضية.
ويجزمُ الرميمة أن الاستهدافَ المتعمَّدَ للمدنيين والأعيان المدنية يأتي في سياق ممارسة تحالف العدوان لإرهاب من نوع آخر وهو ما يسمى بإرهاب الدولة من خلال الاستهداف المتعمد للمدنيين وهو لا يقل عن الإرهاب بالمفخخات والأحزمة الناسفة التي تستخدمها المجموعات الإرهابية، لافتاً إلى أن استهداف المدنيين يعكس مدى استهانة تحالف العدوان بقواعد القانون الدولي بشكل عام والقانون الدولي الإنساني بشكل خاص، والذي وصل إلى أن يعطيَ تحالُفُ العدوان لنفسه الحَقَّ بإسقاط الحصانة عن الأعيان المدنية تحت ذريعة مواجهة التهديد!!.
ويصفُ الرميمة استهدافَ المدنيين بالسابقة الخطيرة في القانون الدولي الإنساني، ونسف لكل المواثيق والاتّفاقيات الدولية والقواعد العُرفية الدولية التي حدّدت واجباتِ الدول في وقت الحرب بعدمِ المساس بالمدنيين والأعيان المدنية بشكل متعمد.