الشهادة في فكر قائد المسيرة القرآنية الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي
طل: الشهيد القائد صحَّح المفاهيمَ المغلوطة عن الموت وقدَّم الشهادةَ كبوابة للحياة الأبدية والسعيدة
العامري: الشهيدُ القائدُ اعتبر الشهادةَ في سبيل الله أعلى وأرقى مراتب استثمار الموت
الصيادي: الشهيد القائد استطاع بفضل الثقافة القرآنية إخراجَنا من حالة البخل والخوف إلى حالة التضحية والإنفاق والعطاء
المسيرة| عباس القاعدي
أصبحت ثقافةُ الجهاد والاستشهاد هي السائدةَ في أوساط الشعب اليمني الكرماء والشرفاء والأحرار والمؤمنين الذين يبذلون أموالَهم وأنفسهم وأولادهم في سبيل الله والوطن، مستجيبين لله سبحانه وتعالى الذي حث في القرآن على الإنفاق والجهاد في مواجهة الطواغيت والمجرمين، وقابل عطاءهم الجهادي بعطاء الشهادة في سبيله، والحياة الأبدية في كنف الله والخلود في جنته.
إن الشهادة بمفهومها القرآني كاملة وَمنطلقة من معطيات المسمى الإلهي وَمستوفية لشروطها، وَهي أبلغ المسميات التي لا يمكن مقارنتها بأي منهج إنساني مهما كانت الفضيلة تحكمه، ناهيك عن أنها أحاطت بمعاني الشهادة بمفهومها الإنساني والوطني والتي لا تتعارَض أبداً مع المفهوم الإيماني الذي أحاط بكُلِّ أصول الفضيلة التي نتغنَّى بها.
ولنا في الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- أُنموذجٌ لصفةِ الشهادة وَمنطلقٌ لهذا النهج بأبعاده الإنسانية وَالوطنية وَالدينية، فالشهيد الذي أعاد تأصيلَ منهجية الشهادة، وَأطلقها لتصبحَ ثقافةً وَطريقاً، كان أولَ مَن تملك أصولَها في سلوكه وَأفعاله وَقاد بها المشروع، وَعلى ذمته ارتقى شهيداً، وهذه الحقائقُ باتت اليومَ واضحةً وجليةً بعد أن ظلت دهراً مثاراً للتشويه والتحريف والتضليل الإعلامي.
وفي هذا الشأن، يقول الدكتور قيس الطل: من ثقافة القرآن الكريم أحيى الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- هذه الأُمَّــة بثقافة الجهاد والاستشهاد، وجعل -بفضل الله- أحرار هذا الشعب يتسابقون في ميدان الجهاد ويعشقون الشهادة في سبيل الله، ويتفاخرون بأعداد الشهداء الذين قدموهم في سبيل الله؛ لأَنَّ الشهيد القائد قدم الجهاد والشهادة في سبيل الله كما قدمها القرآن الكريم كتجارة رابحة ومشرِّفة مع الله سبحانه وتعالى، كما قدمها كذلك كأفضل استثمار لحياة الإنسان وموته، ومن الحماقة ألا يستثمرَ الإنسانُ موتَه المؤكَّـد بالشهادة في سبيل الله.
ويوضح الطل في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن الشهيدَ القائدَ صحَّحَ المفاهيمَ المغلوطة عن الموت والتي جعلت الكثيرَ من المسلمين يرتعبون ويخافون عند ذكره، وقال: إن الله نسف كُـلّ هذه المخاوف، بل وقدم الشهادة كبوابة للحياة الأبدية وَالحياة السعيدة، فالشهيد حي حياة حقيقية وَفي ضيافة الله في قمة النعيم وَالراحة وَالسعادة.
وعن ثمرة الشهادة، يؤكّـدُ الشهيدُ القائدُ -رضوانُ الله عليه- بأنه لا عزةَ ولا كرامةَ وَلا حرية لهذه الأُمَّــة دون ثقافة الجهاد وَالاستشهاد، وهذا ما شهد به الواقع اليوم في ظل العدوان الأمريكي السعوديّ علينا.
وعن تكريم الله للشهيد يوم القيامة، يوضح الدكتور الطل أن الشهيد القائد تحدث عن رفع الله لأب أَو ابن أَو أم أَو زوجة الشهيد إلى الدرجات العالية في الجنة بشرط أن يكونوا ممن وقف مع الشهيد في الدنيا ودعمه وشجّعه وأعانه وليس ممن كان يحاربه أَو يثبّطه ويخذله، منوِّهًا أن الشهيدَ القائدَ تحَرَّكَ غيرَ آبهٍ بالمآلات المتوقَّعة، فكُلُّها باختلافها تُمَثِّلُ فوائدَ على كُـلّ المستويات، إما نصراً يخلُقُ واقعاً وجودياً كريماً، أَو شهادةً تؤسِّسُ وعياً وَترسُمُ طريقاً للأجيال، ناهيك عن معاني وَثمن هذه الشهادة عند الله وَخلود رجالها في حياة غير فانية، أي أن ثمنَ هذا التحَرّك بحسابات المصالح القريبة وَالبعيدة عظيم وَكبير، وعلى هذه الدرب مضت قوافلُ من الرجال، مثمنةً بدمها الزكية مفهومَ الشهادة في نيلِها حياة الخلود، وَفي رسمها للحاضر وَللأجيال القادمة طريق الخلاص.
استثمارُ الموت
وحولَ الشهادة في فكر الشهيد القائد، يقول المتحدثُ الإعلامي باسم الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان، عارف العامري: إن الشهادةَ في فكر الشهيد القائد تعني استثماراً للموت الذي هو حتمي ولا بد منه.
ويؤكّـد العامري في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن الشهيدَ القائدَ اعتبر الشهادةَ في سبيل الله أعلى وأرقى مراتب استثمار الموت، فعندما يشعُرُ الإنسان بأنه ماضٍ في سبيلِ تحقيق العدالة والحرية والاستقلال، مدافعاً عن الأرض والعرض، فهذا الإنسان قد نذر نفسَه وحياتَه لله وفي سبيله، فتصبح حياتُه كلُّها عملاً يرجو به رضوانَ الله عليه، متمنياً أن يفوزَ بالنعيم والحياة الأبدية عند ربه.
ويؤكّـد العامري أن المجاهدين يحرصون على نيل الشهادة، طامعين أن يكونوا من أولياء الله، أحياء عند ربهم يرزقون، وهي أهم ثمار جهودهم التي بذلوها في سبيل تحقيق النصر، موضحًا أن الشهادة ثمرةُ القضية العادلة التي تحَرّك على ضوئها الشهداء، فما كانوا ليبذلوا أنفسَهم في سبيل الله، إلَّا لأَنَّهم عرفوا ثمرةَ بذلهم وعطائهم أنفسهم كشهداء؛ لكي تنتصر القضية التي بذلوا أنفسهم في سبيلها، فمن كرم الله للشهداء وعنايته بهم، يشيرُ العامري إلى أن الله قابلَ عطاءَهم الجهادي بعطاء الشهادة في سبيله، والحياة الأبدية في كنف الله والخلود في جنته.
وفيما يخُصُّ ثقافةَ الجهاد التي أرسى معالمَها الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي ورفيق دربه سيد شهداء المسيرة القرآنية الشهيد زيد علي مصلح والذي قال مقولته المشهورة في موقع جبل الخربان في أسفل مران: (سأجعل من مقامي هذا سُلَّماً للنصر أَو معراجاً للشهادة) فَـإنَّها تمضي بالشعب اليمني إلى العزة والكرامة.
وقال العامري: إن أُمَّـةً تعشقُ الشهادة والشهداء وتتربَّى على الفضيلة وثقافة العطاء وتقدم أغلى ما لديها من خيرة الشباب لَهِيَ أُمَّـةٌ موعودةٌ بالنصر، مباركةٌ بالأجر، مطرَّزةٌ بوَشْيِ المجد، متوجةٌ بالحرية والكرامة، وإن الأُمهاتِ اللاتي يستقبلن أبناءَهن الشهداء بالزغاريد والسرور لَهُنَّ مدارسُ لا تنتجُ وتلدُ سوى المستقبل الحر والزاهر والكريم والمعطاء.
مدرسةٌ نموذجية
وعن الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، يقول رئيسُ الدائرة الإعلامية لحزب الحشد، سند الصيادي، في تصريح خاص لـ “المسيرة”: إن الشهيدَ القائدَ يمثّلُ مدرسةً نموذجيةً في الفكر والسلوك الديني والإنساني الكامل، كما هي مسيرةُ حياته التي كانت ترجمةً عمليةً للفكر القرآني الذي انتهجه والمشروع الإنساني الذي أسّسه وفيه ولأجله ارتقى إلى ربه شهيداً، وبشهادته أحيى أُمَّـةً تتطلعُ إلى العزة والكرامة والسيادة في الدنيا، وتطمعُ لنيل الرضا والنعيم الالهي في الحياة الأُخرى.
ويضيف الصيادي أن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي –سلامُ ربي عليه- استطاع أن ينتشلَنا من مستنقع الغفلة والركود إلى ميدان الجهاد والعمل، وأن يخلقَ في نفوس الناس حالةً من الوعي ومن العمل الجهادي، وأن ينتشلَهم من واقع الركود إلى واقع الحركة المثمرة، واستطاع بفضل الثقافة القرآنية التي تدعو إلى البذل والعطاء، أن يجعلَ المجتمعَ يخرجُ من حالة البخل والخوف إلى حالة التضحيات والإنفاق والعطاء، وخير دليل على ذلك ما نعيشه اليوم كشعبٍ يمني في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ، فهذا الصمودُ الأُسطوري وهذا الوعي والبصيرة التي يتمتعُ بها شعبنا لم تأتِ من فراغ بل جاءت نتيجة وعيه ونتيجة ثقافة قرآنية آمن الناسُ بها في قلوبهم وعملوا بها في واقعهم.
وعلى خلاف التجريف الذي تعرض له مفهومُ الشهادة وأصبح مُجَـرَّد توصيف يُطلَقُ خارجَ نطاق المفهوم القرآني الصحيح، ومن خلال المتابعة والبحث والقراءة المتأنية لمنهج السيد حسين على المستوى النظري، وتحَرّكاته على المستوى العملي، يؤكّـد الصيادي على عظمةِ المشروع الذي يعلي وجودنا ويقودُنا إلى أسمى معاني وقيم التحَرّك، ويحُثُّنا على بذل الجهد في إطار هذا المشروع، ويجعلُ التضحيات في سبيله مقدسةً ومثمَّنةً ومضمونةَ المآلات بقدر وضوح المسارات الدينية والدنيوية الذي مضى عليها السيدُ حسين وأصبحت اليومَ ثقافةً عامةً لشعب بأكمله.
ويرى الصيادي أننا ونحن نحتفي بالذكرى السنوية للشهيد، يجب أن نستشعرَ القيمةَ الكاملةَ لمفهوم الشهادة، كما يتصاعد في وعينا عظمةُ هذه المدرسة وما تحَرّك لأجله المجاهدون واستحقوا هذا التكريمَ الإلهي والتبجيلَ المجتمعي والوطني، وقد لمس الجميعُ في هذا الشعب الثمارَ الأولى لتضحياتهم، من خلال واقع الحرية والأمن الذي نعيشُه ويفتقدُه الكثير ممن خالفوا هذه المدرسة وحاربوها.. إنها مدرسةُ عطاء دائمٍ تستحقُّ أن تُبْذَلَ لأجلها الأرواح، ويستحق شهداؤها التعظيم والتقديسَ لأسمى عطاء وأشرف تضحية، وشهداءُ هذه المسيرة -كما قال السيد القائد يحفظه الله- هم تاجُ رؤوسنا وهم فخرُ أمتنا، وهم عنوانُ عزتنا وصمودنا وكرامتنا.