في ذكرى استشهاد الحاج قاسم سليماني.. الشهادةُ والسيادةُ في منهج القادة
المسيرة | متابعة خاصة
تمُرُّ على محور المقاومة هذه الأيّام عدة مناسبات تترابط مع بعضها البعض، ويجمعها قاسم مشترك وواحد، هو الشهادة والسيادة، فكل هذه الوقائع والأحداث تحمل بين طياتها معانيَ ودلالاتٍ عميقة ودروساً بليغة، وربما يكون شعار الشهادة والسيادة الذي أطلقته الحشودُ الجماهيرية المليونية قبل عامين وترسخ أكثر فأكثر في النفوس والضمائر، العام الماضي وهذا العام، قد عكس تلك المعاني والدلالات وأظهرها واقعاً تعيشه الأُمَّــة.
من الطبيعي جِـدًّا أن تتصدَّرَ الذكرى السنوية الثانية لاغتيال الشهيد قاسم سليماني صدارة المشهد العام في كُـلّ الأرجاء لدول المحور، ارتباطاً بمكانة وموقعِ وتأثير هذا الشهيد في مجمل الوقائع والمحطات، وارتباطاً بملابسات عملية الاغتيال، من حَيثُ الزمان والمكان، والجهة أَو الجهات المتورطة، ومن ثَمَّ التداعيات والانعكاسات التي خلّفتها وأفرزتها عمليةُ الاغتيال، ولعل شعار الشهادة والسيادةِ جاء معبراً عن جوهر وماهية الحدث، الذي بدا بعد مرور عامين عليه وكأنه جديد ومتجدد؛ لأَنَّ ما عمل عليه الشهيد قاسم سليماني، وانتهى به إلى الشهادة بعد أن حقّق النصر، تمحور حول هدف أَسَاسي محوري، تمثل بالدفاع عن المقدسات ومواجهة العقائد المنحرفة، وتحقيق السيادة الوطنية لكل دول المحور.
طيلة أسبوع كامل، شهدت مختلفُ مدنُ ومحافظاتُ إيران واليمن والعراق ولبنان وسوريا وفلسطين المحتلّة احتفالاتٍ ومهرجاناتٍ وتجمعات جماهيرية حاشدة، تضمنت فعاليات ونشاطات متنوعة لإحياء واستذكار القادة الشهداء سليماني والمهندس ومن عرج معهم وقبلهم وبعدهم إلى الرفيق الأعلى، وللتعبير عن رفض كُـلّ مظاهر الوجود الأجنبي على أرض المنطقة، وإدانة واستنكار الجرائم التي ارتكبتها القوات الأمريكية ضد شعوب المنطقة عُمُـومًا، على مدى أعوام متعاقبة.
في السياق، نستعرضُ أبرزَ تلك المحطات، ليومِ أمس الأحد، حَيثُ أكّـد قائدُ فيلق القدس التابع لحرس الثورة الإسلامية الجنرال، اللواء إسماعيل قاآني، في كلمة بمناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد الفريق قاسم سليماني أن الشهيد سليماني استطاع توحيدَ خُطَى المقاومة في كُـلّ المناطق.
وأشَارَ العميد قاآني في كلمته، أمس الأحد، إلى أن الشهيد كانت له خصال بارزة في العديد من المجالات وقال: إن “الشهيد سليماني كان يجيد الربط بين الساحتين العسكرية والدبلوماسية بصورة ممتازة وكان ضمن الرواد والمدافعين عن هذا المنطق وكل ذلك يعود إلى أنه كان ملتزماً بنهج الولاية”.
واعتبر طهران بأنها قمة المقاومة والثورة الإسلامية والتلاحم بين مختلف القطاعات في الإسلام ومركز التقريب بين المذاهب وأن أمثال الشهيد هم رواد في إيجاد الوحدة والتضامن وأضاف أن “الشهيد سليماني لم يكن يحضر في ساحة النضال برؤية سياسية تقليدية فحسب بل كان يحمل أَيْـضاً رؤى بنيوية عقيدية تتبلور مع خصاله البارزة الأُخرى ويأتي إلى الساحة بصدق وإخلاص، ما جعله يستحوذ على القلوب”.
وإلى لبنان، فقد أحيى حزب الله في مدينة المقاومة وعاصمة الجنوب صيدا الذكرى السنوية الثانية للشهيدين اللواء قاسم سليماني والحاج أبي مهدي المهندس ورفاقهما بمراسم خَاصَّة، تكريماً لدمائهم التي قدمت؛ مِن أجلِ لبنان وفلسطين وكل الشعوب المستضعفة الثائرة على العدوّ الصهيوني وربيبته أمريكا.
ورُفعت صورة عملاقة للشهيد سليماني على النصب التذكاري للشهداء عند مدخل المدينة الجنوبي (طريق الحسبة) تخللها وضع إكليل من الزهر على النصب، وضعه رئيسُ الاتّحاد العالمي لعلماء المقاومة، الشيخ ماهر حمود، في حضور مسؤول منطقة صيدا، الشيخ زيد ضاهر، وعدد من أعضاء قيادة المنطقة ولجنة العلاقات.
وأكّـد الشيخ حمود في كلمة من وحي المناسبة أن “أيةَ ضربة إسرائيلية للجمهورية الإسلامية ستحول الكيان الصهيوني إلى رماد، وطالما أن هنالك صواريخَ إيرانية علمية واستكشافية تطلق اليوم إلى الفضاء في تَحَدٍّ واضح ومنافسة للغرب في امتلاك التكنولوجيا الحديثة”.
ووصف الشيخ حمود “الشهيد سليماني بالضوء الكاشف والنور لطريق المستقبل القريب الذي سينطلق من طهران ويمر في بغداد إلى دمشق وصنعاء إلى بيروت ليضيءَ في القدس لتعود فلسطين إلى أهلها، أرضا ومقدسات بإرادَة حرة”.
ولفت إلى أن “هذا الطريق لا يمكن أن يشارك فيه خائن أَو عميل أَو متهالك أَو متخَلٍّ”، داعياً إلى “تجميع الطاقات لمواجهة المؤامرات المتتالية، وعلى رأسها المؤامرة المذهبية لتفريقنا شيعا وأحزابا”، مؤكّـداً أن “استشهادَ سليماني ومن معه على طريق القدس جاء ليضربَ المؤامرة على رأسها”.
من جانبه، أكّـد عضو المجلس المركزي في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق “أننا سنواجه العدوّ في أية حرب قادمة بمئة ألف مقاوم يحملون روحَ وعزم وإيمان وإرادَة قاسم سليماني”، وقال: إن “شعارَ نحن قاسم يعني أن الحاج قاسم أصبح أُمَّـة، وأن الملايين من إيران إلى أفغانستان إلى العراق وُصُـولاً إلى سوريا ولبنان وغزة، كلهم أصبحوا اليوم الحاج قاسم سليماني”.
وبمناسبة هذه الذكرى، أطلق حزب الله حملةَ تشجير تحت عنوان “زيتونة سليماني” على طول الحدود المتاخمة لفلسطين المحتلّة، حَيثُ كانت البداية من حديقة إيران ببلدة مارون الراس بمراسم خَاصَّة، شارك فيها عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين، وعدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وجمع من الأهالي.
وبعد غرس شجرة الزيتون في الحديقة، أَدَّت ثلة من مجاهدي المقاومة قسم العهد والوفاء بالسير على نهج الشهداء، ليتحدث بعد ذلك الشيخ قاووق في قاعة الإمام الخميني في الحديقة قائلاً: “إننا نزرع شجرة هنا على حدود فلسطين في المكان الذي وقف فيه الحاج قاسم سليماني لنؤكّـد أنه بشهادته يزدادُ حضوراً وتجذراً في ميادين المقاومة”.
وَأَضَـافَ الشيخ قاووق: “هنا تتجسد العروبة الأصيلة عروبة فلسطين، التي قدّمَ لها الحاج قاسم ما تخاذل عنه عرب التطبيع قاطبة، حَيثُ أوصل الشهيد سليماني الصواريخ إلى فلسطين، ونتحدى عرب التطبيع أن يتجرأوا على إرسال صاروخ واحد لها”.
وتحدث الشيخ قاووق فقال: “أتينا لنعبّر عن حبنا ووفائنا للشهيد القائد الحاج قاسم سليماني، ولنقول للعدو بعد عامين على الشهادة، بأن الحاج قاسم هو الذي سيقودُ جموعَ الفاتحين إلى الجليل بإذن الله”.
وإلى فلسطين المحتلّة، حَيثُ أحيى الفلسطينيون الذكرى الثانية لاستشهاد الحاج قاسم سليماني من خلال رفع صوره في الساحات والميادين في قطاع غزة، وقال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، يوسف الحساينة: إن “رفع صور شهيد القدس الحاج قاسم سليماني في محاور رئيسية في غزة هي رسالة وفاء من المقاومة وشعبنا الفلسطيني لمن قدم روحه؛ مِن أجلِ القدس وفلسطين”.
وَأَضَـافَ الحساينة: “لذلك نحن خيرُ أوفياء لهذه الدماء الطاهرة التي سارت إلى طريق القدس ودعمت المقاومة”، وأكّـد أن “المقاومة في فلسطين والمنطقة تشهد تطورًا نوعيًّا في مسار تراكم المقاومة”، وأن “كل هذا بفضل الله ودعم وجهود شهيد القدس الحاج قاسم سليماني والجمهورية الإسلامية والأبطال المجاهدين في سرايا القدس والقسام وباقي الاذرع العسكرية”.
وأوضح الحساسنة: “أن قدرَ المنطقة أن تنتصرَ، وهؤلاء الذين ارتكبوا جريمة الاغتيال سوف يخرجون من المنطقة مهزومين ومدحورين”،
وختم القيادي في الجهاد: “لا شك أن بصمات الحاج سليماني موجودة في ظل تعافي المقاومة بعد سيف القدس واستعادة قدراتها وتعاظم إمْكَانيتها واستعدادها لمواجهة جديدة مع العدوّ، كُـلّ ذلك بفضل الله أولاً وبفضل الجهود الحثيثة التي بذلها قاسم سليماني وإخوانُه في قيادة فيلق القدس وحزب الله والمقاومة الفلسطينية”.