الحصار الأمريكي السعوديّ على اليمن.. وسيلة شيطانية لتركيع اليمنيين
الدكتور حجر: العدوان والحصار على اليمن تتبناه أمريكا وبريطانيا و “إسرائيل”
الحداد: أمريكا تقف وراء إغلاق مطار صنعاء ونقل البنك المركزي وتشديد الحصار على ميناء الحديدة وفرض القيود على تحويلات المغتربين
المسيرة| محمد ناصر حتروش
تستمرُّ الإدارةُ الأمريكية منذ ما يقارب سبعة أعوام في فرض الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني، معتقدة أن استخدام الورقة الاقتصادية سيحقّق لها ما عجزت عن تحقيقه من خلال الحرب العسكرية.
وخلال السنوات الماضية لجأ العدوان الأمريكي السعوديّ إلى استهداف البُنية التحتية الاقتصادية وفرض الحصار الشامل على بلادنا، مُرورًا باستهداف البنك المركزي وضرب قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، ورفع أسعار السلع وقيمة الخدمات المعيشية للمواطنين، إضافة إلى الإمعان في تنفيذ الغارات الجوية التي تستهدف القطاعات الخدمية والمنشآت الصناعية وكل ما له علاقة بالقطاع الصناعي والتجاري والاقتصادي.
ولم تسلم البُنية الزراعية من الاستهداف، وكذلك تعطيل حركة النقل من وإلى الأسواق؛ بهَدفِ تعطيل الحياة والوصول بالاقتصاد الوطني إلى الانهيار التام.
ويقول خبراء الاقتصاد والمهتمون بالشأن اليمني: إن جرائم العدوان وأدواته من المرتزِقة بحق الاقتصاد الوطني والتي منها طباعة مئات المليارات من دون غطاء، واستمرار تشديد الحصار ومنع دخول سفن المشتقات النفطية واحتجازها في عرض البحر لشهور عدة، تعد جرائم حرب بحق الشعب اليمني، وقد عمل العدوان الأمريكي الصهيوني وأدواته من الأعراب العملاء والمرتزِقة على ممارستها بشكل ممنهج، مؤكّـدين أن الحرب الاقتصادية والتجويع الممنهج لملايين اليمنيين في الآونة الأخيرة دخلت مرحلة جديدة، حَيثُ تفاقمت الأزمة الاقتصادية؛ بسَببِ الحصار، وانهارت العُملة اليمنية بشكل غير مسبوق إثر قيام دول تحالف العدوان بسحب العملة الصعبة من اليمن، وطباعة ملايين الريالات اليمنية من دون غطاء، موضحين أثر الحصار الاقتصادي في تفاقم الأوضاع الإنسانية، والذي أَدَّى إلى تزايد في حالات الوفاة؛ بسَببِ سوء التغذية، وأصبح ملايين اليمنيين في حالة فقر وجوع مطبق.
ويرى وكيل وزارة المالية الدكتور أحمد حجر، أن أمريكا تعتبر الحصارَ الاقتصادي على الشعب اليمني من أهم من أدوات الحرب التي تستخدمها دول الاستكبار في مواجهة مختلف الدول التي لا تخضع وتنصاع لتوجيهاتها، لافتاً إلى أن واقع إيران واليمن وسوريا والعراق خير دليل، وَأن وسيلة الضغط الاقتصادي الأمريكي يأتي دائماً بعد فشل حلفائها عسكريًّا.
ويؤكّـد حجر أن انتهاج القيادة الثورية الوقوف في وجه المصالح الأمريكية كان سبباً كافياً لدى صناع القرار للسياسية الأمريكية بإدراج القوى السياسية اليمنية المناهضة للهيمنة الأمريكية بشكل مباشر أو عبر وكلائها في المنطقة ضمن الدول المستهدفة.
ويضيف حجر: ولذلك كان القرار الأمريكي واضحًا بتشكيل تحالف عسكري من مجموعة الدول الراعية للمصالح الأمريكية في المنطقة، وبقيادة أكثر عملائها وهما السعوديّة والإمارات، بل وإعلان الحرب من العاصمة الأمريكية، وإضافة الشرعية الدولية والإقليمية للعدوان من خلال إصدار قرار لمجلس الأمن الدولي بخصوص الموضوع.
ويلفت إلى أن وقائع العدوان والحصار خلال السبع سنوات أثبتت أن كُـلّ من أمريكا وبريطانيا هما من يديرا الحرب من خلال التواجد في غرف العمليات والتحكم والسيطرة والتوجيه، وكذا تزويدها بالأسلحة والخدمات والأقمار الصناعية والقطع البحرية، موضحًا أن أمريكا تقوم بالدفاع والتبرير في المنظمات الدولية والإقليمية عن كُـلّ الجرائم والتصرفات التي ترتكبها دول العدوان في اليمن، وذلك لتحقيق أهداف الصهيونية العالمية والمتمثلة في استنزاف أكبر قدر ممكن من موارد الدول الخليجية وتقديم مساعدات كرشاوي لبعض الدول لتطويعها للسير في الاتّجاه الذي يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية العالمية.
ويوضح حجر أن أمريكا تسعى بمختلف الطرق والوسائل لتهيئه البيئة التي تسمح لإسرائيل لأن تكون القائد الذي يدير شؤون المنطقة، وهو ما يساعد أمريكا للتفرغ لإدارة صراعها مع الصين وروسيا وإيران كما أنها تسعى لشق الصف والتعاون العربي خاصه والإسلامي بوجه عام، منوِّهًا إلى أن أمريكا تعمل على تسخير موارد دول المنطقة العربية بما يخدم تطور ورفاهيه شعب إسرائيل خاصه والدول الاستعمارية عامة، وذلك على حساب التنمية الحقيقية والمستدامة للدول العربية، موضحًا سعيها لنشر الرذيلة والفساد في المجتمعات العربية والإسلامية بل وسلخ شعوبها عن عقيدتها وقيمها.
وفي ضوء ما سبق يرى الدكتور حجر أن العدوان والحصار على اليمن هي في الأَسَاس قرار صهيوني تتبناه الصهيونية العالمية بريطانيا وأمريكا وتنفذه وتتحمل تكاليفه والنتائج المترتبة عليه الأنظمة العربية والإسلامية العميلة، مُشيراً إلى أن الاقتصاد يعد المحور الأَسَاسي الذي ترتكز عليه باقي المحاور الأُخرى السياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية والعلمية والثقافية، ولذلك تسعى أمريكا إلى ضرب الاقتصاد حتى تسقط المحاور الأُخرى وفي مقدمتها النظام السياسي والأمني وربما العسكري والفوضى المجتمعية تحت يافطات ثورة الجياع والإصلاحات ونحوها ما يجعل تدخل دول العدوان وضرب القوى الوطنية أمراً ميسوراً ومقبولاً من القوى السياسية والاجتماعية اليمنية نفسها وبمساعدة من دول العدوان.
الصمودُ أفشل مخطّطات العدوّ
بدوره، يقول الصحفي والخبير الاقتصادي رشيد الحداد: “إن الدور الأمريكي في العدوان والحصار على الشعب اليمن، واضح منذ أن أعلن صبيحة ٢٦ مارس ٢٠١٥ من واشنطن، ولا يزال حتى اليوم بضوء أخضر أمريكي، وبالعودة إلى العديد من الأدلة المعلنة من قبل العدوان الأمريكي وأولها تهديدات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في اجتماع الرباعية الدولية الذي عُقد في مدينة جدة السعوديّة في الـ ٣٠ من أغسطُس ٢٠١٦، هدّد كاولن باول، باتِّخاذ إجراءات قاسية في حال رفض الوفد الوطني الضغوط الدولية التي مارستها الدول العشر الراعية للسلام في ختام مفاوضات الكويت”.
ويضيف “وخلال هذا الاجتماع أقرت الرباعية الدولية برئاسة وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إغلاق مطار صنعاء، وتعطيل البنك المركزي في صنعاء ونقله إلى عدن، وتشديد الحصار على ميناء الحديدة، وتجميد الاحتياطات الأجنبية للبنك المركزي، وفرض المزيد من القيود على التحويلات النقدية من وإلى اليمن”.
ويواصل الحداد “وبعد الاجتماع بيومين فقط تلقى الوفد الوطني في الكويت تهديدات صريحة من قبل السفير الأمريكي السابق في اليمن ماثيلو تولر، والذي هدّد بضرب القيمة الشرائية للعملة وتحويلها إلى أوراق لا تحمل قيمة الحبر الذي طبعت به”.
ويؤكّـد الحداد أن دور واشنطن المساند للعدوان لم ينته عند هذا الحد، بل إن أمريكا تقف حتى اليوم وراء منع دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة وتقف وراء انهيار سعر صرف العملة، وأنها مع ذلك تحاول مثلها مثل العدوان السعوديّ أن تقدم نفسها كراعية سلام.
ويذكر أن المبعوث الأمريكي لدى اليمن ليندركينغ، هدّد قبل شهرين في تصريح لقناة الجزيرة بأن واشنطن سوف تشدّد الحصار على ميناء الحديدة، وذلك بعد فشله في فرض مقترحات أمريكية تقوم على المقايضة بملفات إنسانية بأُخرى عسكرية، وهي محاولة رفضت من قبل صنعاء بشكل كلي.
ويرى أن الدور الأمريكي العدائي مكشوف في اليمن منذ سبع سنوات وأن الهدف الأمريكي من ضرب الاقتصاد وتضييق خيارات العيش الكريم على الشعب اليمني إيصال الشعب إلى حالة الإنهاك، معتقداً أن أمريكا تسعى من خلال الضغوط الاقتصادية إلى فرض حلول قسرية تخرج السعوديّة من ورطتها في اليمن، وذلك ما لم يتحقّق في الماضي والحاضر.
ويختم الحداد تصريحه بالقول: الحصار الاقتصادي الأمريكي لن يحقّق أية نتيجة وذلك كون الاقتصاد اليمني عاش خلال العامين الأول والثاني للعدوان صدمة كبيرة وكان هناك ترقُّبٌ عالمي لحدوث انهيار اقتصادي وإنساني كبير في بلد يُصَنَّفُ من أفقر دول المنطقة، وبعد سبع سنوات أفشل الصمودُ الشعبي والوطني كافةَ المخطّطات الأمريكية والصهيونية التي تتبنى دول العدوان تنفيذها.