فضيحة “المالكي” تنسفُ الروايةَ الأمريكية السعوديّة بشأن اليمن
العجري: هذه الفضيحة تفنِّدُ كُـلَّ مزاعم ومبرّرات العدوان
سريع: التزييف والكذب ديدن تحالف العدوان منذ البداية
محللون عرب وأجانب: “التحالف” يستحمر الجماهير ويريد تبرير استهداف المؤسّسات المدنية
المسيرة | خاص
مَثَّلَت الفضيحةُ المدويةُ لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ بشأن ميناء الحديدة، دليلًا إضافيًّا على زيف كُـلّ مبرّرات الحرب والحصار، حَيثُ عرت هذه الفضيحة كُـلَّ الروايات والدعايات السعوديّة والأمريكية والإماراتية التي تم الترويج لها منذ أكثر من سبع سنوات؛ لتبرير استمرار استهداف البلد والشعب، كما برهنت بوضوح وبشكل مشهود على أن دول العدوان ورعاتها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، يتهربون بشكل فاضح من خيار السلام العملي والحقيقي ويبحثون عن ذرائعَ واهيةٍ لخداع العالم والرأي العام؛ مِن أجلِ مواصلة قتل اليمنيين وتجويعهم، لتحقيق مطامعَ خَاصَّة.
الفضيحة التي انكشف فيها لجوء ناطق تحالف العدوان تركي المالكي إلى سرقة مشاهد من فيلم وثائقي أمريكي قديم، وعرضها على أنها مشاهدُ لمواقعِ تجميعِ صواريخ داخل ميناء الحديدة، أعادت تسليطَ الضوء بشكل غير مسبوق على كُـلّ المبرّرات والدعايات الزائفة التي يعتمدُ عليها تحالُفُ العدوان ورُعاتُه في روايتهم الرئيسية بخصوص الحرب على اليمن.
عضو الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري، علَّق على ذلك، مؤكّـداً أن “فضيحة المالكي تفند كُـلّ مزاعم العدوان تجاه اليمن”؛ لأَنَّ دعايات “دعم الشرعية” و”مواجهة إيران” وغيرها لم تكن في الواقع سوى فبركات تشبه المقاطع التي سرقها المالكي لتبرير تدمير ميناء الحديدة.
وأضاف: “الأمر لا يقف عند صورة مفبركة، فالحرب من أولها مبنية على تقارير سياسية مفبركة، والسؤال: هل سيدفع هذا القيادة السعوديّة لمراجعة موقفهم والانتباه للتقارير المفبركة التي يعدها تجار الحروب السعوديّون مع مرتزِقتهم اليمنيين؟، ألا يكفي ما قد ورطوكم في اليمن والخراب الذي أحدثتموه من وراء الاوهام؟”.
وقال العجري في حديث للمسيرة: إن هذه الفضيحة تكفي لأن يتوارى المالكي عن المشهد كما توارى العسيري من قبله.. في إشارة إلى الأكاذيب الفاضحة التي كان الناطق السابق لتحالف العدوان يروجها والتي تعاظمت إلى حَــدِّ التسبب بإقالته من منصبه.
وتابع: “لم نتوقع أن يكون ناطق العدوان بهذه الجرأة من الكذب وأن يلجأ إلى تبريرات مفضوحة لإغلاق الميناء”.
وأكّـد أن هذه الفضيحة “تمثل إحراجاً للمجتمع الدولي والأممي المتحدة فيما يخُصُّ إغلاق ميناء الحديدة”.
وأوضح أن “دولَ العدوان تعاني من فشلِ أهدافِها، وقد فقدت السيطرة على اليمن وتسعى من خلال سلوكها العدواني لإظهار أنها مسيطرة على الوضع”.
من جهته، علّق المتحدِّثُ باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، على الفضيحة مؤكّـداً أن “الكذب والتزييف ومحاولة ذَرِّ الرماد على العيون هو ديدنُ العدوان من البداية، ولكن حبل الكذب قصير”.
أَمَّا نائبُ وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ الوطني، حسين العزي، فاعتبر أن “ما تم عرضُه ليس فضيحةً وحسب، وإنما يتجاوزُ ذلك إلى الحد الذي يوجبُ المراجَعة”.
وأضاف: “مشكلةُ السعوديّة وكُلِّ خصومنا أنهم يعتمدون في بناء استراتيجياتهم العدائية نحونا على تصورات غير صحيحة، وهو ما يجعلهم باستمرار يطلقون عداواتهم وصداقاتهم في الاتّجاه الخطأ ويتسببون دائماً في مآسٍ غيرِ ضرورية لهم ولغيرهم”.
وأكّـد أن العالَمَ اليوم يجبُ أن يدركَ التضليلَ الذي يمارسُه تحالُفُ العدوان والصورة المغلوطة التي ينقلها عن اليمن.
بدوره، أكّـد رئيسُ اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى، عبدُ القادر المرتضى، أن “تحالف العدوان أراد من خلال هذه الفبركة تبريرَ قصف وتدمير ميناء الحديدة؛ لأَنَّه بمثل هكذا فبركات دمّـر مطارَ صنعاء وبمثلها ضرب الصالةَ الكبرى، وبمثلها قصف صالاتِ الأعراس، وبمثلها قصف الأسواقَ والمدارس والمستشفيات، وبمثلها دمّـر كُـلَّ مقدرات اليمن طيلة سبع سنوات”.
وامتلأت مواقعُ التواصل الاجتماعي بتعليقات ساخرة وانتقادات حادة وجّهها نشطاءُ وإعلاميون عربٌ وأجانبُ لتحالف العدوان الذي كان يسعى من خلال المقاطع المفبركة أن يخلُقَ مبرّراتٍ لتدمير موانئ الحديدة؛ بذريعة “حماية الملاحة البحرية”، وهو ما يجعلُ الفضيحةَ تطالُ الرُّعاة الدوليين للعدوان، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، التي سارعت إلى المصادقة على مزاعمِ تحالف العدوان، في سياقِ منحِه الضوءَ الأخضرَ لاستهداف الموانئ.
وقال الباحثُ والمحلل السياسي اللبناني، علي مراد: إن “الناطقَ باسم تحالف العدوان على اليمن مُصِرٌّ على استحمار الناس”، وأضاف: “هو يريد فقط أن يبرِّرَ قصفَ الميناء والمنشآت المدنية”.
وأعادت هذه الفضيحةُ التذكيرَ بعدة فضائحَ سابقة لجأ فيها تحالف العدوان إلى تلفيق وتركيب مشاهدَ وصور؛ لتبرير استمرار العدوان والحصار، آخرها كان قبل أَيَّـام، عندما عرض المالكي مشاهدَ زعم أنها لقيادي في حزب الله يتواجدُ في اليمن، ليتضح لاحقاً أن صورة القيادي تعودُ لصحفي لبناني، وأن تحالفَ العدوان لا يستطيعُ التفريقَ بين اللهجتين اللبنانية والسورية.
وعلّق الباحثُ في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس ومعهد تشاتام هاوس، كريستيان أولريتشسن، ساخراً: “إذا اختاروا الفيلمَ المناسِبَ لاستعارة مقاطع منه، فقد نرى جورج كلوني (الممثل الأمريكي) يظهرُ في اليمن!”.
إجمالاً، نسفت هذه الفضيحةُ الروايةَ التضليليةَ الرئيسيةَ التي يسعى تحالُفُ العدوان ورعاته منذ أكثرَ من سبع سنوات لترويجها وتثبيتها والبناء عليها سياسيًّا ودبلوماسيا، بما في ذلك الدعايات التي ترفعُها إدارة بايدن منذُ قرابةِ عام لخداع الرأي العام بشأن السلام والحل السياسي، حَيثُ أصبح واضحًا اليومَ أن البيتَ الأبيضَ يقودُ نشاطَ التضليل الذي يهدف بوضوح لاختلاق مبرّرات لاستمرار الحرب والحصار وتبرير استهدافِ المدنيين وتدمير المؤسّسات المدنية اليمنية، وعلى رأسها مطار صنعاء وميناء الحديدة.