أهميّةُ الارتقاء بالروحية العملية
منصور البكالي
ونحن في بداية العام الجديد وعلى مقربة من توديعنا للعام الماضي لا بد لنا من التذكير بأهميّة الروحية العملية، وأثرها في مستويات إنجازاتنا وما حقّقناه من الأهداف والغايات مما مضى في مختلف المؤسّسات والوزارات والقطاعات العامة أَو الخَاصَّة ومحاسبة أنفسنا وفق المعايير والأسس العلمية والقرآنية لنتمكّن من مراجعة وتطوير خططنا وبرامجنا اليومية والشهرية والسنوية بالشكل الذي يقدم النموذج العملي الرأد والفعال والمناسب في واقع الحياة وميادين البناء والنهوض والتنمية الحقيقية.
ومن الشواهد الحية في شعبنا اليمني وحاضر أمتنا الإسلامية يقدم لنا المجاهدون والشهداء العظماء دروساً هامة وواضحة وملموسة ثمارها عن عظمة وأهميّة الروحية العملية والجهادية التي يحملونها ويبذلونها في سبيل الله، ولما لها من أثر بالغ الأهميّة غيرت من واقع ومعادلات وموازين المواجهة مع قوى الاستكبار والهيمنة العالمية التي تقودها أمريكا وإسرائيل ضد شعوب أمتنا.
وفي هذا الصدد قول الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي “عليه السلام” عن الروحية العملية التي يجب أن نحملها “إن الروحية العملية ونفسية حاملها وهو في ميدان تقديم هدى الله والجهاد في سبيله تنعكس سلباً وإيجاباً على نتائج الأعمال الجهادية وغير الجهادية، وبقدر النفسية العالية يكون الأثر محذراً من النفسية الضعيفة وأثارها”، فيما يقول قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” إن الجهاد هو بذل أقصى الجهود والطاقات في مختلف المجالات”.
أذن هل بذل كُـلّ منا في عمله أقصى الجهود والطاقات لتحقيق النجاح في عملة؟ وهل مستوى الروحية العملية التي نحملها ترتقي إلى مستوى الروحية الجهادية التي حملها الشهداء العظماء والمجاهدون الكرماء في الجبهات؟ لا أعلم الإجَابَة، لكن التقارير السنوية لكل مؤسّساتنا وهيئاتنا وإداراتنا إن كانت صادقة وخالية من المجاملات والمداهنات والغش والخداع والتدليس هي من تبين هذه الأيّام مستوى تلك الروحية العملية التي بداخلنا ومستوى الجهود والطاقات المبذولة.
في هذه السياق لا بد من الإشارة إلى دور الأجهزة الرقابية والمحاسبية كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العامة لمكافحة الفساد ووضعها أمام تساؤلات مهمة يطالب بالإجَابَة عنها الشعب لا مجال لطرحها هنا، فشعبنا يترقب تقاريرها وإنجازاتها وشهاداتها عن أداء مختلف المؤسّسات، وعن الإجراءات المتخذة في سبيل الارتقاء بالأعمال والمهام والمسؤوليات المناطة بها وبغيرها من الجهات الرسمية وغير الرسمية وكل ما له صلة بتقديم الخدمات للمواطن.
وفي الأخير: الروحية العملية وأهميّة إحيائها واستنهاضها من قبل الجميع ومن الجهات ذات العلاقة في هذا الوضع الاستثنائي الذي يعيشه شعبنا اليمني أمر مهم لا يتطلب تأجيل عمل الأجهزة المختصة إلى يوم المحشر أَو إحياءها بقول الله تعالى في سورة الأسرى (اقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)، فيوم الحساب محطة عند كُـلّ نهاية عام ويجب الاستفادة منه ومن هدى الله لنغير واقعنا وننهض بمؤسّساتنا ووقعها العملي، والله من وراء القصد.