المجاهد الحاج عبد الله المؤيد في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: 4 من أولادي استشهدوا في سبيل الله والخامس جريح فقد رِجله في إحدى الجبهات
المسيرة – حاوره محمد ناصر حتروش
برزت العديدُ من الأُسَر العظيمة التي ضحَّت بالغالي والنفيس في سبيل الدين والوطن والدفاع عن المستضعفين والذود عن حياض الوطن، مجسِّدين مقولةَ قائد الثورة السيد العلَم: “إن كُـلّ أسرة قدّمت شهيداً فَـإنَّها بَنَت لبنةً في صرح الإسلام الشامخ”.
وحرصاً على تسليط الضوء على تلك الأسر العظيمة، التقت صحيفةُ “المسيرة” بالوالد عبدالله المؤيد –والد لأربعة شهداء– من ضمنهم الشهيدُ المجاهد أبو خليل المؤيد، حَيثُ سرد لنا مواقفَ عظيمة لكل من أبنائه العظماء الشهداء، مؤكّـداً أن التضحيةَ في سبيل الله شرف عظيم ووسام لا يناله إلَّا ذو حظ عظيم.
وتطرق المؤيد إلى جانبٍ من سيرة أولاده الشهداء الأربعة العظماء الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم في سبيل الله.
إلى نص الحوار:
– بدايةً هلّا حدثتمونا حاج عبد الله عن أسرتكم العظيمة ومتى كانت الانطلاقة الأولى في نُصرة المشروع القرآني؟
أولاً تحيةٌ لكم في صحيفة المسيرة وكل وسائل الإعلام الوطنية الحرة التي أثبتت حضورَها في المعركة الفاصِلَة التي يخوضُها شعبُنا على كُـلّ المستويات.
وعطفاً على سؤالكم، فَـإنَّ أُسرتي الكريمة مكونة من ستة أولاد، وجميعهم –وبفضل الله– مجاهدون في سبيل الله ونصرة المستضعفين منذ فجر المسيرة القرآنية، حَيثُ استشهد من أولادي أربعة والخامس الأخير جريح فقد رِجْلَه في إحدى الجبهات.
وبالنسبة للبداية الأولى لانطلاق المشروع القرآني كان ولدي الأكبر محمد حينها في البحرين، ولما سمع عن المشروع القرآني للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رجع إلى اليمن وانطلق مجاهداً في سبيل الله لنُصرةِ المشروع القرآني وتبعه جميع إخوته، والحمد لله الذي وفقنا لأن نكون من المجاهدين في سبيل الله نصراً وعزةً لدين الله وحماية للعقيدة.
– مَـا هِي أبرزُ المحطات التي مرَّ بها ولدُكم الأكبرُ محمد؟
الولد الأكبر محمد وتبعه حسن انطلقا في البدايات الأولى للمسيرة القرآنية وذلك قبل بدء الحرب الأولى على صعدة، حَيثُ تم ملاحقتُهم في مدينة ضحيان، يوم الأحد وصباح الاثنين، حين بدأت الحرب الأولى على صعدة.
ولا زلتُ أتذكر جيِّدًا حينما خرجت حملةٌ أمنية من قبل النظام للقبض على محمد وحسن عند مقبرة ضحيان جوار مسجد “الصرخة” وكان الوقت بين مغرب وعشاء.
وفي تلك الليلة نصر الله الولدَين الصالحين محمد وحسن واستطاعا إيقافَ الحملة وأسر الجنود رغم أنهما لا يمتلكان السلاحَ في تلك الليلة، ثم تدخلت وساطةٌ على أن يتمَّ الإفراجُ عن جنود الحملة وإرجاع أسلحتهم مقابل الانسحاب وعدم الرجوع.
وفي تلك الليلة علمت بما حصل وقلتُ لأولادي خير ما فعلتما والآن يجب عليكما الانضمامُ إلى رفقاء الجهاد والابتعاد عن مدينة ضحيان؛ كون النظام يريد أن يدمّـر المدينة بذريعة تواجُدِكم، فلا نُعْطِه المبرِّرَ لفعل ذلك.
وفي تلك اللحظة لم يكن المجاهدون سوى بعدد الأصابع قادة وأتباعاً، قلت لهم بأن ينطلقوا إلى منطقة آل الصيفي؛ كون فيها جبال تحصّنهم من العدوّ؛ وكون المنطقة حاضنةً للمشروع القرآني.
محمد وحسن جاهدا بين يدي الوالد العلامة بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- في نُشُور، وَاستشهد كلاهما الأول حسن استشهد أثناء الهجوم على مدينة صعدة وحصار المعسكرات، وحينما اشتد الحصارُ على منطقة “مران” كان ولدي وأربعة من المجاهدين في طريقهم لفك الحصار على مران وأثناء مرورهم من نقطة “نسرين” بمدينة صعدة حدثت اشتباكاتٌ واستشهد ولدي حسن وتم أسرُ بقية زملائه.
وقد ظل الشهيد حسن غائباً لفترة طويلة، ولم نعرف مصيرَه إلّا حين أفرج عن أصدقائه وأخبرونا أنه استشهد بنقطة “نسرين”، وتم إخفاءُ جُثمانه من قبل الأعداء ولا نعلم إلى اليوم مكانَ الضريح.
الولد الثاني محمد استشهد هو وخاله إبراهيم بن قاسم الهاشمي بقذيفة هاون، حَيثُ كانا رحمهما الله يرتبان مقاعدَ للمقاتلين الأقلية في منطقة “نشور” فأصابتهم قذيفة وظلا ينزفان حتى استشهدا، حَيثُ كانت جروحُهما طفيفة إلا أنه نظراً لعدم الإمْكَانيات الإسعافات الأولية ظلا ينزفان حتى استشهدا.
– الشهيد أبو خليل المؤيَّد كان من الشهداء القادة الذين برزوا في ساحات المواجهة مع أعداء الله في مختلف الجبهات.. حدثنا عن حياة الشهيد؟
بعد أن استشهد الولدان محمد وحسن وبعد أن بلغ الولدُ أحمد انطلق من صنعاء إلى منطقة “طخية” في الحرب الثالثة واستشهد هناك بعد أَيَّـام من نزوله مباشرة.
وحينما استشهد الولد أحمد كان ولدي إبراهيم “أبو خليل” ويحيى العماد صغيرَين وحينما بلغا لم أشعر إلا وهما في صعدة مع المجاهدين.
وللعلم مَن قال إنه يقدم بأولاده شهداء فذلك غير صحيح ومبالَغٌ فيه، فالشهداء العظماء هم يضحون بأنفسهم بدافعِ الدين والغِيرة والحمية، فكلمة “قدمت” ليست صحيحةً، فالشهداء بذلوا أرواحَهم رخيصةً في سبيل الذود عن الدين وفي سبيل الله، فلو نتذكر البداياتِ الأولى للمشروع القرآني كان الجميعُ ضد المجاهدين حتى أهاليهم فكان المجاهدون يعانون كَثيراً ولا يلقون مَن يساندهم لا من قريب ولا من بعيد، فكان المجاهدون -رضوان الله عليهم- ينطلقون بإيمانٍ راسخ متوكلين على الله.
وكما قال الله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) أما الآن وقد كَثُرَ المجاهدون فلا يكاد أن تخلو أسرةٌ من شهيد.
والولدان إبراهيم ويحيى نشئا وترعرعا في صعدة وتعلما هناك العلومَ الدينية والقتالية والسياسية وغيرها، وأصبحا في مستوى عال والحمد لله.
وبعد أن بدأ العدوانُ الظالم على البلد انطلق المجاهدان إبراهيم ويحيى معاً إلى جبهة نجران وعسير ومجازة وبقيا يقاتلان هناك لفترة طويلة مع شدة ضرب الطيران بجميع أنواعه في الحدود.
وفي إحدى المرات جهّز أبو الخليل مجاميعَ لغزوة على العدوّ، ومن ضمن المجاميع أخوه العماد، وبينما هم في الطريق لتنفيذ الغزوة وقع المجاميع في كمين ألغام وبفضل الله تعالى وتأييده لم يستشهد منهم أحدٌ، وإنما أُصيبوا بإصابات طفيفة، والبعض بليغة، وَمن ضمن المصابين ولدي العماد كانت الإصابةُ بليغة، حَيثُ فقدَ ساقَه وهو من بقي لي فقط من إخوانه.
بالنسبة لإبراهيم أبو الخليل، واصل مسيرته الجهادية ببسالة واجتهاد حتى نال الشهادة بغارة للطيران وهو يسعفُ رفقاءَ الجهاد في مجازة بيوم 25 أُكتوبر 2017، حَيثُ أخبرنا بعضُ أفراده من صنعاءَ القديمة أن الشهيدَ الخليلَ كان حريصاً على أفراده وكان يتفقد أسرهم ويوفر احتياجهم فسلامُ الله عليه وعلى جميع الشهداء ونسأل من الله اللحاقَ بهم شهداء صالحين سعداء.. إنه على ما يشاء قدير.
– مَـا هِي رسالتكم للأعداء؟
نقولُ للأعداء: مهما تكالبتم وتماديتم في سفك دماء الأبرياء والمستضعَفين من أبناء الشعب اليمني فَـإنَّ الشعبَ اليمني لكم بالمرصاد، فأنتم تشاهدون في شاشة التلفاز مدى عظمةِ وثبات الشعب اليمني الذي يُقَدِّمُ التضحياتِ بكل إباء وشموخ، وهو ما تجسده النساء أَيْـضاً، حَيثُ تستقبل ولدَها الشهيدَ بكل أَنَفَةٍ وكبرياءٍ، فعدوانكم لن يحقّقَ أيةَ نتيجة، والنصرُ حليفُنا.